إسرائيل وروسيا.. تصالح المصالح رغم ضرب سورية

رغم الهجوم الثلاثي الذي نفذته أميركا وبريطانيا وفرنسا على سورية، السبت، والضربات التي نسبت إلى السلاح الحربي الإسرائيلي وطالت مقرات عسكرية لنظام بشار الأسد، بيد أن "الخط الساخن" بين موسكو وتل أبيب لم يتضرر، حيث يتواصل العمل والتنسيق.

إسرائيل وروسيا.. تصالح المصالح رغم ضرب سورية

(أ ب)

رغم الهجوم الثلاثي الذي نفذته أميركا وبريطانيا وفرنسا على سورية، السبت، والضربات التي نسبت إلى السلاح الحربي الإسرائيلي وطالت مقرات عسكرية لنظام بشار الأسد، بيد أن "الخط الساخن" بين موسكو وتل أبيب لم يتضرر، حيث يتواصل العمل والتنسيق من وراء الكواليس رغم التوتر الذي عكسته وسائل الإعلام بين روسيا وإسرائيل.

وقللت المراسلة السياسية لصحيفة "هآرتس" نوعى لاندو، من التوتر بالعلاقات بين روسيا وإسرائيل على خلفية الضربات على سورية، ورجحت أن العلاقات بين البلدين ورغم تباين المواقف من الضربات على نظام بشار الأسد، لم تتضرر رغم السجال الدبلوماسي عبر وسائل الإعلام، وقدرت أن ما يسمى بـ"الخط الساخن" بين الكرملين ووزارة الأمن في تل أبيب حيال الأوضاع في سورية ما زال يعمل دون أي توقف.

وفي الوقت الذي تخيم الضبابية على مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين موسكو تل أبيب، قطعت المراسلة السياسية الشك باليقين باستبعاد تأزم العلاقات بين البلدين، ولفتت إلى المصالح المشتركة المكتسبة عبر العلاقة المستقبلية بين إسرائيل والدولة العظمى في المنطقة روسيا حيال كل ما يتعلق بتعزيز الوجود الإيراني بسورية وتحديدا على خط وقف إطلاق النار بالجولان المحتل.

وأوضحت المراسلة السياسية، أنه في العلن وعقب قصف القاعدة العسكرية الـ"تيفور" في حمص، وهو الهجوم الذي نسب إلى الطيران الحربي الإسرائيلي، عمدت روسيا على بث مؤشرات لأزمة دبلوماسية مع إسرائيل تعدت الشجب والاستنكار من قبل الكرملين بدعوة السفير الإسرائيلي في موسكو لجلسة استماع.

بيد أنها ترجح أن الحديث يدور عن إجراءات رمزية لا تحمل بمضمونها أي جوهر من شأنه أن يشيب على مستقبل العلاقات بين البلدين، مبينا أن هذا الإجراء الدبلوماسي هدف إلى بث مؤشرات تجاه الخارج والمجتمع الدولي، بأن روسيا ممتعضة من العمليات الإسرائيلية بسورية التي تعتبرها موسكو جزء من "سيادتها".

لكن من وراء الكواليس، واعتمادا على مصادر مطلعة وعلى داريه بجوهر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تشير المراسلة السياسية إلى تواصل التنسيق الدبلوماسي والأمني بين موسكو وتل أبيب عبر ما وصفته بـ"الخط الساخن"، وهو الإجراء الذي أدى لتبدد التوتر وإعادة الاستقرار والهدوء للعلاقات بينهما منذ قصف القاعدة العسكرية الـ"تيفور".

وتجزم أن القصف وضرب سورية لم ولن يتسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين، على الرغم أنه يتم وصف الوضع بـ"الحساس والمتوتر" أكثر من أي وقت مضى، إذ تدأب إسرائيل، حسب المراسلة السياسية، الحفاظ على الهدوء وضبط النفس في التعقيب والتصريحات أو الرد على الجانب الروسي، ما توصيات رئيس الحكومة نتنياهو، للوزراء بعدم إدلاء باي تصريحات تتعلق بتطورات الأحداث على الساحة السورية.

