"نتنياهو وإردان بين المطرقة والسندان"

* نتنياهو يسعى لتعيين الجنرال فينتر المقرب من بينيت في منصب السكرتر العسكري طمعا باجتذاب أصوات التيار الديني القومي والمستوطنين * حرب نتنياهو على الشرطة وضعت إردان بين المطرقة والسندان

* نتنياهو يسعى لتعيين الجنرال فينتر المقرب من بينيت في منصب السكرتر العسكري طمعا باجتذاب أصوات التيار الديني القومي والمستوطنين

* حرب نتنياهو على الشرطة وضعت إردان بين المطرقة والسندان وبات يبحث عن مهرب من "عش الدبابير" مثل منصب في السفارة في واشنطن أو في الأمم المتحدة..


من المفترض أن يعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قريبا، عمن اختاره لإشغال منصب السكرتير العسكري، بيد أنه يتلكأ في التعيين سعيا منه لتعيين أحد الجنرالات المحسوبين على التيار الديني القومي، رغم كونه مقربا من رئيس "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت.

وكما هو معتاد في الجيش، منذ فترة طويلة، فإنه مع حلول موعد إجراء التغيير، فإن رئيس أركان الجيش يقدم لرئيس الحكومة أسماء عدد من المرشحين، وعلى الأخير أن يختار أحدهم. وفي حال لم يختر أحدا منهم، يطلب من رئيس الأركان تقديم مجموعة جديدة من الأسماء المقترحة. وفي كل الحالات فإن رئيس أركان الجيش، الذي يخضع السكرتير العسكري لإمرته خلال خدمته في مكتب رئيس الحكومة، هو الذي يقدم التوصية بهذا الشأن.

وقبل أسابيع معدودة، عرض رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، على نتنياهو أسماء ثلاثة جنرالات من قادة الفرق العسكرية: يهودا فوكس قائد فرقة "أوغدات عزة"، ويانيف عشور قائد "أوغدات هجولان"، وأوري غوردين قائد فرقة "عوتسبا هئيش"، ولكن نتنياهو لم يحسم بعد بهذا الشأن.

وبحسب المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، فإن السبب هو أن نتنياهو معني باختيار الجنرال عوفر فينتر، رئيس مقر قيادة المركز في الجيش الإسرائيلي، والمقرب من رئيس "البيت اليهودي" نفتالي بينيت.

ويشير في هذا السياق إلى أن اسم فينتر ارتبط بعدة فضائح، أولها "صفحة القائد" وهي تتضمن نصا خلاصيا متعصبا بعث به إلى الجنود الإسرائيليين على حدود قطاع غزة خلال الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع في صيف العام 2014؛ والأداء الخطير والمعطوب في قضية الملاحقات الجنسية في وحدته العسكرية؛ والمعلومات التي قدمها سرا، خلافا للتعليمات العسكرية، إلى سياسي صديق له، وهو الوزير نفتالي بينيت، خلال الحرب نفسها.

كما يشير إلى أن فينتر دأب على الاجتماع ببينيت، عضو المكتب السياسي – الأمني، في الأحراش وفي مركبة الوزير، وإطلاعه على ما يحصل على الأرض، وذلك كي يستخدم الأخير هذه المعلومات في جلسات الطاقم الأمني.

ويتابع فيرتر، أن مجرد حقيقة إصرار نتنياهو على تعيين فينتر، حتى كتابة هذه السطور، تحتاج إلى تفسير. حيث أنه من الغرابة بمكان أن يكون نتنياهو، المتشكك والمصاب بعقدة الملاحقة، على استعداد أن يعين إلى جانبه شخصا على علاقة صداقة متينه ومتواصلة مع نفتالي بينيت.

ويلفت الكاتب إلى بينيت وفينتر أصدقاء منذ نحو 20 عاما، منذ خدمتهما العسكرية كضباط صغار في وحدات النخبة. وأثبتت هذه الصداقة نفسها في "الأحراش والمقعد الخلفي لمركبة الوزير الحكومية في صيف العام 2014"، وفي التصريحات العلنية لبينيت لصالح فينتر في مناسبات كثيرة عندما لم يكن الإعلام إلى جانب الأخير.

في المقابل، يشير إلى أن نتنياهو على استعداد لـ"شطب اسم أي شخص بسبب سمعة عن علاقة غير مؤكدة مع شخص آخر كان على خلاف معه قبل عقد من الزمان. فكيف يمكنه أن يتبنى حليفا لخصم آني ومستقبلي؟".

وبحسب الكاتب، فإنه من المحتمل أن السبب يكمن في الوسط الذي ينتمي إليه فينتر، فهو محسوب على المعسكر الديني القومي، على شاكلة آفي إيتام، فنتنياهو "يتطلع بنظرة طامعة إلى معقل الدعم الانتخابي لبينيت في المستوطنات، ويرى بفينتر ورقة رابحة في المعركة على الرواية. وعندما يكون فينتر إلى جانبه في الجولات في الجيش، وفي اللقاءات مع ترامب وبوتين وباقي قادة العالم، وفي الهرولة الأسبوعية إلى جلسات الحكومة، فإن في ذلك صورة انتصار بالنسبة له، فالمستوطنون سيكونون سعداء، ويكسب هو مقاعد إضافية في الكنيست، ويحظى بدعم شعبي إلى حين تقديم لائحة اتهام محتملة ضده".

وأشار إلى أن الجهاز السياسي يتابع عن كثب هذه المسألة، وسط اعتقاد بأن الأمر يكمن في مسكن نتنياهو في شارع "بلفور"، فهناك من يدفع، أو دفع بفينتر إلى المنصب الحساس في المركز السياسي الأمني، وسط مكتب رئيس الحكومة.

