الشرطة لم تحقق رغم المعلومات عن صلات زئيفي بالعالم السفلي

زئيفي لم يكن متورطا في قضايا اغتصاب وملاحقة جنسية فحسب وإنما كانت له صلات مع قادة الجريمة المنظمة والعالم السفلي حيث كان له دور في تهريب مجوهرات مسروقة إلى خارج البلاد وتجارة مخدرات وبيع أسلحة عسكرية وصفقات بيع أراضي فلسطينية

الشرطة لم تحقق رغم المعلومات عن صلات زئيفي بالعالم السفلي

زئيفي في ديوان رئيس الدولة

كشفت محاضر ووثائق 'لجنة شيمرون' أن الوزير الإسرائيلي المقتول، رحبعام زئيفي (غاندي) لم يكن متورطا في قضايا اغتصاب وملاحقة جنسية فحسب، وإنما كانت له صلات مع قادة الجريمة المنظمة والعالم السفلي في البلاد، حيث كان له دور في تهريب مجوهرات مسروقة إلى خارج البلاد، وتجارة مخدرات، وبيع أسلحة عسكرية، ممارسة ضغوط على أصحاب أراض فلسطينيين لبيع الأراضي.

ويتضح أيضا أن الشرطة كان لديها معلومات استخبارية بهذا الشأن، بيد أنها لم تبادر إلى فتح أي تحقيق.

وفي تقرير نشرته صحيفة 'هآرتس'، اليوم الجمعة، بعد أن حصلت على هذه المحاضر والوثائق تشير إلى أنه خلال محادثة بين ضابطين كبيرين في الشرطة الإسرائيلية، في مطعم بمحطة وقود قرب حيفا، قبل 40 عاما، ذكر اسم مجرم معروف عرض تقديم معلومات للشرطة عن قادة العالم السفلي، في حينه، مقابل تخفيف عقوبته. وفي حينه ورد ذكر رحبعام زيفي كمن له ارتباطات في عدة قضايا/ فضائح.

وبعد عدة شهور قال أحد الضباط، رؤوفين مينكوفسكي، رئيس قسم التحقيقات في الشرطة، إنه استغرب لكونه لا يعلم شيئا عن ذلك. وعندها رد عليه الضابط الثاني، يعكوف نحمياس، وهو رئيس الطاقم الاستخباري الخاص في قسم المهمات الخاصة، إن هذه المواد موجود لدى رئيس قسم التحقيقات في حينه، يعكوف كيدمي.

ولفتت صحيفة 'هآرتس' إلى أن علاقات زئيفي مع عصابات الجريمة المنظمة في إسرائيل قد كتب عنها الكثير وقيل عنها الكثير، قبل التحقيق الذي أجراه برنامج 'عوفداه' عن الملاحقة الجنسية والاغتصاب.

والآن يتم الكشف عن محاضر وشخادات لكبار المسؤولين في الشرطة في قسم التحقيقات والاستخبارات في أواخر سنوات السبعينيات، والتي تشير إلى أنه كان هناك نية لدى الشرطة بفتح تحقيق ضده، بيد أن ذلك لم يحصل. وقدمت آلاف الوثائق في حينه إلى لجنة التحقيق برئاسة المحامي أروين شيمرون، وأدلى العشرات بشهاداتهم أمام اللجنة.

وحصلت الصحيفة على قسم من هذه الوثائق والمحاضر، والتي تشير في بعضها إلى أنه كانت لدى الشرطة معلومات استخبارية تنسب لزئيفي التورط في صفقات مخدرات، وتهريب مجوهرات وشراء أسلحة عسكرية لمجرمين، كما كان له دور في ممارسة الضغوط والتهديدات على أصحاب أراض فلسطينيين.

وتبين أن مصدر هذه المعلومات التي تراكمت لدى الشرطة هو ميخا روكنشتاين، والذي كانت متورطا في سرقة المجوهرات عام 1976، وحاول الحصول على تخفيف للعقوبة مقابل تقديم هذه المعلومات. وفي حينه أدين وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 6 سنوات. وخلال تواجده في السجن أقام علاقة مع عضو الكنيست في حينه، إيهود أولمرت، الذي كان يحاول إبراز قضية وجود جريمة منظمة في البلاد وارتباطها بالسلطة.

وفي اللقاء، الذي قام أولمرت بتسجيله وبحضور مراسل صحيفة 'هآرتس' آفي فلنتين، عرض روكنشتاين أمام أولمرت قصة تشير إلى تورط زئيفي في سرقة المجوهرات وفي قضايا أخرى.

وفي حينه شككت الشرطة بالمصدر، رغم أن نحمياس اعتقد أنه ربما يكون ذلك حقيقة، بيد أنه شعر أنه مكبل. أما مينكوفسكي فقد اعتقد أنها معلومات مشكوك بها، في حين احتفظ كيدمي بالمواد، ولم يجر أي تحقيق.

وعندما تشكلت 'لجنة شيمرون' عام 1977، طلب أعضاء اللجنة معرفة لماذا لم تعرض الشرطة على روكنشتاين صفقة ما يدلي فيها بشهادته ضد قادة منظمات الجريمة في إسرائيل، وهي شهادة تكشف تورط زئيفي أيضا، ولماذا امتنعت الشرطة عن إجراء تحقيق. وفي كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه تم استدعاء مينكوفسكي ونحمياس للإدلاء بشهادتيهما أمام اللجنة.

