انتخابات رئاسة بلدية القدس: فوز الحريديين والقوميين المتطرفين

رغم أن الفلسطينيين المقدسيين لم يشاركوا في التصويت إلا أنهم كانوا حاضرين بالانتخابات بالدعاية العنصرية* العلمانيون اليهود محبطون ولكنهم ما زالوا يشكلون قوة صلبة في المجلس البلدي ولديهم حلفاء في صفوف المتدينين الليبراليين

انتخابات رئاسة بلدية القدس: فوز الحريديين والقوميين المتطرفين

ليئون وزوجته يصوتان، أول من أمس (أ.ب.)

أظهرت نتائج الجولة الثانية لانتخابات بلدية القدس والتي نُشرت أمس، الأربعاء، فوز موشيه ليئون برئاسة البلدية، بتأييد قسم كبير من الحريديين وجمهور الصهيونية الدينية، وتغلبه على منافسه، عوغر بركوفيتش، الذي اعتبر مرشح العلمانيين، لكنه حصل أيضا أصوات حريديين وسكان مستوطنات في القدس المحتلة.

وتغلب ليئون على بركوفيتش بفارق صغير، إذ حصل على 51.54% من الأصوات مقابل 48.46%. ويشار إلى أن نسبة التصويت جاءت متدنية، حيث صوت 212416 ناخبا من أصل 638065 من أصحاب حق الاقتراع، أي أن نسبة التصويت كانت الثلث تقريبا، علما أن الفلسطينيين المقدسيين يشكلون ثلث أصحاب حق الاقتراع ويقاطعون هذه الانتخابات بشكل دائم.

وكان حضور الفلسطينيين بارزا في الانتخابات البلدية في القدس، لكن بصورة عنصرية، وكانت أحد عناصر فوز ليئون. فقد تمكن ليئون من إلصاق تعريف "يساري" ببركوفيتش، وإرسال رسائل نصية مفبركة إلى الهواتف الخليوية، توحي كأن مصدرها منظمة "الصندوق الجديد لإسرائيل"، وهي الجمعية التي يهاجمها اليمين الإسرائيلي باستمرار كونها تمول المنظمات الحقوقية التي تكشف ممارسات الاحتلال. وقالت هذه الرسالة النصية للناخبين إنه "نحن في الصندوق الجديد لإسرائيل ندعم عوفر بركوفيتش لرئاسة البلدية، وسوية مع عوفر سنصحح الظلم تجاه الفلسطينيين في شرقي المدينة".

كذلك أرسلت حملة ليئون رسائل نصية مفبركة إلى الناخبين اقتبست فيها التفوهات العنصرية لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في يوم الانتخابات العامة الأخيرة، عام 2015، عندما حض ناخبيه على الذهاب للتصويت وقال إن "العرب يتدفقون إلى صناديق الاقتراع"، فيما قالت الرسالة النصية الجديدة إن "العرب في شرقي القدس يخرجون الآن من أجل التصويت لصالح بركوفيتش". كما تلقى الناخبون مقاطع فيديو تظهر فيها سيارة مزينة بلافتات قائمة "هِتعوريروت"، التي يرأسها بركوفيتش، وتنطلق منها هتافات بالعربية تدعو للتصويت لبركوفيتش. ويتضح أن حملة بركوفيتش لم تتوجه أبدا إلى الفلسطينيين المقدسيين ونسبة التصويت في صناديق الاقتراع في القدس الشرقية راوحت الصفر.

من جهة ثانية، فإن لجهازي حزبي "ديغل هتوراة" وشاس، اللذين يمثلان الحريديين الأشكناز والشرقيين، دور كبير في فوز ليئون. وقد شارك حاخامات هاتين الفئتين في دعوة أنصارهم إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع والتصويت لليئون. كما تبين أن أتباع الصهيونية الدينية صوتوا بغالبيتهم العظمى لليئون، بعدما كانوا قد صوتوا في الجولة الأولى لصالح الوزير زئيف إلكين، الذي فشل في الانتقال للجولة الثانية رغم دعم نتنياهو له.

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن لا مبالاة جمهور اليهود العلمانيين ساهمت في خسارة بركوفيتش، وجاءت نسبة التصويت في أوساطهم متدنية بشكل كبير قياسا بالأحياء الحريدية. لكن من الجهة الأخرى، حصل بركوفيتش على دعم من أنصار حزب "أغودات يسرائيل" و"الطائفة الأورشاليمية" وهي الجناح الراديكالي بين الحريديين الليتوانيين الرافض للتعامل مع دولة إسرائيل، وتغلب على ليئون في مستوطنات "حومات ماغين" و"بسغات زئيف" و"غيلو".

ويوصف فوز ليئون بأنه "فوز حلف محافظ وقومي بين الحريديين والحريديين القوميين". وقالت صحيفة "هآرتس" إن مشاعر إحياط ويأس تسود الأوساط العلمانية، التي ترى بفوز ليئون تهديدا على نمط حياة غير الحريديين والحيز العام في القدس، لدرجة أن التقديرات تشير إلى هجرة مزيد من العلمانيين من القدس.

رغم ذلك، إلا أن التقديرات هي أن مشاعر العلمانيين مبالغ فيها، وأن عدد العلمانيين في القدس يشكلون لوحدهم مدينة كبيرة بالمقاييس الإسرائيلية، إذ يبلغ قرابة 200 ألف شخص، ويوجد تمثيل كبير وصلب له في المجلس البلدي ولديه حلفاء بين المتدينين الليبراليين.

وقالت صحيفة "معاريف" إن نتائج انتخابات بلدية القدس تنطوي على قدر من التناقض الساخر بانتخاب ليئون رئيسا للبلدية. إذ أنه بين المرشحين الأربعة لرئاسة البلدية في الجولة الأولى، وهم بركوفيتش وإلكين ويوسي دايتش وليئون، ليئون هو الوحيد الذي لم تفز قائمته، "يروشلايم شيلانو" ("قدسنا")، بأي مقعد في المجلس البلدي، ما يؤكد أنه بفوزه يكون ليئون مدين للحلف الحريدي – القومي المتطرف.

التعليقات