هل تعاون يهود مع النازيين؟

نشرت جريدة "حيروت" اعتمادا على مصدر مأذون له، أن هناك 120 متهما بارتكاب جرائم ضد اليهود يتجولون في إسرائيل، وأن من بينهم 7-8 مسيحيين والباقي من اليهود

هل تعاون يهود مع النازيين؟

من الأرشيف

على خلفية الخلاف الإسرائيلي الذي نشب مؤخرا مع الحكومة البولندية، حول القانون الذي يجرّم الإشارة إلى كون بولندا تتحمل أي مسؤولية عن الفظائع النازية التى ارتكبت على أراضيها. وفي ظل تصريحات نتنياهو التي وصف فيها حديث رئيس الحكومة البولندي، ماتيوس مورافسكي، عن وجود متعاونين يهود مع النازيين وليس بولنديين فقط، بأنه كلام فاضح وتزوير للتاريخ، أعادت صحيفة "هآرتس" نشرتقرير كانت قد نشرته في الثاني من حزيران 1945، بعد وقت قصير من انتهاء الحرب العالمية الثانية، تحت عنوان "اليهود من بين مجرمي الحرب" يفضح تعاون الكثير من اليهود مع الجرائم النازية.

التقرير الذي أعده مندوب "هآرتس" في اسطنبول، حاييم بلتسن، والذي كان قد خدم في الجيش البريطاني خلال الحرب أورد جملة من الحالات التي تعاون فيها يهود مع النازيين، بشكل من الأشكال، حسب المعلومات التي وصلت إليه.

وتساءل الكاتب بدهشة في مقدمته، عما إذا كان أناس يهود ايضا شركاء في عملية سفك الدماء الرهيبة التي وقعت ضد اليهود، وهل تعاونوا مع المجرمين النازيين؟

وأورد التقريرأمثلة عينية على تعاون يهود مع النازيين بينها، حالة "ر" الذي عمل في اليونان، وساعد رجال الـ "إس.إس" للإيقاع باليهود لكي يقوموا بالتسجيل حسب أوامر النازيين، وبعدها يتم تجريدهم من جميع الأملاك، الأموال والذهب والمجوهرات والأشياء الثمينة التي بحوزتهم.

ويعرج التقرير على مجموعة من اليهود في رومانيا تاجروا بدماء أبناء جلدتهم، واغتنوا من وراء ذلك، قبل أن يصل إلى أفراد المجموعة الذين كانوا في "المركز اليهودي" الذي أقامه "الغستابو"، والذين كانوا مجموعة من الخونة اليهود العملاء للغستابو، وهو يذكر من بينهم طبيبا رومانيا يهوديا، يدعى نندور جينجولد، اعتنق الديانة المسيحية لاحقا، كان على رأس المنكلين باليهود وقد تمت محاكمته بعد الحرب، واودع السجن.

ويهودي اخر هو "أ. و" وصف بأنه عمل قوادا لدى من كان يعرف بغوبلز الروماني، وهو د. إيليا راودولاسكو، حيث كان يبتز اليهود بثمن رفع سيف الإرهاب الذي يسلطه عليهم مشغله.

التقرير يشير أيضا إلى نوع آخر من العملاء اليهود الذين عملوا في معسكرات الإبادة، من الذين قاموا بدور مخبرين وجواسيس لإحباط أي محاولة يائسة للرفض أو المقاومة، حيث كان يجري إعدام من يتم الإخبار عنهم مع عائلاتهم بشكل فوري.

وكان كتاب للباحث الإسرائيلي في مجال المحرقة، إيتمار لفين، صدر قبل مدة وجيزة، بعنوان "كابو في اللنبي"، قد كشف أن عشرات اليهود جرى اعتقالهم في إسرائيل في سنوات الخمسينيات، وتمت محاكمتهم بتهمة مساعدة النازيين، وأن أحدهم حكم بالإعدام.

وقد أقر الكنيست عام 1950 قانونا لمحاكمة النازيين ومساعديهم، والذي يسمح لإسرائيل بمحاكمة النازيين وشركائهم ومساعديهم بتهمة قتل اليهود، والذي تضمن بندا ينص على محاكمة يهود متهمين بمخالفات ضد سجناء يهود خلال المحرقة.

وتورد "هآرتس" أنه في نهاية السنة ذاتها، وبعد وقت قصير من إقرار القانون، نشرت جريدة "حيروت" اعتمادا على مصدر مأذون له، أن هناك 120 متهما بارتكاب جرائم ضد اليهود يتجولون في إسرائيل، وأن من بينهم 7-8 مسيحيين والباقي من اليهود. وأشارت الصحيفة إلى أن من بين المتهمين طبيبا في صندوق المرضى في الخضيرة، ونادلا في مقهى "بساج" في تل أبيب.

الباحث الإسرائيلي لفين عثر على توثيق لـ 23 محكمة ضد من كانوا يعرفون بلقب "كابو"، من أفراد الشرطة والأطباء، كلهم من اليهود المتعاونين مع النازيين، وهو يقول إن الشهادات صعبة على القارئ رغم مرور فترة طويلة من الزمن.

وجرت في آب/أغسطس 1951 محاكمة موشيه بوتشتش الذي شغل منصب نائب قائد شرطة معسكر الإبادة أوستروبيتس في بولندا ومدير معسكر العمل الذي أقيم خارج المدينة، وهو اليهودي الأول الذي يقدم للمحاكمة في إسرائيل بتهمة التعاون مع النازيين.

وتضمنت لائحة الاتهام التي قدمت ضده بند ارتكاب جريمة حرب، استنادا إلى قيامه وبشكل دائم ومنهجي بضرب الكثير من نزلاء الغيتو ومعسكر العمل، والتسبب لهم بجراح ومعاناة للكثير منهم، وكذلك بند ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، لقيامه بالتنكيل بقسوة بمعتقلي المعسكر وضربهم بشكل دائم ومنهجي، دون مبرر وبدون تمييز.

متهم اخر وردت قصته في الكتاب هو يحزقيل إينجستر، وكان مسؤول قسم في معسكر جروس روزان في ألمانيا ومتهما بالقتل والتنكيل والتسبب بموت سجناء. وقد حكمت عليه المحكمة المركزية في تل أبيب بالإعدام، وقامت العليا بتخفيض الحكم، ثم حصل على إعفاء من وزير الشرطة ومات بعد بضعة أيام.

ويخلص الباحث لفين إلى أنه جرى تقديم 40 لائحة اتهام، انتهت تسعة منها بالبراءة و14بالإدانة، دون أن يذكر مصير الباقي، فيما كان معدل العقوبة التي فرضت على المدانين 17 شهرا. كما يشير إلى أن وثائق نصف المحاكمات لم تعد موجودة، بعضها ضاع وبعضها تمت إبادته، في حين أن حالة القسم المتبقي سيئة، واحتاجت مراجعتها إلى جهد تمحيصي شاق.

التعليقات