الموساد كجزء من الماكنة السياسية لنتنياهو يحظى بميزانيات أكبر

في الشأن السوري فإن كوهين يقود، إلى جانب مسؤولين كبار في جهاز الأمن، خطا متشددا يعيره نتنياهو جل اهتمامه، حيث يعتقد أن "إسرائيل تستطيع العمل بحرية وبعنف ضد أهداف إيرانية في سورية، بدون أن تخاطر باندلاع مواجهات مع حزب الله"

الموساد كجزء من الماكنة السياسية لنتنياهو يحظى بميزانيات أكبر

كوهين ونتنياهو (مكتب الصحافة الحكومي)

تناول تقرير مطول نشرته صحيفة "هآرتس" نهاية الأسبوع، جزءا من نشاط جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، وخاصة في تنفيذ جرائم الاغتيال، والزيادة الحادة في ميزانياته وحجم القوى البشرية العاملة فيه، وأساليب عمله، إضافة إلى التقارب غير العادي بين رئيس الجهاز وبين رئيس الحكومة، لدرجة وصف الجهاز بأنه أصبح جزءا من الماكنة السياسية لرئيس الحكومة.

وبحسب التقرير، فإنه بعد سنتين ونصف من تسلم يوسي كوهين رئاسة الموساد، حصلت عدة تغييرات داخل المؤسسة، بينها زيادة كبيرة في الميزانيات والقوى العاملة، إضافة إلى إدخال طرق جديدة في عمله، وزيادة في نشاطه وعملياته.

وأشار إلى أن الموساد يشغل اليوم بشكل مباشر نحو 7 آلاف شخص، ما يجعله المؤسسة الثانية من ناحية الحجم، بعد "CIA"، مقارنة بنظرائه في الدول الغربية.

أما بالنسبة لأساليب العمل، فقد أشار التقرير إلى أن التطورات التكنولوجية تلزم مثل هذه الأجهزة بالعمل بطرق متنوعة، بينها إرسال عملاء إلى "دول معادية"، وتفعيل مصادر، وتضليل أناس ليعلموا في خدمة هذه الأجهزة دون أن يعرفوا ذلك، وتفعيل مرتزقة، والاعتماد على قدرات جديدة، مثل الهجمات السيبرانية، وتعطيل كاميرات التصوير في الساحات التي تنفذ فيها العمليات.

وعن الميزانيات، فقد أظهر التقرير أن ميزانية الشاباك والموساد قد تضاعفت في العقد الأخير، حيث ارتفعت بشكل تدريجي تباعا من 4.98 مليار شيكل عام 2008، إلى 7,63 مليار شيكل عام 2014، إلى 8.67 مليار شيكل عام 2018، و 10 مليار شيكل عام 2019.

ورغم أن الدولة لا تكشف عن كيفية توزيع الميزانية بين الشاباك والموساد، فقد نقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على الميزانيات قوله إن الزيادة الكبيرة كانت أساسا في ميزانية الموساد.

وأشارت الصحيفة إلى أن طبيعة عمل الموساد السرية تمنع مناقشة عمله ومدى نجاعة العمليات التي ينفذها، كما تمنع مناقشة الزيادة الحادة في ميزانيته.

يشار إلى أنه ينسب للموساد سلسلة من جرائم الاغتيال التي حصلت مؤخرا، نفذت في ماليزيا ودبي وإيران وسورية وتونس.

واستهدف في هذه العمليات المهندس محمد الزواري في تونس، والمهندس فادي البطش في ماليزيا، والعالم السوري عزيز أسبر في سورية، والمسؤول في حركة حماس محمود المبحوح في دبي، إضافة إلى اغتيال عدد من علماء الذرة الإيرانيين. ينضاف إلى ذلك نهب الأرشيف النووي الإيراني.

الموساد في ظل كوهين عمل بمطلق الحرية بدعم نتنياهو

ولفت التقرير إلى أن سابق كوهين في المنصب، تمير باردو، كان يتصرف بحذر أكثر، حيث نقلت الصحيفة عن مصادر في الموساد قولها إنه صادق على عمليات أقل ليقوم الموساد بتنفيذها، مقارنة بكوهين.