ويخلص إلى أنه حتى الأسبوع الأخير، فإن التعيين لا يزال يتأجل، بينما ينتظر الجيش الإسرائيلي، وينتظر أيضا مكتب رئيس الحكومة، في حين أن "البيت اليهودي"، الذي يعتبر فينتر عزيزا عليه، يأمل ويصل من أجل هذا التعيين.

حرب نتنياهو على الشرطة وإردان بين المطرقة والسندان

إلى ذلك، تطرق المحلل السياسي إلى هجوم نتنياهو على الشرطة "التي تحقق بشكل جذري في الشبهات الخطيرة المنسوبة له"، مشيرا إلى أن نتنياهو قد أطلق الرصاصات الأولى ضد الشرطة قبل نحو عام، حيث تحدث ضباط كبار في الشرطة عن "رسائل ضبابية، وإشاعات مغرضة، وكتابات على الشبكة من مؤيدين لنتنياهو غير معروفين"،

وفي المقابل فإن وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، قد وقع بين المطرقة والسندان، ويتسع الشرخ بينه وبين نتنياهو، لدرجة البحث عن منصب آخر في سفارة واشنطن أو في الأمم المتحدة.

وأشار الكاتب إلى أنه في تلك الفترة بدأ عضو الكنيست دافيد إمسالم (الليكود) بالعمل على مشروع قانون "ضد الشرطة". وبحسبه فإن "فرض قيود على الاستقلالية الميزانياتية، وفحص بوليغراف (جهاز كشف الكذب) جماعي للضباط، والاقتراح بمنع إجراء تحقيق مع رئيس حكومة لا يزال في منصبه"، كل هذه الأمور بدت في حينه عفوية، ولم ينسب لها أهمية اكبيرة، حيث لم تظهر فيها بصمات مكتب رئيس الحكومة ومسكنه.

ويتابع أن كل ذلك تغير في الأسبوع الأخير، عندما نزع نتنياهو القناع عن وجهه، وهاجم المفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، بسبب ما وصفه "تسونامي تسريبات"، لم تكن ولم تثبت صحتها. ويضيف أن الخيوط بدأت تتشابك وبدأت تضح الصورة، وباتت قيادة الشرطة على قناعة بأن نتنياهو "قرر تصفية الجهاز، ونزع شرعيته من خلال تلطيخ صورة المفتش العام للشرطة وآخرين، قبل انتهاء التحقيقات بشأنه، ونقل الملف إلى النيابة العامة".

ويشير فيرتر إلى أن أنجع الطرق لتقويض مصداقية المفتش العام للشرطة هي نسب نوايا سياسية له، ولذلك نشر موقع إخباري مؤخرا، مقرب من المسكن في بلفور (مسكن نتنياهو)، يدعي أن الشيخ ينوي الترشح لرئاسة "البيت اليهودي"، وتبين لاحقا أنه غير صحيح. بحسبه.

وتوقع أن تفتتح الدورة الشتوية للكنيست، الإثنين القادم، بحملة تشويه يقوم بها مقربون من رئيس الحكومة ضد الهيئة التي تجمع الأدلة ضده، وبينهم أصدقاء يائير نتنياهو الابن.

ولفت في هذا السياق إلى أن الحملة بدأت هذا الأسبوع، بعد أن رفع أحد أفراد الشرطة السلاح بوجه المتظاهرين الحريديين، واستغل المسؤول عن الإعلام في مواقع التواصل الاجتماعي والمعين من قبل نتنياهو، يوناثان أوريخ، الفرصة، وكتب في حسابه على تويتر "إذا تطور الأمر إلى حملة إعلامية للشرطة، فإن ذلك قد يتدهور يوم غد إلى المزيد من التسريبات من التحقيقات".

كما أشار إلى أن نصب البوابات الإلكترونية على مداخل الحرم المقدسي، في تموز/يوليو الفائت، استخدمت كأداة بيد نتنياهو في المعركة ضد الشرطة، حيث سرب مكتب رئيس الحكومة أن الشرطة هي التي قدمت توصيات ودفعت باتجاه نصب البوابات الإلكترونية، وتبين لاحقا أن العكس هو الصحيح.

وبحسب فيرتر، فإن "من يسمع حديث كبار ضباط الشرطة عن نتنياهو والوزير غلعاد إردان، يشعر بالخوف، حيث ينسب للأول صفات وسلوكيات مجرم محترف يسعى لترويع المحققين، بينما ينسب للثاني تحالفات سياسية مع ناشطين مشكوك بأمرهم في الليكود". ويضيف أن ذلك يعكس صورة الواقع الإشكالي جدا بين جهاز الشرطة وبين المستوى السياسي.

ويشير في هذا السياق إلى أن "إردان يبحث عن مخرج في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، أو في الأمم المتحدة، أو في أي مكان مناسب، فقط من أجل الهروب من عش الدبابير الذي يهدد بتدمير حياته السياسية".

ويتابع أن إردان وقع بين المطرقة والسندان، بين الشرطة وبين مكتب رئيس الحكومة، حيث أن أنصار نتنياهو يحملونه مسؤولية إقامة هيئة البث كوزير للاتصالات، ولم يمنع أو يعرقل أو يستخدم صلاحيات غير متوفرة لديه لوقف التحقيقات ضد نتنياهو. وفي المقابل، تنظر إليه الشرطة بتشكك، وتعتقد أنه على تنسيق، جزئي على الأقل، مع عضو الكنيست إمسالم.

وتوقع أن تتزايد الضغوط على إردان مع اشتداد هجوم رئيس الحكومة على الشرطة، حيث من المفترض أن يقف إردان إلى جانب الجهاز الذي يتبع وزارته، وفي هذه الحالة من المتوقع أن يتسع الشرخ بينه وبين نتنياهو.

التعليقات