تقرير إسرائيلي: سياسة الضم ستعمق الأزمة مع الاتحاد الأوروبي

"ضعف المركز السياسي للاتحاد الأوروبي لا يبرر تجاهل إسرائيل له وتفضيل تطوير علاقات مع مجموعات دول أعضاء فيه على حساب العلاقات مع المؤسسات المركزية، بحال أصبح اتخاذ القرارات بالاتحاد بالأغلبية النسبية"

تقرير إسرائيلي: سياسة الضم ستعمق الأزمة مع الاتحاد الأوروبي

نتنياهو ورئيسة المفوضية الأوروبية السابقة، فيديركا موغيريني، في بروكسل، نهايةعام 2017 (أ.ب.)

سعى تقرير إسرائيلي إلى استشراف سياسة الاتحاد الأوروبي، في أعقاب مصادقة البرلمان الأوروبي، في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على تعيين شارل ميشيل رئيسا للمجلس الأوروبي، وأورسولا فون در لاين، رئيسة للمفوضية الأوروبية، وذلك في ظل تجميد العلاقات السياسية في المستوى الرفيع بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي منذ عشر سنوات، أي منذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة، وعلى خلفية انتقادات الاتحاد الشديدة لإسرائيل بكل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني واستمرار الاحتلال والاستيطان.

وأشار التقرير، الصادر اليوم، الأربعاء، عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، وأعده السفيران الإسرائيليان السابقان، عوديد عيران وشمعون شطاين، إلى تغييرات متوقعة في قيادة الاتحاد الأوروبي، بينها خروج بريطانيا من الاتحاد واقتراب انتهاء ولاية المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى جانب تزايد تمثيل أحزاب متطرفة، يمينية ويسارية، في البرلمان الأوروبي على حساب أحزاب تقليدية كبيرة محافظة واشتراكية.

وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد، ستبقى ألمانيا وفرنسا أكبر عضوين في الاتحاد، فيما توقع التقرير أن تأثيرهما سيتراجع، وأن التفاهمات بينهما بدأت تتراجع في السنوات الأخيرة. فالرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، يدعو إلى إصلاحات في المؤسسات الأوروبية وتعزيز مكانتها، بينما تتحفظ ميركل من ذلك. كذلك انضمت، في السنوات الماضية، للاتحاد الأوروبي دول من أوروبا الشرقية، التي انتقلت أنظمتها من أنظمة استبدادية إلى ديمقراطية، وتحكم بعضها أحزاب يمينية.

واعتبرت فون در لاين، في خطاب إثر انتخابها، أن العالم بحاجة الاتحاد الأوروبي أكثر من قبل، "كقوة عظمة مسؤولة، كي يكون قوة للسلام والتغيير الإيجابي"، وأن يبلور "نظام عالمي أفضل". وقال ميشيل إنه "أريد أن تكون أوروبا زعيمة عالمية للاقتصاد الأخضر مع أماكن عمل، تجديد وجودة حياة عالية... وبإمكان أوروبا أن تقف منتصبة في عالم يوجد فيه أمن ثقة أكبر بالذات. وعلى الاتحاد الأوروبي أن يكون قرب الطاولة لدى بحث مواضيع صعبة".   

واعتبر التقرير أن هذه التصريحات قد تدل على إيلاء أهمية للقضايا التي تهم المواطن الأوروبي وأن القضايا الخارجية تحتل مكانة أقل أهمية، والشرق الأوسط بقي خارج هذه التصريحات لدى التطرق إلى موضوع المهاجرين. "لذلك، يمكن الاعتقاد أن سياسة الاتحاد الخارجية ستركز على الغلاف الخارجي القريب من الاتحاد الأوروبي، وخاصة روسيا ودول البلقان ومحاولة دفع استقرار الحزام الجنوبي – الشرقي من أجل تقليص أعداد المهاجرين من هناك إلى أراضي الاتحاد.

وأشار التقرير إلى القطيعة بين القيادة الإسرائيلية وقيادة الاتحاد الأوروبي، المستمرة منذ عشر سنوات، وإلى أن انتقادات الاتحاد لسياسات إسرائيل اشتدت.

وأضاف التقرير أن "خطوات نفذتها الأميركية – الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل، الاعتراف بسيادة إسرائيل في هضبة الجولان، تصريحات وزير الخارجية الأميركي،، مايك بومبيو، بأن المستوطنات في الضفة الغربية لم تعد غير قانونية، وكذلك وقف مشاركة الولايات المتحدة في ميزانية أونروا – كان لها تبعات سلبية على العلاقات بين الاتحاد وإسرائيل".

ولفت التقرير إلى أن إمكانية تحسين العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي لن يبدأ قبل تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة. وتواجه إسرائيل أزمة حاليا، بسبب الفشل في تشكيل حكومة بعد جولتي انتخابات للكنيست، وتتجه إلى جولة انتخابات ثالثة، ستجري في 2 آذار/مارس المقبل.  

وحذر التقرير من أنه إذا كانت الخطوط العريضة للحكومة الجديدة في إسرائيل ستشير إلى النية بضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، "فإن القطيعة الحاصلة ستستمر". ومن الجهة الأخرى، فإن "حكومة جديدة توضح أن وجهتها نحو تغيير الواقع الحالي باتجاه حل يستند إلى فكرة الدولتين للشعبين، من شأنها أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات".

لكن التقرير ادعى أنه "في الوقت نفسه، يتعين على الاتحاد أيضا أن يغير مواقفه الأساسية في موضوع الصراع وتبني توجها يسمح بتقدم نحو حل كامل على مراحل أيضا وعلى أساس حلول جزئية".  

ودعا التقرير إلى أنه بعد تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، "المطلوب أن تعدّ وزارة الخارجية (الإسرائيلية) والمفوضية في بروكسل أجندة للقاء أولي بأرفع مستوى. وزعم أنه "جدير أن تشمل تصريح نوايا بعزل شرط تطوير وتحسين العلاقات الثنائية بتقدم حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. فهذا ليس اللغم الوحيد في حقل العلاقات: مع تقدم الحوار السياسي المتجدد ستكون هناك حاجة إلى بحث الخلاف بين إسرائيل والاتحاد حول مسألة النووي الإيراني".

كذلك حذر التقرير من خطوات نتنياهو بتعزيز العلاقات مع مجموعات دول داخل الاتحاد الأوروبي. "ضعف المركز السياسي للاتحاد الأوروبي لا يبرر تجاهل إسرائيل له وتفضيل تطوير علاقات مع مجموعات دول أعضاء فيه على حساب العلاقات مع المؤسسات المركزية. وقد يتبين أن هذه السياسة (التي يتبعها نتنياهو) عديمة الفائدة عندما يتبنى الاتحاد الأوروبي طريقة تسمح لأغلبية نسبية بالمصادقة على قرارات في مواضيع الخارجية والأمن".

التعليقات