تقرير: قلق إسرائيلي من احتمال زعزعة النظام الأردني

مؤشرات ذلك تتعالى في أعقاب الأزمة الاقتصادية، رد فعل القبائل على إصلاحات في طريقة الانتخابات البرلمانية، تحدي جهات أردنية بشكل مباشر للعائلة المالكة، وكذلك تحولات في السياسة الأردنية الإقليمية، وبشكل خاص مقابل سورية

تقرير: قلق إسرائيلي من احتمال زعزعة النظام الأردني

عبد الله الثاني خلال لقاء مع رؤساء عشائر، الأسبوع الماضي (أ.ب.)

اعتبر تقرير إسرائيلي أن أحداثا وتطورات في الأردن ومحيطه القريب تطرح علامات استفهام حول استقرار النظام الهاشمي، وهو ما يثير قلقا في إسرائيل. وحسب التقرير، الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب اليوم، الخميس، فإن هذه المؤشرات تتعالى في أعقاب الأزمة الاقتصادية، رد فعل القبائل على إصلاحات يعتزم الملك عبد الله الثاني تطبيقها في طريقة الانتخابات البرلمانية، تحدي جهات أردنية بشكل مباشر للعائلة المالكة، وكذلك تحولات في السياسة الأردنية الإقليمية، وبشكل خاص مقابل سورية.

وأشار التقرير - الذي أعده رئيس المعهد السابق والسفير الإسرائيلي السابق في الأردن، د. عوديد عيران - إلى أن "استقرار النظام الهاشمي كان وما زال حجرا أساسيا في الغلاف الأمني الإسرائيلي الخارجي. وأي تغيير هام في التوجه السياسي – الأمني الأردني أو تقوض نظامها ستكون له انعكاسات على الميزان الإستراتيجي الإسرائيلي".

وكان تقرير للبنك الدولي، صدر في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قد لفت إلى أن الوضع الاقتصادي في الأردن قد ساء، في أعقاب الانخفاض الكبير في مدخولات الدولة من السياحة والضرائب على الاستيراد وتراجع التحويلات المالية والارتفاع الكبير في أسعار الطاقة ومن الخطوات الملية والنقدية للحكومة.

وأضاف التقرير، فيما يتعلق بمدى استقرار النظام الأردني، أن كشف النظام الأردني، في آذار/مارس الماضي، عن مؤامرة حاكها الأمير حمزة بن الحسين ضد أخيه الملك، سوية مع المسؤول السابق في القصر الملكي، باسم عوض الله، دلّ على وجود قلاقل داخل العائلة المالكة وأن "هناك من يشكك بحق وملاءمة الملك للمنصب السامي".


الأمير حمزة ووالدته الملكة نور (أرشيفيّة - أ ب)

وتغذي الاعتقاد بشأن القلق الإسرائيلي حيال استقرار العرش الأردني، سلسلة أحداث مثل تهديد النائب في البرلمان أسامة العجارمة بقتل الملك، واحتلال نائب آخر لمقعد رئيس الحكومة في البرلمان ورفضه مغادرته. إضافة إلى التقارير حول استثمارات عبد الله الثاني السرية بواسطة شركات تعمل في دول ملاذ من الضرائب، والتي نشرت في الصحافة العالمية، بداية الشهر الحالي. وحسب التقرير، فإن هذه التقارير لم تفاجئ الشعب الأردني، وإنما المفاجأة هي أن قيمة أملاك الملك 100 مليون دولار، وأن "هناك من يتساءل حول كيفية وصول الملك إلى هذا الحجم من الثراء فيما مواطني المملكة يرزحون تحت أعباء الضائقة الاقتصادية المتواصلة".

وتابع التقرير أن الإصلاحات التي يسعى الملك إلى تنفيذها في طريقة الانتخابات البرلمانية، "وإجراء إصلاح في بنية وأداء الأحزاب بهدف تقليصها وجعلها رسمية أكثر" تثير توترا آخر في الأردن. وأوصت لجنة عينها الملك بهذا الخصوص بتعزيز القوائم القُطرية قياسا بتلك التي تركز على شؤون منطقة انتخابية واحدة، وتقسيم الأردن إلى 18 محافظة، فيما المحافظة الـ19 هي الأردن كله، ويخصص لها 41 مقعدا في البرلمان من أصل 138 نائبا.

