الهند من مناصرة قضايا العرب إلى أكبر سوق للتجارة الأمنية الإسرائيلية

بعد عقود من القطيعة مع إسرائيل ومناصرة قضايا العرب والعلاقات الوثيقة مع مصر عبد الناصر بوصفها أحد أركان عدم الانحياز أقامت الهند علاقات مع إسرائيل في العام 1992 وتطورت العلاقات وتحولت الهند إلى المستورد الأكبر للأسلحة الإسرائيلية

الهند من مناصرة قضايا العرب إلى أكبر سوق للتجارة الأمنية الإسرائيلية

(أ ف ب)

فيما يشير إلى تسارع تعزز العلاقات بين إسرائيل والهند في السنوات الأخيرة، تناولت تقارير إسرائيلية وهندية الصفقات الأمنية التي تعقدها إسرائيل مع الهند، علما أنه من المتوقع أن يصل رئيس الحكومة الهندية، ناريندرا مودي، إلى إسرائيل، الثلاثاء القادم، في زيارة تعتبر تاريخية، وذلك من جهة كونها الأولى منذ استقلال الهند بعد انسحاب بريطانيا عام 1947.

يذكر أن الهند، التي كانت تربطها علاقات وثيقة مع مصر عبد الناصر، بوصفها أحد أركان دول عدم الانحياز، لم يكن لها أية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وبعد عقود من عدم الانحياز ومناصرة قضايا العرب، أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في مطلع العام 1992.

وأشار تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في موقعها على الشبكة، اليوم السبت، أن مودي لن يزو السلطة الفلسطينية، ولن يجتمع مع رئيسها محمود عباس، وأنه شدد على أن زيارته إلى إسرائيل لن تتركز في الجانب العسكري، إلا أنه لا يمكن تجاهل التجارة الأمنية الواسعة النطاق بين إسرائيل والهند.

وتشير التقديرات إلى أنه خلال زيارة مودي سيتم التوقيع على عدة صفقات مركزية، علما أن الهند وقعت خلال العام الحالي على صفقة أمنية تعتبر الأكبر في تاريخ إسرائيل.

وبحسب التقرير، فإن الهند تعتبر المستوردة الأكبر في العالم للسلاح الإسرائيلي، وقامت في السنوات الأخيرة بشراء منظومات أسلحة وصواريخ وطائرات مسيرة (بدون طيار)، في حين أن جزءا غير يسير من الصفقات لا يزال طي الكتمان.

وتشير وثائق عرضت في البرلمان الهندي، في السنتين الأخيرتين، إلى أن الهند وقعت على 37 صفقة أمنية مع دول أجنبية، بينها 7 صفقات مع إسرائيل لوحدها، وفقط مع الولايات المتحدة كان عدد صفقات الهند أكبر، حيث وصلت إلى 9 صفقات.

ويضيف التقرير أن الهند تعتبر السوق الأمني الأكبر في العالم، وتخوض إسرائيل في هذا الإطار منافسة شديدة مع الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.

وأشار التقرير إلى أن الهند معنية جدا بالعلاقة الأمنية مع إسرائيل، وخاصة في التطويرات المشتركة، من جهة نقل المعرفة الإسرائيلية والإنتاج إلى الهند، إضافة إلى تعزيز التعاون مع شركات هندية رائدة.

ويتضح أن إسرائيل تتميز عن دول أخرى من جهة استعدادها لنقل جزء مركزي من الإنتاج إلى الهند، وهو على رأس سلم أولويات مودي، الذي يرفع شعار "الإنتاج في الهند" (Make in India)، وذلك بهدف خلق أماكن عمل في سوق يضم مئات الملايين من البشر.

وفي إطار الصفقة الضخمة، التي تعتبر الأكبر في تاريخ الصناعات الأمنية الإسرائيلية، والتي تم التوقيع عليها في نيسان/أبريل الماضي، ستحصل الهند على كل مركبات منظومة "MRSAM"، وهي نموذج للمنظومة الدفاعية "براك 8"، ومنصات إطلاق صواريخ، وصواريخ ووسائل اتصال ومنظومات تحكم ومراقبة ومنظومات كاشوف (رادار).

