استشهاد أبو القيعان: منع التحقيق مع شرطي أطلق النار

منع المدعي الإسرائيلي العام إجراء تحقيق مع شرطي اعترف بأنه أطلق النار باتجاه الشهيد يعقوب أبو القيعان، في قرية أم الحيران في النقب، قبل أن تتسارع المركبة التي كان يقودها وفقدانه السيطرة عليها نتيجة إصابته برصاص الشرطة

استشهاد أبو القيعان: منع التحقيق مع شرطي أطلق النار

من الأرشيف

منع المدعي الإسرائيلي العام ، شاي نيتسان، إجراء تحقيق مع شرطي اعترف بأنه أطلق النار باتجاه الشهيد يعقوب أبو القيعان، في قرية أم الحيران في النقب، قبل أن تتسارع المركبة التي كان يقودها وفقدانه السيطرة عليها نتيجة إصابته برصاص الشرطة في شباط/فبراير من العام الماضي 2017.

وفي وثيقة، حصلت عليها صحيفة "هآرتس"، يشرح فيها المدعي العام، شاي نيتسان، لماذا قرر إغلاق ملف أبو القيعان، كتب أنه "كان هناك مؤشر معين، وصل في مرحلة متأخرة من التحقيق من معلومات سرية، تشير إلى أن أول شرطي أطلق النار كان قد أطلق النار باتجاه أبو القيعان، بعد أن أطلق النار باتجاه إطارات المركبة ولم تتوقف.. ينضاف إلى ذلك أنه لا يمكن استخدام هذا المؤشر الذي جاء من مصدر سري"، بحسب نيتسان.

جاءت هذه المعلومات من شهادة كان يفترض أن تغير صورة التحقيق، بيد أنه لم يتم استنفاد التحقيق.

وكان الحادثة قد وقعت، مطلع العام الماضي، حيث خرج الشهيد أبو القيعان من منزله، وقاد مركبته بسرعة تقدر بـ10 كليومترات في الساعة، وواصل السير بتلك السرعة، وعندها أطلق أحد أفراد الشرطة النار باتجاه إطارات المركبة بداعي أن السائق لم يتوقف. وفي مرحلة معينة تسارعت سرعة المركبة، وانحرفت عن مسارها ودهست الشرطي إيريز ليفي. أما أبو القيعان فقد أصيب برصاص الشرطة، وظل ينزف في المكان حتى استشهد.

وبعد وقت قصير أعلن المفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، أن أبو القيعان كان "مخربا"، ونسب له تهمة إقامة علاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). كما صرح وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، في صباح اليوم نفسه أن "دهس الشرطي كان عملية".

وفي أعقاب ذلك، تم استدعاء مركّز تابع لجهاز الأمن العام (الشاباك) إلى ساحة الحدث. وكان التقديرات الأولية تشير إلى أن الحديث عن عملية، ولكن الشهادات التالية بددت هذه الفرضية. حيث تبين من فحص الحاسوب الشخصي لأبو القيعان أنه لم يلمح أبدا لنيته تنفيذ عملية، علاوة على أن حقيقة كونه نائب مدير مدرسة يتبنى أفكارا معتدلة بشأن إخلاء القرية أدخلت عنصر الشك، وعززت التقديرات بأن الحديث ليس عن عملية خطط لها، وإنما عن إخفاق من جانب الشرطة كان بالإمكان تجنبه. وهذه التقديرات هي التي دفعت نيتسان إلى القول إن الحديث عن معلومات وصلت من "مصدر سري".

وبحسب معلومات وصلت صحيفة "هآرتس"، فإن الشرطي "ش" قد أكد لمركّز الشاباك أنه بعد أن أطلق النار باتجاه إطارات المركبة أطلق النار باتجاه أبو القيعان نفسه. وبحسب مصدر في وزارة القضاء، فإن عنصرا آخر من عناصر الشاباك أدرك أن الشرطي "ش" أطلق النار باتجاه الإطارات، وأكد، لاحقا في شهادته أمام قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة، أنه شاهد مركّز الشاباك يتحدث على انفراد مع الشرطي "ش". وفي مساء اليوم نفسه، وضع مركز الشاباك تقريرا سريا، لا يزال في داخل جهاز الشاباك، يتضمن التفاصيل التي سمعها من الشرطي "ش والشهادات الأخرى. وكان الشاباك قد خرج من صورة التحقيقات خلال ساعات معدودة، والتي أكد نتيجتها أن عناصره خلصوا إلى نتيجة مفادها أن حادث الدهس لم يكن عملية.

