تحولات اقتصادية عالمية: الحرب التجارية الأميركية تصل إسرائيل

وزارة الزراعة الأميركية: "أي سلعة منتجة في إسرائيل بإمكانها أن تنافس (بضائع أميركية) في الولايات المتحدة وأن تدخل إلى أسواقها من دون جمارك، بينما البضائع الأميركية تواجه جمارك مرتفعة تقيّد دخولها إلى السوق الإسرائيلية"

تحولات اقتصادية عالمية: الحرب التجارية الأميركية تصل إسرائيل

ترامب ونتنياهو (رويترز)

تفيد تقارير بأن الحرب التجارية الأميركية لإدارة دونالد ترامب ستصل إلى إسرائيل أيضا. وقالت وكالة بلومبرغ الأميركية، يوم الجمعة الماضي، إنه في هذا الإطار ستحدث تغييرات جوهرية أخرى تشمل مخاطر، وفرصا أيضا، لإسرائيل ودول عديدة في العالم.  

وتسعى الولايات المتحدة إلى تغيير شروط التجارة مع إسرائيل، وبضمن ذلك رفع الجمارك وفرض قيود اقتصادية. وأشارت صحيفة "ذي ماركر"، أول من أمس الأحد، إلى تصريحات مسؤولين أميركيين حول تغيير اتفاق التجارة الزراعي مع إسرائيل. وأعلنت وزارة الزراعة الأميركية أنه "أي سلعة منتجة في إسرائيل بإمكانها أن تنافس (بضائع أميركية) في الولايات المتحدة وأن تدخل إلى أسواقها من دون جمارك، بينما البضائع الأميركية تواجه جمارك مرتفعة تقيّد دخولها إلى السوق الإسرائيلية".  

واعتبرت الصحيفة أن الخطوات "الصدامية" التي تنفذها إدارة ترامب تنشئ مخاطر في المستوى العالمي والمحلي. وأضافت أن ترامب نفذ العام الماضي عقوبات ضد دول مصنعة للفولاذ والألمونيوم والمنتجات الكهربائية، في الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك. وبعد ذلك فرض جمارك مرتفعة على البضائع الصينية. وألغى، الأسبوع الماضين امتيازات تجارية للهند وتركيا، كما ألغى مشاركة الولايات المتحدة في الاتفاق التجاري TPP الذي يشمل دولا في آسيا وسواحل المحيط الهادئ، وانسحب من اتفاق TTIP مع أوروبا.

وسعى ترامب، منذ انتخابه رئيسا، إلى تغيير النظام العالمي، بعد عقود من العولمة ونظام عالمي استند غلى اتفاقيات أعقبت الحرب العالمية الثانية، والتي اعتبرت أن الانفتاح الاقتصادي سيؤدي إلى رفاهية اقتصادية، ستعزز السلام بين شعوب العالم، أدت إلى رد فعل شديد. وشملت الحرب التجارية معارضة للهجرة والتجارة الحرة والتعاون بواسطة اتفاقيات متعددة الأطراف، بدءا من اتفاقيات عسكرية مثل حلف الناتو، ومرورا باتفاقيات بيئية مثل اتفاقية المناخ، وانتهاء باتفاقيات تجارية كبرى.

تأشيرات دخول أوروبا للأميركيين

أعلن الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة الماضي، أنه بحلول العام 2021، يتعين على المواطنين الأميركيين الذين يرغبون بزيارة أوروبا استصدار تأشيرات دخول تكون سارية المفعول لثلاث سنوات، بينما بإمكان المواطنين الأميركيين حاليا السفر إلى معظم الدول الأوروبية من دون تأشيرة دخول. وعلل الاتحاد الأوروبي قراره بتشديد شروط الدخول إليه بـ"أسباب أمنية".

ويذكر أن إدارة ترامب عملت منذ بداية ولايتها على فرض قيود على دخول مهاجرين وزائرين، بدءا بأمر رئاسي وقّعه ترامب يقضي بمنع دخول سياح من دول ذات أغلبية مسلمة، وبعد ذلك تشديد القيود تشديد القيود على موظفي الهايتك الأجانب في الولايات المتحدة.

لكن الاتحاد الأوروبي، من جهته، أعلن يوم الأربعاء الماضي عن انتهاء أزمة اللاجئين، الذين وصلوا إلى القارة الأوروبية في السنوات الماضية، وندد بـ"الأخبار الكاذبة" المتعلقة بالهجرة والمهاجرين. لكن من الناحية الفعلية، لا تزال دول الاتحاد الأوروبية تتصارع حول استيعاب أكثر من 100 ألف لاجئ يجتازون البحر المتوسط، ودول مثل إيطاليا تمارس سياسة متشددة ضد اللاجئين.

نمو العجز بالموازنات

كشفت الأزمة الاقتصادية، في العام 2008، إخفاقات نظرية تغلغل الثراء من الأغنياء إلى الفقراء. فقد اتسع انعدام المساواة الاقتصادي والاجتماعي في معظم دول العالم، منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، في أعقاب انتصار الريغنية (نسبة للرئيس الأميركي رونالد ريغن) والتاتشيرية (نسبة لرئيس الوزراء الأميركية مارغريت تاتشر). إذا تم تفنيد العلاقة بين السوق الحرة الجامحة والرفاهية الاقتصادية. وحتى أن الخبراء الاقتصاديين لصندوق النقد الدولي، الذي تبني النيوليبرالية الاقتصادية طوال عقود، باتوا يؤكدون، في العقد الأخير، أن هذه الطريقة الاقتصادية لم تثبت إسهامها في النمو الاقتصادي، وعززت انعدام المساواة، الذي يمس بالنمو الاقتصادي.

وكان رد الفعل الأول معارضة العولمة والتجارة الحرة والهجرة والانطواء القومي الاقتصادي. وجاء رد الفعل الثاني من جانب الطيف السياسي ما بين التقدميين المعتدلين وحتى اليسار الراديكالي. وراح أعضاء في الكونغرس الأميركي يتحدثون عن رفع الضرائب المفروضة على الأغنياء وعن سياسة اشتراكية.

وحظيت ردود الفعل هذه بتأييد بين الشباب، الذين يتخوفون على مستقبلهم في عالم قضت فيه التكنولوجيا على أماكن العمل. وإحدى تبعات هذا الاتجاه قد يكون برفع العجز في الميزانيات من أجل توفير شبكات رفاه اجتماعي بغياب منظومات سوق تهتم برفاهية الجمهور.  

ومنذ العام 2008، جرى منح البنوك المركزية قوة اقتصادية غير مسبوقة في التاريخ. وكان خفض الفائدة إلى الصفر ودونه، سلاحا اقتصاديا غير تقليدي بأيدي أشخاص لم يكونوا حتى منتخبي جمهور. والإدمان على الائتمان المصرفي، تضخيم أسعار العقارات، تراكم الديون، هي مخاطر لم يأخذ العالم عواقبها.

ويسير العالم كله نحو عجز في ميزانيات الدول وديون أكبر. ونشرت إسرائيل، يوم الخميس الماضي، عن ارتفاع كبير في عجز موازنتها. وأشارت "ذي ماركر" إلى أنه "حتى لو افترضنا أن للولايات المتحدة إمكانية لتمويل دين لا نهائي إلى الأبد، ففي حالة إسرائيل هذا الأمر بعيد عن كونه عمليا أو عقلانيا".

 

التعليقات