محللون: طموحات إسرائيل حيال إيران مبالغ فيها

المحللون يحذرون من محاولة إسرائيل تنصيب نظام جديد في إيران يتنازل عن البرنامج النووي، ومن سياسة القوة الإسرائيلية ("الجدار الحديدي")، الخالية من مؤشرات سياسية، ومن الاصطدام بجدار حديدي إيراني أو غزاوي

محللون: طموحات إسرائيل حيال إيران مبالغ فيها

نتنياهو في موسكو أول من أمس (أ.ب.)

دعا محللون إسرائيليون، اليوم الجمعة، إلى عدم الاستخفاف بقدرات إيران، في أعقاب القصف الإسرائيلي العدواني في سورية، والذي تقول إسرائيل إنه استهدف مواقع إيرانية، ورجحوا أن الأمور لم تنته بالغارات الإسرائيلية ليلتي الأربعاء والخميس الماضيتين، وإطلاق صواريخ من سورية باتجاه هضبة الجولان المحتلة، ما أدى إلى تصعيد بالغ في المنطقة.

وكتب كبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن "لا أحد بإمكانه التنبؤ كيف ستنتهي هذه القصة، لا في الكرياه في تل أبيب (أي مقر وزارة الأمن الإسرائيلية) ولا في المسجد في قم. وثمة أمر واحد فقط يتفق حوله الجميع، وهو أن هذا لم ينته".

وأضاف برنياع، فيما يتعلق بمواصلة التهديدات الإسرائيلية ، أنه "أنصح بعدم الاستخفاف بمعنى المواجهة بين إسرائيل وإيران"، وأن "إيران تُصوَر كهدف، كعدو ومهاجمته شرعية. وقد خدمت غارات سلاح الجو (الإسرائيلي) على أهداف إيرانية في سورية هدفين آنيين: إرغام الإيرانيين على دفع ثمن جراء تمركزهم في سورية، وتشجيع ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي. وحتى الآن تم تحقيق الهدفين".

ونقل برنياع عن مصادر في الجيش الإسرائيلي اعتبارها أن إيران "تحاول نقل النموذج من اليمن إلى سورية" في إشارة إلى إطلاق صواريخ من اليمن إلى السعودية. وأضاف أن "الحملة الإسرائيلية ترمي إلى توجيه رسالة إلى الحكومات في العالم والشارع الإيراني بأن إيران هي العنوان (للقصف الإسرائيلي)".

وشدد برنياع على أن "تتطلعات إسرائيل للأمد البعيد بعيدة المدى (بمعنى أنه مبالغ فيها): التسبب بانهيار إيران اقتصاديا بواسطة عقوبات أميركية. والانهيار الاقتصادي سيؤدي إلى تغير النظام. والنظام الجديد يتنازل عن الخيار النووي وعن مخطط انتشار إيران في المنطقة. وما سبب انهيار الاتحاد السوفييتي بحلول تسعينيات القرن الماضي، سيسبب انهيار الجمهورية الإسلامية. الرئيس ريغان فعل ذلك للسوفييت؛ الرئيس ترامب سيفعل ذلك للإيرانيين. وترامب عشق الفكرة".

لكن برنياع حذر حكام إسرائيل من تكرار محاولة تنصيب حكام دول أخرى، وكتب أن "انهيار الاتحاد السوفييتي ليس النموذج التاريخي الوحيد. لقد هُزمت مصر في حرب الأيام الستة (حزيران/يونيو 1967)، وإسرائيل ضربتها بشدة في حرب الاستنزاف. وجاء الرد في حرب يوم الغفران (تشرين أول/أكتوبر 1973)، وقد كان قاسيا ومؤلما. وفي بداية الثمانينيات سيطرت إسرائيل على السياسة اللبنانية، واختارت رئيسا (بشير جميل) وأملت اتفاق سلام. وكانت النتيجة تورط (إسرائيل) لسنوات طويلة. وفي الشرق الأوسط يدفعون ثمنا باهظا جراء طموح مبالغ فيه".