يقول مينكوفسكي إنه بعد يومين من المحادثة التي جرت في محطة الوقود في حيفا، استدعاه المفتش العام للشرطة في حينه، حاييم تفوري، في لقاء حضره كيدمي أيضا. وفي حينه وجه المفتش العام سؤالا لكيدمي لماذا لم يتم أخذ إفادة من روكنشتاين في كانون الأول/ديسمبر من العام 1976. ورد كيدمي بالقول إنه تم تسجيل المحادثة. ويتضح من المحادثة أن المجوهرات والماسات قد وصلت إلى بتسالئيل مزراحي ورحميم أهروني (غومدي)، وأنه تم تهريبها إلى خارج البلاد من قبل جنرال الاحتياط زئيفي.

وجاء أن المفتش العام للشرطة سأل ثانية لماذا لم يتم فتح تحقيق فورا، وعندها أجاب كيدمي أن روكنشتاين لم يوافق على تقديم شهادة مكتوبة، واقترح أن يكون 'واشيا' فقط مقابل امتيازات مختلفة. وبموجب أوامر مفتش الشرطة تم استدعاء روكنشتاين للشرطة عدة مرات، إلا أنه، بحسب أقوال مينكوفسكي أمام اللجنة، لم يطلب أي شيء، بل ادعى أن زوجته وأبناءه في خطر، وعندها أدرك مينكوفسكي أنه لن يقدم شيئا.

وتحدث مينكوفسكي أمام اللجنة عن التسجيلات التي سلمها أولمرت، وفيها يقول روكنشتاين 'وصلت شارع فلورنتين مع شابين ومعنا المجوهرات. كان بتسالئيل وغومدي هناك، في حين جلس غاندي (زئيفي) في المركبة. وبعد انتهاء الصفقة، وحصلت على 200 ألف ليرة، أنزل أحد الشابين المجوهرات إلى غاندي الذي غادر المكان على الفور'.

ويقول مينكوفسكي، إنه بحسب روكنشتاين، فإن بتسالئيل وأهروني وغاندي اجتمعوا في منجرة في تل أبيب، قبل سنتين أو ثلاث سنوات، ووضعوا المخدرات في صناديق خاصة، وكان لغاندي علاقات جيدة مع الشاباك، وبواسطة ذلك تمكنوا من نقل المخدرات إلى خارج البلاد.

كما جرى الحديث في حينه عن صفقة أسلحة عسكرية وصلت إلى بتسالئيل مزراحي. وبحسب التسجيلات فإن روكنشتاين يقول لمينكوفسكي 'أنت تعلم أن غاندي هو الذي أعطاه الأسلحة، فلماذا تسألني؟ هذا معروف في وسط العالم السفلي. سمعت بتسالئيل نفسه يقول إن لديه أداتين سريتين'.

ولدى سؤال الشرطة روكنشتاين عن شراء أراض في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 67، بحسب شهادة مينكوفسكي، فيقول إنه 'سمع ذلك من بتسالئيل مزراحي الذي تحدث بحضوره مع شخص آخر. وقال إنه كان هناك نزاع ولم يرغبوا ببيع الأرض، فأتوا بغاندي الذي هدد المختار، وأنهوا المسألة'.

وبعد مينكوفسكي، أدلى نحمياس بشهادته، وسأله أعضاء اللجنة عن جمع معلومات استخبارية بشأن تورط زئيفي. فقال إن هناك شيئا معطوبا في الإجراءات، وإن هناك ملفا في قسم المهمات الخاصة بشأن زئيفي، باعتبار أنه ملفي سري جدا. مضيفا أنه 'كان هناك إحساس بعدم وجود مثل هذا الملف، وإنه على قناعة بأن المفتش العام للشرطة لم يعلم بوجوده'، وبحسبه فإن 'هناك أمور حساسة جدا ومخفية'.

ورغم أن نحمياس اعتقد بأن شهادة روكنشتاين فيها كذب، إلا أنه يشير إلى إمكانية استخلاص شيء منها، وكان له انتقادات على الشرطة لأنها لم تحاول بما فيه الكفاية تجنيده كشاهد. وفي حينه طلب روكنشتاين نقله إلى سجن آخر كدليل على جدية نوايا الشرطة. وطلب نحمياس من الشرطة، بحسب شهادته أمام اللجنة، أن تلبي له هذا الطلب كي يستمر في تشجيعه على الإدلاء بأقواله، بيد أن الشرطة لم تفعل، واتهمه الأخير بالكذب.

وألمح نحمياس إلى أنه كان هناك في الشرطة من يعمل على عرقلة محاولاته في فحص شهادة روكنشتاين والحصول على تفاصيل أخرى.

في نهاية المطاف، لم يتم فتح تحقيق ضد زئيفي (غاندي)، بل وقام برفع دعوى ضد أولمرت، وانتهت بالتوصل إلى اتفاق بينهما. أما رحميم أهروني وطوفيا أوشري، من قادة 'عصابة الكرم'، فقد أدينا في سنوات الثمانينيات بجريمة قتل مزدوجة في مصنع 'بار بكار'وأمضيا عقوبات طويلة في السجون. أما بتسالئيل مزراحي فلم تتم إدانته مطلقا، بل ربح دعوى ضد صحيفة 'هآرتس'، إلا أن المحكمة العليا قبلت دعوى الصحيفة بأنها أثبتت أنه قام بعقد صفقة مع أوشري وأهروني.

أما روكنشتاين فقد ظل يدخل ويخرج من السجون حتى العام 2005، حيث أطلق عليه النار في إحدى العطل خارج السجن، من قبل راكب دراجة نارية، فأصيب.

التعليقات