"مصر الشريك الأمني الأهم لإسرائيل في المنطقة"

تنظيم "ولاية سيناء" يسعى لوضع أساس لـ"معادلة ردع" جديدة، يقوم في إطارها بجباية ثمن من إسرائيل على ما يعتبره مساعدة فعالة لحرب قوات الأمن المصرية ضده، الأمر الذي يقتضي تعزيز التنسيق الأمني مع قوات الأمن المصرية

"مصر الشريك الأمني الأهم لإسرائيل في المنطقة"

عناصر داعش في سيناء

كان إطلاق الصواريخ، صباح الإثنين، من سيناء إلى النقب الجنوبي، الحادثة الثانية من نوعها خلال أقل من أسبوعين، ومن الممكن أن يعكس تغييرا في طريقة عمل 'ولاية سيناء'، ذراع 'داعش. وفي الحالتين لم تقع إصابات.

وبحسب المحلل العسكري لصحيفة 'هآرتس'، عاموس هرئيل، فإنه يبدو أن تنظيم 'ولاية سيناء' يسعى لوضع أساس لـ'معادلة ردع' جديدة، يقوم في إطارها بجباية ثمن من إسرائيل على ما يعتبره مساعدة فعالة لحرب قوات الأمن المصرية ضده، الأمر الذي يقتضي، بحسبه، تعزيز التنسيق الأمني مع قوات الأمن المصرية، باعتبار أن مصر هي الشريك الأمني الأهم لإسرائيل في المنطقة.

ويضيف أن سلم أولويات 'ولاية سيناء' واضح. وأن الهدف الأهم بالنسبة له هو استنزاف 'نظام الجنرالات المصري'. أما الحرب على  إسرائيل، بالمقارنة، فهي مسألة ثانوية بالنسبة له. وباستثناء العملية التي نفذت في العام 2011، والتي قتل فيها 8 إسرائيليين، بينهم جنود، شمال إيلات، حين كان التنظيم تابعا لتنظيم 'القاعدة'، وإطلاق صواريخ عدة مرات باتجاه إيلات، لم تسجل أية حوادث بارزة لعمليات ضد أهداف إسرائيلية. ولكن يبدو مؤخرا أن شيئا ما بدأ يتغير، وأن تفسير ذلك مرتبط بسلسلة نجاحات حققتها القوات المصرية، في الشهور الأخيرة، في غارات جوية أصيب فيها كثيرون من عناصر داعش، وبضمنهم، بحسب التقارير، القائد السابق للتنظيم في سيناء.

ويشير هرئيل إلى أن إسرائيل ومصر تتحدثان عن تنسيق أمني وثيق بينهما على طول الحدود، دون أن تدليا بأية تفاصيل. وينسب داعش لإسرائيل تقديم المساعدة الاستخبارية للجهود المصرية ضده، وكذلك تنفيذ غارات جوية بواسطة طائرات مسيّرة مسلح (طائرات بدون طيار). ومنذ إطلاق النار على إيلات، حصلت عدة غارات على أهداف لداعش في سيناء. وكان آخرها، مساء السبت الماضي، حيث أصيب عدد من ناشطي التنظيم. أما إطلاق النار، صباح الإثنين، فهو إشارة بالنسبة لإسرائيل، مفادها أنها لا تستطيع أن تراقب ما يحصل في سيناء، فتصعيد القتال سيكون له أبعاد حتى في الجانب الشرقي من الحدود.

وبحسب المحلل العسكري فإن الربط التلقائي في وسائل الإعلام العربية لهجوم الطائرات المسيرة بإسرائيل ليس دقيقا بالضرورة. ففي الشهور الأخيرة بدأت مصر باستخدام طائرات هجومية مسيرة من إنتاج الصين تدعى 'وينغلونغ'. وبحسب وسائل إعلام أجنبية، فإن الصين باعت عدة دول عربية، بينها مصر والسعودية والعراق والإمارات، طائرات هجومية من نماذج مختلفة. كما أن العدد الكبير من الهجمات في سيناء في الأسابيع الأخيرة، التي قتل فيها مواطنون، يشير إلى أن القوات المصرية تلعب جزءا مركزيا في الهجوم.

ويضيف أن الخط القتالي لداعش سيناء تجاه إسرائيل، الذي يمر الآن من التصريحات إلى الأعمال الأولية، من شأنه أن يفسر من خلال استبدال قيادات في التنظيم. حيث يقوده الآن ناشط مصري، ليس من مواليد سيناء، ويعتبر كمن يقود خطا هجوميا. كما أن هناك اعتبارات أخرى مرتبطة بما يحصل في مثلث القوى بين حماس في قطاع غزة، والسلطات المصرية، وفرع داعش في سيناء.

ويدعي هرئيل أن حماس تعاونت سرا مع داعش في سيناء، وأن حماس عالجت جرحى داعش تم تهريبهم إلى مستشفيات قطاع غزة، كما عملت على تهريب ناشطين في التنظيم. ولكن في الشهور الأخيرة حصل تحول في علاقات القاهرة بغزة. وبدأت مصر بتخفيف الضغوط على معبر رفح، والسماح بعبور أناس وبضائع على نطاق أوسع. وفي المقابل، فإن حماس تعهدت بوقف تقديم المساعدة لداعش. وبالتالي فإن لداعش سببين للغضب من حركة حماس. الأول توطيد علاقات حماس مع مصر، والثاني التشدد الذي تبديه حماس حيال التنظيمات السلفلية القريبة من داعش، والتي تم اعتقال العشرات من أنصارها في قطاع غزة مؤخرا.

وينهي المحلل العسكري بالقول إن الواقع في سيناء يتغير. وأن مصر، إلى جانب الأردن، هي الشريك الأمني الأهم لإسرائيل في المنطقة. ولذلك فإن الرد يكمن في توطيد التنسيق مع مصر، على أمل أن تحقق قوات الأمن المصرية نجاحات أخرى في الحرب ضد داعش. ومع ذلك، وعلى المدى البعيد، فمن الممكن أن ينشأ تهديد جديد نسبيا، قد يؤثر على التوزان الهش بين إسرائيل، ومصر، وحماس وداعش، في سيناء وفي قطاع  غزة.

التعليقات