وفي حينه، وفي الغداة، طلب نيتسان من قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة فتح تحقيق في ظروف الحادث. وأجريت تحقيقات مع عدد من أبناء عائلة أبو القيعان، وأعيد تمثيل ما حصل. وخلص رئيس قسم التحقيقات، أوري كرميل، إلى أن "إمكانية أن أبو القيعان حاول تنفيذ عملية ليست معقولة".

وفي إطار التحقيقات، تم استجواب الشرطي "ش"، حيث قال، بحسب وصف نيتسان، إنه سمع صرخات "توقف.. شرطة" من أفراد الشرطة، ثم سمع أصوات تمشيط سلاح، وعندها أطلق الشرطي النار باتجاه إطارات المركبة. وكتب نيتسان لاحقا أن المركبة واصلت الاقتراب من الشرطي "ي"، الذي كان قد سمع أصوات صراخ وإطلاق نار، وعندها أطلق النار بدوره باتجاه الإطارات، بحسبه. و"في هذه المرحلة تسارعت المركبة بشكل مفاجئ، ولم يكن بالإمكان تحديد ما إذا كانت تحت سيطرة أبو القيعان أم أنه فقط السيطرة عليها بسبب إصابته. وفي مرحلة معينة انحرفت المركبة باتجاه اليمين بشكل مفاجئ، ودهست عددا من أفراد الشرطة بينهم الشرطي إيريز ليفي".

وبحسب تقرير "هآرتس"، فإن محققي وحدة التحقيقات مع أفراد الشرطة لم يكونوا على علم بالرواية الأخرى التي أدلى بها الشرطي "ش" أمام مركز الشاباك بشأن الحادثة.

وجاء أنه في نهاية العام 2017، علم المفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، بوجود تقرير سري لدى الشاباك بشأن أم الحيران. وكان قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة على وشك إنهاء التحقيق في الملف وسط توقعات بأنه توصل إلى نتيجة أنه من غير المعقول أن يكون أبو القيعان قد خطط لتنفيذ عملية. وفي حينه اعتقد المفتش العام للشرطة أن التقرير السري الموجود لدى الشاباك قد يناقض هذه النتيجة، ولذلك توجه إلى رئيس الشاباك، وطلب منه الحصول على الوثيقة، إلا أن الأخير تحفظ من الطلب، نظرا لأن ألشيخ كان في منصب رفيع في الشاباك سابقا، وهو يقود حاليا جهازا يجري التحقيق معه في الحادثة. وادعى مقربون من ألشيخ أن الهدف من الطلب هو تأكيد وصول الملف إلى قسم التحقيقات مع الشرطة قبل البت في الملف.

كما جاء أن المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، طلب من الشاباك تقديم الملف السري إلى قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة، وعندها تبينت الفجوة بين رواية الشرطي "ش" الأولى، وبين الشهادة الثانية التي قدمها لقسم التحقيقات مع أفراد الشرطة. وتم استدعاء مركز الشاباك الذي أكد حقيقة ما ورد في الملف، مؤكدا أن ما حصل هو "إخفاق عملاني من جانب الشرطة".

وفي هذه المرحلة، قرر قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة التحقيق مع الشرطي الذي أطلق النار بشبهة التسبب بالموت عن طريق الإهمال والإدلاء بشهادة كاذبة، إلا أن المدعي العام للدولة، نيتسان، رفض الطلب، وألمح إلى أنه على وشك إصدار قرار بإغلاق الملف، بداعي أنه من الصعب الادعاء بأن إطلاق النار كان "غير معقول"، وأن هناك صعوبة في التقدم في التحقيق بسبب طريقة الحصول على المعلومة، وذلك في إشارة إلى اعتراف الشرطي "ش" أمام مركز الشاباك دون أن يدرك أن شهادته ستستخدم ضده.

وكتبت الصحيفة أنه من الصعب قبول تبريرات نيتسان، وأنه ليس واضحا لمذا شكك في أقوال الشرطي "ش" الذي تحدث "بسذاجة" فور وقوع الحادثة، ولماذا منع إجراء تحقيق لإظهار الحقيقة بشأن الظروف التي أدت في مقتل شخصين، خاصة وأنه إذا كان أبو القيعان قد أصيب بالرصاص قبل تسارع مركبته، فمن غير المعقول أن يكون متحكما بالمركبة أثناء الدهس.

وردا على سؤال الصحيفة بشأن الملف السري، قال مكتب المدعي العام إن "الملف يتضمن مواد مصدرها الشاباك، وهي سرية بموجب قرار الشاباك".

التعليقات