عشية حرب 73: الاستخبارت العسكرية الإسرائيلية استبعدت نشوبها

رئيس الاستخبارات العسكرية تحدث عن طائرات شحن روسية هبطت في مصر وسورية، ومغادرة قطع بحرية روسية لميناء الإسكندرية إلا أنه لخص أن "كل الأمور لا تغير من التقديرات الأساسية بأن احتمال نشوب الحرب لا يزال ضئيلا.. وربما أقل من ضئيل"

عشية حرب 73: الاستخبارت العسكرية الإسرائيلية استبعدت نشوبها

جندي مصري بعد العبور..

استبعدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ورئيس أركان الجيش، في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973 احتمالات نشوب الحرب في الغداة، وذلك في جلسة تقييم للوضع، استعرض فيها رئيس الاستخبارات العسكرية، إيلي زاعيرا، ما يجري في سورية ومصر، ودعم أقواله رئيس أركان الجيش في حينه، دافيد إلعزار.

وتحدث زاعيرا عن طائرات شحن روسية هبطت في مصر وسورية، إلا أنه لخص بالقول إن "كل الأمور لا تغير من التقديرات الأساسية بأن احتمال نشوب الحرب بمبادرة مصر وسورية لا يزال ضئيلا.. وربما أقل من ضئيل".

جاء ذلك في أرشيف الجيش الإسرائيلي الذي نشر مؤخرا بمناسبة مرور 45 عاما على حرب 1973، ونقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في موقعها على الشبكة، اليوم الإثنين، وتضمن محضر جلسة هيئة الأركان التي عقدت قبل اندلاع الحرب بيوم واحد.

جنود إسرائيليين خلال الحرب (مكتب الصحافة الحكومي)

وقال رئيس أركان الجيش في حينه، إلعزار، في بداية الجلسة، إن هناك بعض المعلومات، وإن الجلسة ستبدأ باستعراض استخباري.

وقال زاعيرا إن سورية دخلت في حالة طوارئ في الخامس من أيلول/سبتمبر، وأجرت تدريبات على استعادة الجولان، مضيفا أن سورية استقدمت سربي طائرات قتالية من طراز "سوخوي" إلى دمشق من القاعدة "T4" التي تعتبر أبعد من أن تكون قادرة على مهاجمة العمق الإسرائيلي.

أما بالنسبة لمصر، فقال رئيس الاستخبارات العسكرية إنها تخشى من عملية إسرائيلية. وبحسبه، فإن مصر بدأت مناورة شملت الجاهزية لمواجهة اختراق للجيش الإسرائيلي للمناورة لاستغلالها لمهاجمة مصر.

وأضاف أن مصر تخشى أن تستغل إسرائيل حلول الظلام لإدخال قوات مستعربين لمهاجمة مواقع ومعسكرات في العمق المصري، مشيرا إلى أنه يوجد في منطقة قناة السويس نحو 1100 مدفع مصري، كما اقتربت دبابات كثيرة إلى خط الجبهة.

وقال أيضا إن سورية كانت تخشى هجوما إسرائيليا. وبحسبه فإن هناك حالة من التوتر في مصر وسورية ومخاوف جدية من هجوم إسرائيلي على الطرفين. وبحسبه فإن ما غذى هذه المخاوف هو سلسلة عمليات أجراها الجيش الإسرائيلي، ولم يكن لها علاقة بالجاهزية للهجوم.

خسائر الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

وضمن هذه العمليات التي أجراها الجيش كانت الحادثة التي أسقطت فيها 12 طائرة "ميغ" سورية قبل الجلسة بثلاثة أسابيع. وقال زاعيرا "أجريت مناورات كبيرة للمظليين في سيناء (التي كانت تحتلها إسرائيل)، وبالنتيجة فإن المصريين توصلوا إلى نتيجة مفادها أنه جرى استقدام قوات إلى سيناء، وأن عدد الطائرات قد ازداد بـ20 طائرة. كما حصلت في سورية المعركة الجوية في 13 أيلول/سبتمبر، والتي فسرها السوريون ككمين خطط له مسبقا، وضمن سلسلة استفزازات إسرائيلية ستنتهي بهجوم على الجبهة السورية. ينضاف إلى ذلك عمليات التجنيد، وعمليات التعزيز على الجبهة السورية، علاوة على الطلعات الجوية غير القليلة بهدف التصوير في مصر وسورية. كل ذلك عزز من الشعور بأن إسرائيل على وشك شن هجوم". بحسبه.

