"استطلاعات عميقة": تحولات بمواقف المقدسيين تجاه الاحتلال الإسرائيلي

الاستطلاعات تظهر تراجعا بالغا، منذ 2015، في قبول المقدسيين للمواطنة الإسرائيلية، وتفضيل المواطنة الفلسطينية، ويرون بإسرائيل "دولة غير شرعية" ويتوقون إلى "فلسطين التاريخية كلها"، لكنهم يصفون ذلك حاليا بأنه "حلم"

القدس المحتلة، 1 أيار/مايو الحالي (أ.ب.)

أكدت سلسلة استطلاعات جديدة، جرى استعراضها في نهاية الأسبوع الماضي، على أن الفلسطينيين في القدس المحتلة يفضلون المواطنة الفلسطينية على المواطنة الإسرائيلية. ووفقا لهذه الاستطلاعات، التي وُصفت بأنها "استطلاعات عميقة"، فإن 15% من المقدسيين يفضلون حمل الجنسية الإسرائيلية، علما أن هذه النسبة كانت 52% قبل العام 2015.

وأجرى هذه الاستطلاعات "معهد واشنطن" بالتعاون مع خبراء استطلاعات فلسطينيين، حسبما ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" اليوم، الإثنين. وأشرف على الاستطلاعات الباحث في المعهد، الدكتور ديفيد بولوك. وأجريت الاستطلاعات خلال العامين الماضيين وفي شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من العام الحالي، وتم استعراض نتائجها خلال ورشة عبر تطبيق "زوم" عقدها "معهد القدس لبحث السياسات"، وهو معهد إسرائيلي، في نهاية الأسبوع الماضي. ويجري بولوك استطلاعات حول مواقف الفلسطينيين في القدس المحتلة منذ العام 2010.

وحسب بولوك، فإنه خلال الأعوام 2010 – 2015، كان الكثيرون من المقدسيين يفضلون المواطنة الإسرائيلية لأسباب عملية ومن دون علاقة للهوية الذاتية أو الأيديولوجية. "لقد أرادوا إمكانية مريحة أكثر من أجل الحصول على العمل والتعليم والصحة والرفاه والشروط الاجتماعية، وحتى للوصول إلى شاطئ البحر. لكن في الأعوام الخمسة الأخيرة طرأ تغيرا دراماتيكيا، وأنا كخبير استطلاع لم أشهد مثله أبدا. إذا أنه فجأة انخفضت نسبة الذين يفضلون حمل المواطنة الإسرائيلية من 52% إلى 15%، وأقلية صغيرة فقط في القدس الشرقية تقول في الاستطلاعات الآن، إنه إذا كان الخيار بيدهم فإنهم سيختارون المواطنة الإسرائيلية".

وتطرق بولوك إلى أسباب هذا التغير، قائلا إنه "استوضحنا من خلال استطلاعات عميقة من الفلسطينيين سبب تغيير تفضيلهم. وثمة أجوبة على ذلك يوفرها الفلسطينيون أنفسهم: أولا، انتفاضة السكاكين التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2015 واستمرت لسنة ونصف السنة ورد الفعل الإسرائيلي الشديد حسبما شهدوه بمشاعرهم الوطنية. ثانيا، التوتر حول (المسجد) الأقصى. فالكثيرين من الفلسطينيين في القدس الشرقية، وكذلك في الضفة الغربية، مقتنعين بأن إسرائيل تشكل تهديدا على الأقصى".

وأضاف بولوك أن "الدافع الثالث للتغيير هو النشاط المتزايد ضد إسرائيل في القدس الشرقية من جانب السلطة الفلسطينية، حماس، الحركة الإسلامية الشمالية، تركيا وجهات أخرى. كما أن حقيقة أن 150 ألفا من الفلسطينيين في القدس الشرقية يعيشون اليوم "خلف الجدار الأمني’، وإمكانية حصولهم على الخدمات الإسرائيلي متاحة بشكل أقل، تؤثر على التغيير البالغ في مواقفهم".

وأشار بولوك إلى أن "معظم الفلسطينيين ما زالوا يعتقدون أن إسرائيل ليست دولة شرعية، ويتوقون إلى فلسطين التاريخية كلها، لكنهم واقعيون بشكل كاف كي يقولوا للمستطلِعين إن ’هذا حلم’ وأن ’إسرائيل موجودة كي تبقى هنا’".

وتثير الاستطلاعات التي يجريها بولوك اهتمام لدى الفلسطينيين والأميركيين ومسؤولين إسرائيليين، حسب الصحيفة. ودققت الاستطلاعات، على خلفية مواقف الفلسطينيين تجاه إسرائيل، في أسباب عدم اندلاع انتفاضة أخرى. وتبين أن "الفلسطينيين يتخوفون من رد فعل إسرائيلي شديد، إلى جانب عدم الثقة بقيادتهم". ويذكر أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب بحق الفلسطينيين في الانتفاضتين، اللتين اندلعتا في العامين 1987 و2000، وخلال أي احتجاجات نظمها الفلسطينيون ضد الاحتلال وممارساته.

وأضاف بولوك أن "الفلسطينيين مهتمون أكثر حاليا بحياهم اليومية - كسب الرزق، الصحة، التعليم والعائلة". وتابع أنه "يجب بلورة الحلول المستقبلية في القدس الشرقية من خلال الأخذ بالحسبان آراء، شعور ومشاعر السكان الفلسطينيين".

التعليقات