عملية تل أبيب: ليبرمان تحت عدسة مكبرة

محلل إسرائيلي: توجه ليبرمان هو إظهار اعتدال سياسي إلى جانب تشدد أمني. وهذا التوجه سيكون محل اختبار الآن، بينما في خلفية ذلك محاولات فلسطينية لتقليد نجاح عملية تل أبيب، خلال شهر رمضان

عملية تل أبيب: ليبرمان تحت عدسة مكبرة

ليبرمان في موقع عملية تل أبيب أمس (أ.ف.ب.)

لم يهنأ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بزيارته إلى موسكو هذا الأسبوع، رغم حفاوة الاستقبال الذي حظي به. فخلال هذه الزيارة، التي استمرت يومين ونيّف، ترددت مجددا في عناوين الأخبار في إسرائيل قضية الملياردير اليهودي الفرنسي، أرنو ميمران، الذي شهد أمام المحكمة أنه تبرع لحملة نتنياهو الانتخابية بمبلغ كبير نسبيا، 170 ألف يورو، لكن نتنياهو لم يقدم تقريرا حول هذا التبرع السخي إلى السلطات ذات العلاقة.

وقبيل نصف ساعة من هبوط طائرته في مطار بن غوريون، عائدا من روسيا، جاءه نبأ عملية إطلاق النار في مركز 'سارونا' التجاري، على مرمى حجر من مقر وزارة الأمن وهيئة أركان الجيش الإسرائيلي في وسط تل أبيب.

وأشار محلل الشؤون الحزبية في صحيفة 'هآرتس'، يوسي فيرتر، اليوم الجمعة، إلى أن نتنياهو وجد عزاء ربما في عملية تل أبيب. 'بصورة طبيعية، عندما يعود ’الأمن’ إلى مقدمة المسرح، وحتى إذا كانت عودته مرصوفة بدماء مواطنات ومواطنين أبرياء، يعود نتنياهو إلى عنصره. هذا تناقض معروف: عندما يتم قمع الإرهاب، يتفاخر باجتثاثه. وعندما يكون هناك إرهاب، يطرح نفسه كأنه الوحيد القادر على معالجته. والجمهور يقتنع بذلك'.

واعتبر هذا المحلل أن من حظ نتنياهو أن عملية تل أبيب وقعت بعد دخول أفيغدور ليبرمان إلى منصبه كوزير للأمن. 'لا شك أن نتنياهو شهر براحة كبيرة. ومن المؤكد أنه تخيل ماذا كان ليبرمان سيقول وماذا كان سيكتب في صفحته على فيسبوك لو أنه كان لا يزال في المعارضة. أي مطر من التهجمات كان سيُسقط على رئيس الحكومة، وكيف كان سيسخر من السياسة المتهادنة والمترددة التي يقودها نتنياهو ويعالون، وكان سيطالبهما بحماسة أن يستقيلا على خلفية انتشار الفلسطينيين الذين لا يحملون تصاريح دخول إلى إسرائيل في شوارعنا. (لكن) عندما يتواجد ليبرمان داخل الخيمة (أي الحكومة)، فإنه عمليا لا توجد معارضة' لأن رئيس المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، 'منشغل في شق طريقه إلى داخل الحكومة'.

نتنياهو بموسكو: لم يهنأ رغم حفاوة الاستقبال (رويترز)

ورأى المحللون العسكريون، اليوم، أن أداء ليبرمان في أعقاب عملية تل أبيب يتلاءم مع التوقعات منه حتى الآن، وأن هذا أداء يحكمه منصب وزير الأمن الإسرائيلي، وأنه 'أداء منضبط'.

وأوضح المحلل العسكري في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، أليكس فيشمان، أن 'ليبرمان يدرك الآن أنهم يتابعون أداءه تحت عدسة مكبرة، ويتوقعون أن يحرق النادي. وفي الوقت نفسه، يدققون في حجم وزنه في القيادة الأمنية، وكيف يقف أمام رئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلي وهيئة الأركان العامة. ولا يزال حريصا على عزل نفسه عنهم، يظهر ببدلة وربطة عنق، ليقول إنه لا يعتزم التنكر كرجل عسكري، وأنه مدني يشرف على الجيش'.

وأضاف فيشمان أنه إذا أراد ليبرمان السير على أرض صلبة، خلال الأشهر الأولى لولايته على الأقل، 'عليه أن يلتزم (بخبرة) المهنيين، في الجيش والاستخبارات، وبالحقائق والمصالح الباردة، وأن يضع العواطف جانبا'.

واعتبر فيشمان أن ليبرمان أقر رد الفعل الإسرائيلي على العملية بالتشاور مع قيادة الجيش والاستخبارات العسكرية. ورغم أنه تقرر فرض عقوبات جماعية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأهمها تجميد تصاريح الدخول لإسرائيل الممنوحة ل83 ألف فلسطيني، إلا أن المحلل أشار إلى أن 'هذه بطاقة مساومة' تدل على طبيعة الاحتلال الإسرائيلي البغيض. 'التسهيلات هي مسألة تتغير مع الظروف: نحن نمنح تسهيلات لكي يكون هناك شيئا يمكننا أن نأخذه'.

من جانبه أشار المحلل العسكري في 'هآرتس'، عاموس هرئيل، إلى أن التقديرات لدى الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) هي أنه 'تتشكل في الضفة خلايا أخرى، ستنفذ عمليات مشابهة لتلك التي وقعت في سارونا'.

ووفقا لهرئيل، فإن تراجع الهبة الفلسطينية الحالية 'تحقق بقدر كبير بفضل دمج بين الحزم وترجيح الرأي في الجانب الإسرائيلي، مع تنسيق أمني آخذ بالتحسن مع أجهزة الأمن الفلسطينية'.

وأضاف هرئيل أن 'ليبرمان سيكتشف أن ترسانة الخطوات التي بحوزته في الظروف السياسية الراهنة، وفيما لا تريد إسرائيل كسر العلاقة مع السلطة، محدود للغاية'.

اقرأ/ي أيضًا | نتنياهو: اعتقال مشتبه بمساعدة منفذيْ عملية تل أبيب

 

وتابع أن 'ليبرمان موجود في وضع جديد تماما. فقد كان في الماضي عضوا في الكابينيت، لكن مسؤوليته كانت محدودة، فيما رئيس الحكومة ووزير الأمن اعتبرا كمن يتعين عليهما إيجاد الرد على العمليات... وإذا أردنا الحكم عليه بموجب أدائه في أيامه الأولى في منصبه الحالي، يبدو أن ليبرمان يتمسك بتوجه مختلط: إظهار اعتدال سياسي وإلى جانبه تشدد أمني. وهذا التوجه سيكون محل اختبار الآن، فيما في خلفية ذلك محاولات فلسطينية لتقليد النجاح (نجاح العملية) في سارونا، خلال شهر رمضان'.    

التعليقات