وقال أيضا إنه صباح ومساء الخامس من تشرين الأول/أكتوبر حصل أمران مهمان: الأول أن روسيا أرسلت 11 طائرة شحن، ست منها إلى إلى مصر وخمس إلى سورية، دون أن يتضح الهدف منها، وربما من أجل إخراج أفراد روس من هناك، وربما بسبب مخاوف روسية من هجوم إسرائيلي، وقد تكون لأسباب داخلية تتصل بالعلاقات بين الاتحاد السوفييتي ومصر وسورية؛

أما الأمر الثاني فهو مغادرة القطع البحرية الروسية للإسكندرية، والذي وصفه بأنه "أمر نادر جدا"، مضيفا أن كل ما ذكره لا يغير من التقديرات الأساسية للاستخبارات العسكرية التي تشير إلى أن احتمالات اندلاع الحرب بمبادرة مصر وسورية لا تزال منخفضة جدا.

وقال أيضا "هناك إمكانية، باحتمالية منخفضة، أن يكون هناك هجوم سوري ومصري منسق، ولكن هذا الاحتمال ضئيل، وربما أقل من ضئيل".

وبحسب الصحيفة، فإن زاعيرا تحدث لاحقا بشكل مغاير، وقال إن احتمالات الحرب قائمة، حيث قال إن "الوضع متوتر لدى المصريين ولدى السوريين، وهم يوهمون أنفسهم بأننا سنشن هجوما"، مضيفا أنه لا يوجد تفسير معقول لما قام به الروس، وأن ذلك سيتضح في الساعات القريبة.

وبحسبه، فإن المشكلة تكمن في أنه لكل وضع كهذا يوجد دينامية تثير مخاوف كل طرف وتجعله يعزز قواته، وربما يخرج ذلك عن سيطرة العرب على أنفسهم. على حد تعبيره.

وفي النهاية لخص حديثه بالقول "لا أعتقد أننا نتجه إلى الحرب".

دبابة إسرائيلية مدمرة (أرشيفية)

من جهته عزز رئيس أركان الجيش، إلعزار، تقديرات رئيس الاستخبارات العسكرية، وقال إنه يوافق عليها، إلا أنه استدرك أن "الشرق الأوسط هو برميل مواد متفجرة"، وحذر من من هجوم مصري سوري.

وتابع أنه في حال بدأت مصر وسورية الهجوم، فإن إسرائيل ستتلقى إنذارا مسبقا، مشيرا إلى وجود عدة مصادر، دون أن يستبعد تلقي مثل هذا الإنذار.

وقال إيضا إنه في حال حصول هجوم، فإن إسرائيل ستضطر إلى صده بواسطة القوات النظامية، أي بواسطة القوات الجوية وكل القوات الموجودة على الخطوط.

وتحدث لاحقا عن تجنيد قوات أخرى في حال اندلاع حرب، مشيرا إلى إشكالية التجنيد في ما يسمى "يوم الغفران".

وفي ملخص حديثه قال إلعزار إنه لا يعتقد أن مصر وسورية ينوون البدء بالحرب.

وعلى صلة، كشفت رسالة كتبها الجنرال يسرائيل طال في أيلول/سبتمبر عام 1970، تطرق فيها إلى معاقل "خط بارليف". وجاء فيها أنه لم تنفذ التوقعات بشأن قدرة هذه المعاقل على أن تكون أجهزة رصد وتحكم متواصل على طول خط المياه، مضيفا أن المصريين عبروا القناة نهارا وليلا، ونجحوا في نصب الكمائن.

وأضاف أن دور هذه المعاقل في الدفاع ضد أي هجوم مصري هو موضع شك، ويمكن اعتباره كموقع صغير يمكن تحييده بنيران المدفعية أو تدميره، فهو لا يشكل منظومة قتالية فعالة، وإنما ملجأ في أحسن تقدير. على حد تعبيره.

واقترح طال "حماية خط القناة نهارا وليلا بواسطة قوات متحركة ومدرعة".

 

التعليقات