يشار إلى أنه أجريت 3 تجارب على منظومة "MRSAM" على أراضي الهند، في حزيران/يونيو الماضي، ووصف مدير المشروع المنظومة بأنها "لا مثيل لها في العالم". وكان قد تم التوقيع على الصفقة في أعقاب زيارة الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين للهند في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وكان ريفلين، الذي رافقة وفد كبير من رجال الأعمال بينهم كبار المسؤولين في الصناعات الأمنية الإسرائيلية، قد عمل خلال زيارته على الدفع باتجاه عقد صفقات أمنية كبيرة بين إسرائيل والهند.

ويضيف التقرير، أنه بعد شهر من توقيع الصفقة الضخمة الأولى، وقعت الصناعات الجوية الإسرائيلية على صفقة أخرى، يتم بموجبها تركيب النموذج البحري للمنظومة الدفاعية "براك 8"، والتي يطلق عليها "LRSAM"، وهي منظومة تم تطويرها في الأساس لحماية القطع البحرية والمنشآت الإستراتيجية البحرية. وقد تم تركيبها على 4 سفن حربية تابعة لسلاح البحرية الهندية. كما تضمنت الصفقة شراء رادار وصواريخ اعتراضية، ومنظومات تحكم ومراقبة تابعة لها.

إضافة إلى ذلك، وفي إطار الصفقة، فقد تعهدت إسرائيل في نيسان/أبريل الماضي بتركيب "LRSAM" على حاملة الطائرات الهندية الأولى "فيكرانت". وكان قد تم في السنتين الأخيرتين إجراء عدة تجارب في الهند على منظومة "LRSAM". وفي العام الماضي، فإن الصاروخ أطلق من منصة متحركة، وتم في حينه إخلاء آلاف الهنود لإجراء التجربة.

ولفت التقرير إلى أنه منذ 3 سنوات تعمل إسرائيل على عقد صفقة مع الهند لبيعها صواريخ مضادة للدبابات من طراز "سبايك". وتأمل إسرائيل أن يتم التوقيع نهائيا على الصفقة مع زيارة رئيس الحكومة الهندية.

يذكر أن الصاروخ "سبايك" ذو توجيه ذاتي كامل نحو الهدف، وخلال تحليقه يستطيع مفعّله مراقبة الصورة المرئية من داخل الصاروخ، كما يستطيع، في حال اقتضت الضرورة، تغيير الهدف الذي انغلق عليه الصاروخ.

يشار إلى أنه تم بيع صاروخ "سبايك" إلى أكثر من 25 دولة، ولكن الهند رفضت في السنوات الأخيرة استكمال الصفقة بسبب التكاليف الباهظة.

ومن المتوقع، بحسب التقرير، أن تشتمل الصفقة في المرحلة الأولى على 275 منصة إطلاق، على الأقل، و 5500 صاروخ، وكذلك أجهزة محاكاة، إضافة إلى معلومات تكنولوجية. ومن غير المستبعد أن تعقد الهند، في نهاية المطاف، صفقة بشأن كل الصواريخ التي تحتاجها، والتي تقدر بنحو 37,800 صاروخ، و 1900 منصة إطلاق.

وكانت قد تحدثت تقارير في تشرين الثاني/نوفمبر عن اتفاق الهند مع إسرائيل على شراء منظومة "فالكون"، المعروفة باسم "AWACS" للإنذار المبكر، علما أنه يوجد لدى الهند اليوم ثلاث منظومات فالكون، تم تركيبها على طائرات "إليوشين 76" الروسية، وذلك في أعقاب عقد ثلاثي تم التوقيع عليه بين إسرائيل والهند وروسيا في العام 2003. ومؤخرا قامت الهند بشراء طائرتي "إليوشين 76" آخريين، وتنوي تحويلها إلى طائرات تجسس بواسطة تركيب منظومة "فالكون".

وتشتمل منظومة "فالكون"، من جملة ما تشتمل عليه، على كاشوف (رادار) متطور، يتم تركيبه على هيكل الطائرة أو فوقها، ويقوم بعملية مسح بـ360 درجة، كما يستطيع اكتشاف تهديدات جوية من طائرات أو صواريخ عن بعد 400 كيلومتر. كما يشتمل على منظومات لتشخيص طائرات معادية أو صديقة، إضافة إلى مركبات استخبارية إلكترونية.