من جانبه، رأى المحلل الأمني في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، أن "الهجوم المكثف لسلاح الجو (الإسرائيلي) فجر أمس الخميس، لا يغير الحقيقة الأساسية، وهي أن القوة الهائلة الإسرائيلية، وتهديدات رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو)، وزراءه، رئيس أركان الجيش وضباط الجيش الإسرائيلي، لم تردع إيران.فالأخيرة كانت مصممة على الرد والانتقام للهجمات المتواصلة ضدها في سورية، التي انتهت بموت مستشارين عسكريين. وقد نجحت في ذلك".

ولفت ميلمان إلى أن القدرات المخابراتية الإسرائيلية حيال إيران ليست مطلقة. "خلافا لليلة بين الثلاثاء والأربعاء، التي كانت فيها لإسرائيل معلومات استخباراتية دقيقة سمحت لسلاح الجو بإحباط استعدادات لإطلاق قذائف صاروخية، لم يتم الحصول على معلومات كهذه هذه المرة" أي ليلة الأربعاء – الخميس، عندما تم إطلاق صواريخ من سورية باتجاه الجولان المحتل.

وشدد ميلمان على أنه "مهما كانت قدرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية جيدة، فإنه لا يمكنها ضمان تغطية متكاملة والحصول على معلومات مؤكدة بنسبة 100%".

"جدار حديدي" إيراني أو غزاوي

وتطرق ميلمان وبرنياع في مقاليهما الأسبوعي إلى الوضع في قطاع غزة وفعاليات مسيرة العودة الكبر. وأشار برنياع إلى أنه "لا توجد كلمة في القاموس الإسرائيلي تآكلت (يقصد مبتذلة) أكثر من كلمة ’إرهاب’. إرهاب الطائرات الورقية، إرهاب البالونات، الإرهاب السياسي، الإرهاب الزراعي، الإرهاب الاقتصادي. والحرائق في حقول القمح والأحراش في الكيبوتسات مؤسفة وتستحق التعويض، لكن مصطلح ’إرهاب’ كبير عليها".

ورأى برنياع أنه "يوجد حتى عدالة شاعرية في حقيقة أن الجيش الإسرائيلي القادر على كل شيء، والذي استثمر مليارات في بناء عائق تحت الأرض (عند السياج الحدودي المحيط بالقطاع)، يواجه صعوبة في مواجهة الطيارات (الورقية)". وتابع ساخرا أنه "ربما نوقف تزويد غزة بالخيوط؟ الأوراق الملونة؟ وربما نكسر لهم اتجاه الريح؟ إن الوضع في غزة يائس. وثمة أربع إمكانيات أمام إسرائيل: احتلال غزة؛ مهاجمة غزة والانسحاب؛ دعم أبو مازن ضد حماس؛ الاستجابة لاقتراح حماس بوقف إطلاق نار، هدنة، لعشر سنوات. الخيار الرابع هو العملي. ووزير الأمن (أفيغدور ليبرمان) رفضه".

بدوره، شدد ميلمان على أن إسرائيل لم تُجر أي محاولة جدية من أجل تهدئة الوضع في غزة، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة مسيرة العودة الكبرى، في ذكرى النكبة، الأسبوع المقبل، ومنع متظاهرين فلسطينيين من التوجه نحو السياج الحدودي.

وخلص ميلمان إلى أن "الأمر المشترك في الجبهتين، ضد إيران في الشمال وحماس في الجنوب، هو أن حكومة إسرائيل تمارس القوة العسكرية وحسب. ولا توجد في هذه السياسة عناصر سياسية ولا عناصر مبتكرة. لا توجد فيها إستراتيجية. تكتيك وحسب. وتعتقد الحكومة أن بإمكانها هزم خصومها، وإرغامهم على القبول بإملاءاتها. ولا توجد مؤشرات على ذلك في هذه الأثناء. لا حماس ولا إيران تتراجعان. والمشكلة في ممارسة القوة (بمعنى التوجه العدواني) هو غياب البديل، الخطة ب، في حال أن سياسة القوة – ’الجدار الحديدي, كقول نتنياهو – أفضت إلى اصطدام بجدار حديدي إيراني أو إزاوي".

التعليقات