دراسة: سياسة الحكومة ترفع وتيرة هجرة الأدمغة من إسرائيل

وتيرة هجرة الأدمغة من إسرائيل إلى الخارج ترتفع بشكل متزايد، في السنوات الأخيرة، وفقا لدراسة حذرت من أن سياسة الحكومة الإسرائيلية تتسبب بهجرة الأدمغة، الذين يحتاج الاقتصاد الإسرائيلي إليهم من أجل تطوره واتساعه،

دراسة: سياسة الحكومة ترفع وتيرة هجرة الأدمغة من إسرائيل

عاملون في مجال الهايتك

تبين من دراسة نُشرت اليوم، الخميس، أن وتيرة هجرة الأدمغة من إسرائيل إلى الخارج ترتفع بشكل متزايد، في السنوات الأخيرة. وحذرت الدراسة، التي أعدها الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب، البروفيسور دان بن دافيد، من أن سياسة الحكومة الإسرائيلية تتسبب بهجرة الأدمغة، التي يحتاج الاقتصاد الإسرائيلي إليها من أجل تطوره واتساعه، لكن سياسة الحكومة لا تشجعها على البقاء في البلاد أو العودة إليها. وصدرت الدراسة عن "مؤسسة شورِش للأبحاث الاقتصادية – الاجتماعية".

وبحث بن دافيد في نسب هجرة ثلاث مجموعات من الإسرائيليين إلى الخارج، وهي: باحثون في الأكاديميا، أطباء وعاملون في الصناعات في مجال الهايتك. ورغم أن عدد هؤلاء لا يزيد عن 130 ألفا، ويشكلون 1.4% فقط من السكان في إسرائيل، إلا أنه رغم عددهم القليل، فإن "التفوق النوعي للاقتصاد الإسرائيلي يستند عليهم، وحجم الهجرة بينهم ينبغي أن تثير قلق صناع القرار". وأضاف بن دافيد أنه "بسبب الحجم الهش لهذه المجموعة، فإن مغادرة كتلة هامة بينهم – حتى لو شملت عدة عشرات الآلاف – يمكن أن ينطوي على عواقب كارثية على الدولة كلها".

وركزت الدراسة الحالية على الهجرة إلى الولايات المتحدة، التي وصف الجامعات فيها بأنها "في قمة الأكاديمية بصورة حصرية تقريبا"، وأشار إلى وجود مئات الباحثين الإسرائيليين الذين يعملون هناك بشكل دائم. وتطرقت الدراسة إلى 40 قسما رياديا في الجامعات الأميركية في 6 مجالات: الكيمياء، الفيزياء، الفلسفة، علوم الحاسوب، الاقتصاد وإدارة الأعمال.  

وأشارت الدراسة إلى أن عدد الباحثين الإسرائيليين في أقسام الكيمياء والفيزياء والفلسفة في الأقسام الرائدة في الجامعات الأميركية تعادل 10% - 13% من مجمل الباحثين في الأقسام الموازية في الجامعات الإسرائيلية. لكن النسبة ترتفع في الأقسام الأخرى. وفي أقسام علم الحاسوب في الولايات المتحدة، يعادل عدد الإسرائيليين 21% من عددهم في إسرائيل، وفي أقسام الاقتصاد بلغت النسبة 23%، وترتفع هذه النسبة إلى 43% في أقسام إدارة الأعمال.

ورأى بن دافيد أن الفرق في هذه النسب نابع من الفروق في الرواتب. والرواتب للمتخصصين في مجالات علم الحاسوب والاقتصاد وإدارة الأعمال مرتفعة نسبيا في القطاع الخاص وكذلك في الجامعات، بينما "الجامعات الإسرائيلية تدفع رواتب مشابهة دون علاقة بالمجال البحثي".

ولفت بن دافيد إلى أن أقسام هذه الفروع العلمية في الجامعات الإسرائيلية صغيرة، قياسا بالجامعات الأميركية، ولذلك فإن مجالات الأبحاث أقل تنوعا. وأضاف أن من شأن تشجيع عودة باحثين أن يشغل قسمين في الاقتصاد وقسمين في مجال علم الحاسوب وأكثر من ثلاثة أقسام في مجال إدارة الأعمال.

وحسب معطيات الدراسة، فإنه في العام 2017 مقابل مغادرة 4.5 أشخاص يحملون ألقابا جامعيا لإسرائيل، عاد إليها شخص واحد كهذا، بينما كانت هذه النسبة قبل ذلك بثلاثة أعوام 2.6:1. كذلك تبين أنه كلما كانت الجامعة الإسرائيلية مرموقة أكثر ترتفع نسبة خريجيها الذين يغادرون البلاد من أجل العمل في الخارج. وهذا يسري على مجالات التعليم، أيضًا، حيث أعلى نسبة بينهم من حملة الشهادات في العلوم الدقيقة والهندسة، الذين يقول بن دافيد إنهم الأشخاص الأكثر أهمية لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي".  

وأكدت الدراسة على ازدياد عدد الإسرائيليين الذين يدرسون الطب في الخارج، وكثيرون بينهم لا يعودون إلى إسرائيل بعد إنهاء دراستهم. وعمل في الولايات المتحدة، في العام 2016، قرابة 3500 طبيب إسرائيلي. ولدى التدقيق في أصول الأطباء العاملين في الولايات المتحدة، يتجاوز الأطباء البريطانيون والكنديون والمكسيكيون فقط عدد الأطباء من إسرائيل، لكن عدد السكان في تلك الدول الثلاث أكبر بكثير من عدد السكان في إسرائيل.

وعزا بن دافيد ازدياد وتيرة هجرة الأدمغة إلى أن "الأفضليات القومية في إسرائيل تقود إلى نسبة مغادرة متزايدة للإسرائيليين الأكثر تعلما. وحوافز كهذه أو تلك ليست كافية من أجل تغيير خروج الأدمغة من دولة آخذة بالابتعاد عن العالم المتطور". وأسباب أخرى لهذه الهجرة تتعلق الراتب المتدني، غلاء المعيشة وخاصة أسعار السكن، نسب الضرائب المرتفعة.

والوضع الحالي في الجامعات الإسرائيلية، كما يصفه بن دافيد في دراسته، هو أن هذه الجامعات تطالب خريجيها الحاملين شهادة الدكتوراه أن يحصلوا على تأهيل، بوست دكتوراه، في إحدى مؤسسات الأبحاث المرموقة في الولايات المتحدة أو أوروبا، كشرط لقبولهم في السلك الأكاديمي في إسرائيل. لكن معظم هؤلاء الخريجين يغادرون لعدة سنوات، وبعد ذلك يكتشفون أنه لا يمكنهم العودة للعمل الأكاديميا الإسرائيلية بسبب نقص في الوظائف. وإلى جانب توفر العمل في الولايات المتحدة، فإن الراتب أعلى هناك، كما أن ميزانيات الأبحاث أعلى، وهذه أمور تشجعهم على البقاء هناك وعدم العودة إلى إسرائيل.

التعليقات