وفي إسرائيل، فقد تم تركيب منظومة "فالكون" على طائرات "غالفستريم 5"، ويمكن تركيبها على طائرات "بوينغ" أيضا.

يذكر في هذا السياق أنه قبل نحو 20 عاما كانت إسرائيل على وشك بيع هذه المنظومة للصين، الأمر الذي أدى إلى أزمة مع الولايات المتحدة، هددت فيها الأخيرة بقطع المساعدات عن إسرائيل في حال تمت الصفقة.

وأعلن العام الماضي، أن "سلطة تطوير الوسائل القتالية – رفائيل" سوف تزود سلاح الجو الهندي بـ164 منظومة ملاحة وتسديد من طراز "لايتينينغ"، والتي تستخدمها الهند في أربع طائرات قتالية مختلفة، بينها طائرات "سوخوي 30". وحصلت الهند على النموذج الجديد من "لايتينينغ 4"، وهو نموذج متطور مزود بكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء وكاميرات خاصة تساعد في تحديد الأهداف على الأرض، وخاصة في المناطق الكثيفة بالسكان. كما تحدثت تقارير عن شراء الهند لـ250 قنبلة موجهة دقيقة، في إطار الصفقة.

وتحدثت تقارير هندية عن اتفاق سري، إضافة إلى منظومة "فالكون، يتضمن شراء الهند لـ10 طائرات مسيرة من طراز "هارون TP" ضخمة، والتي تطلق عليها إسرائيل "إيتان". وكان قد اشترت الهند طائرات مسيرة من طراز "هارون" في العقد السابق، إلا أن "إيتان" الضخمة الجديدة تعتبر تطويرا جديا للأولى.

وتضمنت هذه الصفقة السرية تركيب منظومات اتصال واستخبارات متطورة، وقدرات على إطلاق أسلحة موجهة وصواريخ تكتيكية.

يذكر في هذا السياق، أن ألمانيا ألغت صفقة مماثلة مع إسرائيل، وذلك في أعقاب زيارة قام بها سياسيون ألمان للبلاد، واكتشفوا أنه تم تركيب منظومات أسلحة على الطائرات المسيرة. ولأسباب أيديولوجية وسياسية أنزلت الصفقة عن جدول الأعمال.

ومع الإشارة إلى أن الهند أبدت في السابق استعدادها لشراء منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ، وعلاوة على إقامة مصنع في الهند لإنتاج الأسلحة الخفيفة سوية مع الصناعات العسكرية الإسرائيلية، فقد شدد التقرير على أن الأسلحة المشار إليها هي جزء من الصفقات التي تم التوقيع عليها، وفقط الجزء الذي سمح بالنشر عنه.

كما لفت التقرير إلى أنه سيشارك طيارون من سلاح الجو الهندي في تدريبات قتالية للمرة الأولى، في الخريف القادم، مع طيارون من سلاح الجو الإسرائيلي، في المناورة التي يطلق عليها "علم أزرق"، وهي تدريبات دولية مشتركة تجري منذ العام 2003 في قاعدة "عوفداه" الجوية في النقب. ومن المتوقع أن تكون الأضخم في العام الحالي، حيث يشارك فيها طيارون من الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليونان وبولندا وفرنسا والهند أيضا.

ونقلت الصحيفة عن تقارير هندية قولها إن "التدريبات القتالية المشتركة لسلاح الجو في كل من الهند وإسرائيل تأتي كدليل عن تعزز العلاقات الأمنية بينهما".

وفي إطار الاستعدادات لزيارة رئيس الحكومة الهندية، ناريندرا مودي، وصل إلى البلاد قائد سلاح الجو الهندي، واجتمع مع كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بينهم رئيس هيئة الأركان، غادي آيزنكوت. وبحسب تقارير هندية فقد استعرض التقدم في مجال "المشاريع المشتركة والاستثمارات مع إسرائيل". 

التعليقات