مصالح إسرائيل باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية

الولايات المتحدة هي الدولة الغربية الوحيدة التي تعترف بهذه السيادة، ودول أوروبية والأمم المتحدة تؤكد أن الاستعمار في الصحراء لم ينته وتسري عليها قوانين الاحتلال، وإسرائيل تأمل بدعم مغربي في الهيئات الدولية

مصالح إسرائيل باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية

مظاهرة داعمة للفلسطينيين في الرباط، نيسان/أبريل الماضي (Getty Images)

أعلن الديوان الملكي المغربي، يوم الإثنين الماضي، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعث برسالة إلى ملك المغرب، محمد السادس، قال فيها إن إسرائيل تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لتنضم إسرائيل بذلك إلى اعتراف إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بهذه السيادة، في العام 2020، كي تنضم المغرب إلى "اتفاقيات أبراهام"، فيما يبدو أن إدارة بايدن الحالية تتحفظ من هذا الاعتراف.

ولا تعترف معظم الجهات الدولية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، فيما تعترف دول بأن الصحراء الغربية هي دولة مستقلة. وتتعامل الأمم المتحدة مع الصحراء الغربية على أنها منطقة غير مستقلة ولم ينته الاستعمار فيها. ويعلن الاتحاد الأوروبي موقفا مشابها لموقف الأمم المتحدة، ويرى أن الصحراء الغربية منطقة تحتلها المغرب وتسري عليها قوانين الاحتلال. وعمليا، الولايات المتحدة هي الدولة الغربية الوحيدة التي تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

وعبرت معظم الدول العربية عن تأييدها للمغرب، وفتحت أكثر من عشرين دولة، معظمها من غرب أفريقيا، قنصليات لها في الصحراء الغربية، إلى جانب الإمارات والبحرين والأردن. وتحتفظ تونس بموقف محايد، لكن بعد أن دعت زعيم البوليساريو إلى المشاركة في مؤتمر دولي في أراضيها، نشأت أزمة في علاقاتها مع المغرب وسحب السفيرين.

وبعد الاعتراف الأميركي، سعت المغرب إلى تقريب دول أوروبية من موقفها، إذ أعلنت كل من إسبانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال وهولندا، عام 2021، عن تأييدها لخطة الحكم الذاتي الذي اقترحته المغرب لحل الصراع في الصحراء.

وتوقع تقرير صدر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب اليوم، الخميس، أن إسرائيل ستتعرض لانتقادات بعد هذا الاعتراف لتنضم إلى الانتقادات ضد سياستها تجاه الفلسطينيين.


المفتش العام للقوات المسلحة المغربية، الفاروق بلخير، في إسرائيل (أرشيفية - Getty Images)

وأشار التقرير إلى أن اعتراف إسرائيل بالصحراء الغربية يتلاءم مع سياستها ضد الفلسطينيين، لكن التقرير اعتبر أن هذا الاعتراف قد يشكل "سابقة لتحقيق الحق بتقرير المصير لأقلية قومية في إطار لا يشمل دولة مستقلة"، علما أن هذا الأمر يتناقض مع القرارات الدولية التي صدرت عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وأضاف التقرير أن "خطوة كهذه من شأنها أن تبرز في الخطاب الدولي تساؤلات حيال ضم واحتلال واستهداف تحقيق الحق بتقرير المصير، في الوقت الذي تتعرض إسرائيل فيه لانتقادات بسبب أدائها مقابل الفلسطينيين في سياقات مشابهة".

وهناك جهات واسعة في العالم العربي التي تنظر إلى استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل على أنها خطوة تخدم تطلعات إسرائيل إلى سيطرة أوسع في أفريقيا وإلى تعميق الشروخ في العالم العربي، وتدخل في الشؤون العربية الداخلية.

وأشار التقرير إلى المصالح التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها من خلال تحسين علاقاتها مع المغرب:

المصلحة الأولى هي فتح سفارات دائمة في إسرائيل والمغرب، تؤدي إلى تحسين العلاقات، وخاصة في المستويين الدبلوماسي والرمزي. ويأتي ذلك، حسب التقرير، "في فترة ليست بسيطة في العلاقات بين إسرائيل ودول السلام والتطبيع على إثر التوتر في الحلبة الفلسطينية، الذي يخيم على علاقات إسرائيل والمغرب أيضا".

مصلحة إسرائيلية ثانية، هي زيارات متبادلة ولقاءات بين المستوى السياسي الرفيع في المغرب وإسرائيل، وبمشاركة ملك المغرب خصوصا. وأعلن مكتب نتنياهو، الأسبوع الحالي، أن محمد السادس دعاه لزيارة الرباط، وهو ما تعتبره إسرائيل أنه "إنجاز سياسي هام" لها.


رئيس الكنيست ووزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة (الخارجية المغربية)

مصلحة ثالثة، هي توسيع العلاقات الاقتصادية بين الدولتين. والخطوة الأولى في هذا المجال هو توقيع اتفاق حماية استثمارات، الذي تتفاوض الدولتان حوله منذ سنتين. ومن شأن اتفاق كهذا أن يمنح حماية للمستثمرين الإسرائيليين في المغرب، على غرار اتفاق مشابه بين إسرائيل والإمارات، عام 2021. وخطوة أخرى تتمثل بتوقيع اتفاق تجارة حرة.

مصلحة رابعة تتعلق بمجال العلاقات المتشعبة، وبضمنها تأييد ودعم مغربي لإسرائيل في الهيئات الدولية ومساعدة إسرائيل بتوسيع دائرة التطبيع. وبحسب التقرير، فإن "على إسرائيل توضيح توقعها لدعم في هيئات دولية مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، والأهم من ذلك الحصول على مساعدة دبلوماسية في علاقات إسرائيل مع دول أفريقية في جنوب الصحراء الغربية، وخاصة في غرب القارة، حيث تتمتع المغرب بتأثير سياسي إلى جانب حضور تجاري ومالي كبير".

وبحسب التقرير، فإن "ثمة تخوفا من ألا تنفذ المغرب المطلوب منها أو أن تنفذه مؤقتا وبإمكانها التراجع. وذلك على إثر اعتبارات المغرب في الحلبة المحلية والمنظومة العربية، وخاصة إثر التزامها منذ سنين طويلة تجاه القضية الفلسطينية، التي تحظى بتأييد ودعم الكثيرين في المغرب وأنحاء العالم العربي".

وأشار التقرير إلى أن التزام المغرب تجاه القضية الفلسطينية وتجاه القدس، "تقيد قدرة الملك على تعميق العلاقات بين الدولتين خلال فترات التصعيد في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني".

ورجح التقرير أن "سياسة إسرائيل لتوسيع سيطرتها في الضفة الغربية وعدم القدرة المتوقع للحكومة الإسرائيلية بالتقدم نحو حل القضية الفلسطينية، ستضع مصاعب أمام المغرب في دفع العلاقات من خلال القيام خلال خطوات بارزة، مثل فتح سفارة إسرائيلية في الرباط، والتي من شأنها تصعيد الانتقادات لعلاقات المغرب مع إسرائيل".

وخلص التقرير إلى أنه "على إثر ما تقدم، يجب أن نأمل أن اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب في الصحراء الغربية تم إرفاقها بمطالب تسمح بتحسين العلاقات بين الدولتين بشكل كبير، ومن خلال إرساء تعهدات المغرب بشكل يضع مصاعب أمام انسحابها منها لاحقا".

التعليقات