وتقدر شخصيات إسرائيلية أن الدافع وراء رد الفعل الروسي الصارم وغير المعهود، هو حالة التأهب القصوى والطوارئ في الكرملين عشية الهجوم الغربي على سورية الذي قادته أميركا، وذلك في الوقت الذي تؤسس روسيا لموضع قدم وتعزز من نفوذها ومكانتها في الشرق الأوسط قبالة دول عظمى أخرى.

ولأن روسيا تسعى لمواصلة جهودها لتعزيز مكانتها ونفوذها في الشرق الأوسط، أختارات عدم انتقاد ومهاجمة دول الغرب وأميركا، وبالمقابل اختارت توجيه جل غضبها وسخطها وانتقاداتها إلى إسرائيل، حيث حددت الاعتبارات المختلفة لهجة الخطاب الروسي في الانتقاد أو حتى في الإجراءات الدبلوماسية قبالة إسرائيل، عبر اختيار وسائل دبلوماسية تعبيرية وكلامية فقط، فيما دأبت موسكو الحفاظ على سياسة الوضع القائم مع أميركا في منطقة الشرق الأوسط.

وفي الوقت الذي تشهد العلاقات العلنية بين البلدين حالة من المد والجزر على خلفية تطورات الأحداث الميدانية بسورية، لكن ثمة من يرجح أن العلاقات بين البلدين متينة ووطيدة، كونها تحظى بعناية فائقة وعالية مباشرة من قبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي يتولى أيضا وزارة الخارجية، حيث أشاد في كثير من المناسبات بالعلاقات الشخصية الوطيدة التي تجمعه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهي العلاقة التي يوظفها من أجل لتحصين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

في السنوات الأخيرة التقى نتنياهو وبوتين 7 مرات إلى جانب تبادل الزيارات الرسمية للبلدين، فيما تعززت الاتصالات الهاتفية والتواصل والتنسيق بالمواقف بينهما بالشأن السوري حتى بعد الضربات على سورية والتي نسبت إلى إسرائيل.

وعزا نتنياهو تطوير وتعزيز العلاقات مع بوتين إلى خلق آليات وقناة اتصالات توضح وتحدد المواقف الإسرائيلية ورؤيتها المستقبلية وكذلك تنسيق وتحديد التوقعات ووضع إستراتيجيات مشتركة تضمن حرية العمل والنشاط والمصالح الإسرائيلية في المنطقة.

وتشير المراسلة السياسية، على أن هذه السياسات والعلاقات السائدة بين البلدين ورغم التوتر تشير إلى التقاء المصالح بين موسكو وتل أبيب في سورية والمنطقة، وهو الأمر الذي يعززه التنسيق المكثف والمتواصل، وتتساءل، لولا هذه العلاقات وهذا التنسيق كيف كانت ستطور الأمور الميدانية في ظل تصاعد التوتر على خط وقف إطلاق النار؟.

وهو السؤال الذي يطرحه غالبا من لديهم إطلاع واختصاص بجوهر العلاقات بين البلدين، إذ تأتي هذه "العلاقات الساخنة" حتى عندما توجه روسيا انتقادات علنية لإسرائيل أو حتى عندما تسمح موسكو بالتموضع الإيراني وتعزيز نفوذ طهران بسورية.

المستوى الثاني الذي يشرف على العلاقات بين البلدين، يركزه مستشار الأمن القومي، مائير بن شابت، الذي يدأب على تحصين وتدعيم هذه العلاقات، وليس صدفة أن يقوم بن شبات بإجراء اتصالات ومفاوضات مع مسؤولين من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والتنسيق قبيل شن الهجوم الثلاثي على سورية.

ولتعزيز علاقاته بروسيا، يستعين نتنياهو بالوزير زئيف إليكن الذي غالبا ما يرافقه في الزيارات التي تجمعه ببوتين، كما أن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، هو الآخر يوظف علاقاته في الكرملين لتدعيم العلاقات الإسرائيلية الروسية، فيما تبقى وزارة الخارجية الإسرائيلية على هامش هذه العلاقات والاتصالات على الرغم من أن مدير عام الوزارة يوفال روتم يعتبر المؤتمن على إسرار نتنياهو الذي يتم اطلاعه كما السفير الإسرائيلي في موسكو على كواليس العلاقات وتقاطع المصالح مع موسكو بسورية.

 

التعليقات