وأشار التقرير إلى أن تشكيل اللجنة، برئاسة رئيس الحكومة السابق سمير الرفاعي، أثار قلقا في أوساط القبائل البدوية، التي تعتبر قاعدة التأييد الأساسية للنظام الأردني. وهم يخشون أن هذه الإصلاحات ستضعف قوتهم البرلمانية، وزيادة تأثير النواب من المدن الكبرى، التي معظم سكانها من أصل فلسطيني.

تطورات خارجية

تطرق التقرير إلى العلاقات المتوترة بين الملك عبد الله الثاني إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، على خلفية طرح الأخير لخطة "صفقة القرن" وضم مناطق في الضفة الغربية إلى إسرائيل. كذلك يرجح أن عبد الله الثالث قرأ التغيرات التي تنفذها الولايات المتحدة، منذ ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما، بتركيز جهدها السياسي – الأمني – الاقتصادي في الشرق الاقصى، "وبدأ بإنشاء بدائل ولو جزئية".

في موازاة ذلك، اندلعت أزمة بين عبد الله الثاني ورئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، حول عدة قضايا، "منعت الملك من التفكير في تحالفات إقليمية تشارك فيها الأردن وإسرائيل. ومن الجهة الأخرى، التغيرات في العراق مؤخرا، بانتخاب حكومة مستقلة عن إيران، والحدود المشتركة بينهما، شكلت أساسا لشراكة سياسية/اقتصادية مصرية – أردنية – عراقية، ربما من الصعب أن تكون لها ثمار اقتصادية كبيرة لكنها تمنح الاردن مكانة لاعب إقليمي".

بايدن وعبد الله الثاني خلال لقائهما في تموز/يوليو الماضي (أ.ب.)

واعتبر التقرير أنه "على هذا النحو ينبغي اختبار التعاون الجاري نسجه حاليا بين مصر والأردن وسورية ولبنان، وفي مركزه تزويد الكهرباء والغاز الطبيعي لسورية ولبنان. والشهر الحالي، جرى فتح المعبر الحدودي بين الاردن وسورية وجرت لقاءات اقتصادية بين الدولتين، في المستوى الحكومي وكذلك في القطاع الخاص. كما جرت محادثة هاتفية بين الملك الأردني والرئيس السوري، بشار الاسد، في أعقاب محادثات مشابهة بين القايادت الأمنية في الجانبين. وألمح ذلك إلى تحول في توجه الملك إلى النظام في دمشق. كذلك جرى اتصال هاتفي بين وزيري خارجية الأردن وإيران بعد سنوات من القطيعة، وجسدت التحول المتبلور في سياسة عَمان الإقليمية". واعتبر التقرير أن "كلا المحادثتين الهاتفيتين ينبغي إن تثيرا قلقا في إسرائيل.

ورجح التقرير أن "يكون النظام الأردني قد أطلع الإدارة الأميركية على الخطوات المتوقعة ولم يصطدم برد فعل سلبي. ويبدو أنه لا سبب لدى إسرائيل ايضا كي تنظر بشكل سلبي إلى هذه الخطوات".

وخلص التقرير إلى أن "ثمة مكانا للقلق في إسرائيل مما يحدث في الاردن، ولكن من دون هلع. والظاهر الحاصلة في الأردن مقلقة لأنه قد يكون لتقوض هامشي في استقرار المملكة تبعات على الميزان اليومي للعلاقات بين الدولتين وعلى هذا الميزان في الأمد الأبعد. وينبغي مواصلة الاعتناء بالحوار في المستوى الرفيع بين إسرائيل والأردن، الذي استؤنف بعد تشكيل الحكومة برئاسة نفتالي بينيت، من أجل أن يكون بالإمكان البحث في قضايا حساسة بانفتاح كبير. ويقترح دراسة تشكيل هيئة سياسية – أمنية ثلاثية مصرية – أردنية – إسرائيلية".

التعليقات