وجاء أيضا أن الموساد في ظل كوهين عمل بمطلق الحرية، ووفر له رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الميزانيات والمصادقات المطلوبة لتنفيذ العمليات.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله إن كوهين يعتقد أن "السياسة الفعالة ضد أهداف منتقاة تؤدي إلى تحقيقات إنجازات"، مضيفا أن أن الجهاز يقوم اليوم بعمليات أكثر، وخاصة في آسيا وأفريقيا.

إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن كوهين تجند للموساد في جيل 22 عاما، وتقدم في الجهاز حتى وصل منصب نائب الرئيس باردو. ونظرا للاحتكاكات التي لا تتوقف بينهما، اضطر كوهين إلى ترك الجهاز. وفي العام 2013 عينه نتنياهو في منصب رئيس المجلس للأمن القومي.

وفي هذا السياق، كتبت الصحيفة أن هذا المنصب وفر لكوهين الفرصة ليلتقي بشخصيتين كان لهما تأثير عن سيرة حياته. ونقلت عن مصدر مقرب من عائلة نتنياهو قوله إن كوهين بعد تسلمه رئاسة المجلس للأمن القومي أدرك أن التقرب من ساره نتنياهو سوف يقربه من منصب رئيس الموساد.

أما لقاؤه الثاني فكان مع رجل الأعمال الأسترالي جيمس باكر لدى مرافقته لنتنياهو عام 2015 لإلقاء خطابه في الكونغرس. وتطورت العلاقات بين الاثنين، وشملت هدايا وأعمالا مشتركة، بينها تلك التي جرى التحقيق معه بشأنها، حيث حصل على أربع تذاكر مجانية في أحد عروض خطيبة باكر، ماريا كاري، ما اضطره للاعتذار عن ذلك، وإعادة ثمن التذاكر للدولة، وأغلقت القضية بذلك.

كوهين: إسرائيل تستطيع العمل بحرية وبعنف ضد أهداف إيرانية بسورية

وأبرز التقرير العلاقات الوثيقة والحميمة بين كوهين وتنياهو، خلافا لسابقي كوهين في المنصب، حيث كان نتتنياهو متشككا قليلا حيال مئير دغان وباردو. كما أبرز حقيقة أن كلاهما متفقان بشأن "التهديد الإيراني"، وعلى قناعة بأنه "يجب محاربته بكل الطرق".

أما في الشأن السوري، بحسب التقرير، فإن كوهين يقود، إلى جانب مسؤولين كبار في جهاز الأمن، خطا متشددا يعيره نتنياهو جل اهتمامه، حيث يعتقد أن "إسرائيل تستطيع العمل بحرية وبعنف ضد أهداف إيرانية في سورية، بدون أن تخاطر باندلاع مواجهات مع حزب الله".

ويعتقد كوهين أنه في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران، فإن طهران صرفت ميزانيات كثيرة في سورية، ولذلك يجب العمل ضدها بطريقة حازمة ومتتابعة.

كما جاء أن كوهين يقوم بجولات سياسية كثيرة في أوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا ودول غربية، بناء على طلب نتنياهو، وأنه في الواقع، وباستثناء مصر التي يتولى أمرها رئيس الشاباك نداف أرغمان، فإن كوهين يقوم بمهام مبعوث نتنياهو السابق، المحامي يتسحاك مولخو.

في المقابل، نقلت الصحيفة عن وزير في المجلس الوزاري المصغر قوله إن كوهين لا يتحدث في جلسات المجلس الوزاري، ولا أحد يعرف ماذا يفعل، فهو يقدم تقاريره فقط لرئيس الحكومة، وبالتالي فهو لا يغني ولا يضيف شيئا.

ونقلت عن عضو لجنة الخارجية والأمن قوله إن "كوهين ونتنياهو متماهيان، فهما يريان إيران واجهة كل شيء. وكوهين لا يرى نفسه رئيسا لجهاز استخباري مستقل ويعمل بشكل مستقل، وإنما هو جزء من الماكنة السياسية لرئيس الحكومة".

اقرأ/ي أيضًا | باريس ملعب "الموساد"

التعليقات