مقدسيون في دوامة سلب الحقوق ورفض المواطنة

"واضح أن وزارة الداخلية لا تريد هذه الطلبات، وهم لا يريدون ’تلويث’ سجل السكان بمزيد من الفلسطينيين. وواضح أن الهدف هو أن يكون هناك أقل ما يمكن من المواطنين المقدسيين وهم يدققون بكل طريقة كي لا يمنحوا المواطنة"

مقدسيون في دوامة سلب الحقوق ورفض المواطنة

مقدسيون أمام مكتب الداخلية بالقدس المحتلة (أرشيف)

تمنع السلطات الإسرائيلية من الفلسطينيين في القدس المحتلة الحصول على جواز سفر، وتعطيهم مكانة مقيم، وفي حال أراد أحدهم السفر إلى خارج البلاد فإن بإمكانه الحصول على وثيقة سفر، تستوجب حصوله على تأشيرة دخول إلى معظم دول العالم، كما أن المقدسيين يعانون من إجراءات بيروقراطية منهكة في كل مرة يتوجهون فيها إلى مكتب وزارة الداخلية الإسرائيلية. والأمر الأخطر الذي يمكن أن يواجهه المقدسي هو أن يفقد مكانة مقيم في حال غادر البلاد.

وإزاء هذا الوضع، ازداد في السنوات الأخيرة، وإن لم يتجاوز المئات، عدد المقدسيين الذين يقدمون طلبات الحصول على المواطنة الإسرائيلية، من 69 طلبا في العام 2003 إلى نحو ألف طلب في العام 2018، وهم مكرهون على ما يبدو للقيام بخطوة كهذه، على الأقل من أجل أن يتمكنوا من العودة إلى البلاد. ورغم أن القانون الإسرائيلي يسمح بمنح المقدسيين المواطنة الإسرائيلية، إلا أن وزارة الداخلية الإسرائيلية تضع أمام مقدمي طلبات كهذه عقبات لا نهاية لها. ويشار إلى أنه بشكل عام، وطوال سنوات الاحتلال الإثنتين والخمسين، تمتنع الغالبية العظمى من المقدسيين عن المطالبة بالحصول على المواطنة الإسرائيلية.    

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الثلاثاء، فإنه في الأعوام 2004 – 2010 قدم مقدسيون ما بين 200 – 900 طلب للحصول على المواطنة الإسرائيلية، لكن في معظم هذه السنوات تمت المصادقة على عشرات الطلبات في كل عام. وفي الأعوام 2011 – 2018 جرى تقديم ما بين 719 – 1081 طلبا في كل عام وصودق على بضع عشرات أو مئات قليلة منها في كل عام، وفي العام 2016 على سبيل المثال، جرى تقديم 1081 طلبا وصودق على 7 طلبات فقط.

وقالت الصحيفة إن على المقدسي أن ينتظر ليس أقل من ثلاث سنوات حتى يتم تعيين موعد له كي يقدم وثائق من أجل الحصول على المواطنة الإسرائيلية. وبعد ذلك يتعين عليه انتظار ثلاث أو أربع سنوات أخرى كي يتلقى ردا على طلبه، وفي هذه الأثناء تقوم السلطات بكل ما بوسعها من أجل البحث عن سبب لرفض الطلب، بدءا من عدم إجادة اللغة العبرية، ومرورا بالتساؤل حول ولائه لإسرائيل وانتهاء بالاشتباه بأن مقدم الطلب له أملاك في الضفة الغربية.

وتوضع هذه العراقيل، التي تجعل الحصول على المواطنة أمرا مستحيلا في معظم الحالات، رغم أن إسرائيل هي دولة احتلال في القدس وسنت قانون سريان القوانين الإسرائيلية على القدس المحتلة، واعتبرت بذلك إنها ضمتها إليها "إلى الأبد". ويرى محامون إسرائيليون يمثلون مقدسيين في طلبات الحصول على هذه المواطنة، أن هذه العراقيل لا يضعها الموظفون في مكتب وزارة الداخلية في القدس الشرقية، وإنما هي سياسة عليا ومتعمدة.

ونقلت الصحيفة عن المحامية عادي لوستيغمان، المتخصصة في هذا الموضوع قولها إنه "واضح أن وزارة الداخلية لا تريد هذه الطلبات، وهم لا يريدون ’تلويث’ سجل السكان بمزيد من الفلسطينيين. وواضح أن الهدف هو أن يكون هناك أقل ما يمكن من المواطنين المقدسيين وهم يدققون بكل طريقة كي لا يمنحوا المواطنة".

وأضافت أن "درب الآلام هذا أسوأ مما يمر به أي مهاجر يطلب الحصول على المواطنة. ومن أجل المقارنة فقط، فإن إجراءات لم شمل عائلة مواطن أجنبي، وليس لديه أية علاقة بإسرائيل، يستغرق حوالي أربع سنوات ونصف السنة فقط. وسلطة عادية تتأخر ثلاث سنوات في إعطاء رد، تقدم اعتذارا على الأقل، وتعطي تفسيرا. وفي حالة المقدسيين لا تقدم السلطات شيئا. بل على العكس، التأخير يُنتج عبئا آخر على السكان الذين يضطرون إلى تقديم الطلب مجددا، وتقديم جبال من الوثائق والتصاريح من جديد، والخضوع لاستجوابات وامتحانات في اللغة (العبرية)، إضافة إلى مضيعة الوقت والتكاليف والإذلال الذي يرافق ذلك".

وقال المحامي أمنون مزر، المختص في هذه القضايا، إن وزارة الداخلية تتذرع بعدم وجود قوى بشرية كافية في مكتب الوزارة، لكنه أكد أنه "واضح كالشمس أنه توجد هنا نوايا حفية، وربما تعليمات من أعلى بتقليص عدد المواطنين".

ولا يساعد كثيرا التوجه إلى المحكمة العليا، التي توجه إليها مزر ولوستيغمان وجمعية حقوق المواطن ومحامون آخرون مرات عديدة، لكن القضاة كانوا يتبنون في كل مرة ذرائع وزارة الداخلية بخصوص النقص في القوى العاملة، وتغيير أجهزة الحاسوب ووجود صعوبات بيروقراطية كهذه أو تلك.  

وفي أعقاب التماس قدمه مقدسي إلى المحكمة العليا، قالت وزارة الداخلية الإسرائيلية في رد قدمته للمحكمة، مؤخرا، إنه يوجد حاليا 3252 طلبا قدمه مقدسيون من أجل الحصول على المواطنة الإسرائيلية. وتعهدت الوزارة بمعالجة الطلبات التي قُدمت حتى العام 2015 حتى نهاية الشهر الحالي، ومعالجة الطلبات التي قُدمت حتى نهاية العام 2016 حتى نهاية نيسان/أبريل المقبل، ومعالجة الطلبات التي قدمت في العام 2017 حتى نهاية حزيران/يونيو المقبل، ومعالجة الطلبات التي قدمت في العام 2018 حتى نهاية العام الحالي.   

التعليقات