OECD: "إسرائيل دولة استبدادية بدون الاستثمار بالعرب والحريديين"

مسؤول كبير في منظمة OECD يحذر من استمرار انعدام المساواة والفجوات الاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل، ويشدد على أن اتفاق سلام مع الفلسطينيين سيعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد ومستوى حياة ودخل الأفراد في إسرائيل

OECD:

قال رئيس دائرة الأبحاث في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، الدكتور بيتر جارت، إن "الاقتصاد الإسرائيلي ينمو بوتيرة ثابتة"، لكنه شدد على أن هذا النمو "لا يتغلغل لدى جميع الفئات السكانية وهذه الحقيقة تخلق توترا متصاعدا"، وحذر من أن الوضع الاقتصادي في إسرائيل يمكن أن يتدهور بسبب الفجوات الاقتصادية الهائلة والتمييز، ضد الحريديم والعرب خصوصا، وأن يوصل ذلك إسرائيل إلى نظام يميني استبدادي.

وكانت منظمة OECD قد نشرت تقريرا، قبل ثلاثة أشهر، أشارت فيه إلى مجموعة من الإخفاقات والمصائب والمخاطر التي يتوقع أن تواجهها إسرائيل، وتركزت حول نسبة الفقر المرتفعة، الفجوات الاجتماعية، انعدام التكتل الاجتماعي، جهاز تعليم فاشل، مشاكل البنية التحتية، غياب المنافسة والإنتاجية المتدنية، ازدحامات السير وتلويث الجو.

وجاء في التقرير أن "المجتمع الإسرائيلي يعاني من انقسامات بالغة وشروخ، تهدد نتائجها المالية الجيدة في الأمد البعيد. وتواجه إسرائيل انعدام مساواة خطير في الأجور ونسب فقر مرتفعة. ويتميز سوق العمل بتقاطب خطير: من جهة، هناك صناعة هايتك مزدهرة، ومن الجهة الأخرى هناك صناعات إنتاجها وأجر العاملين فيها متدن. ويمثل هذا الوضع فجوات كبيرة في مؤهلات العاملين، وهي الأكبر من نوعها بين كافة الدول في OECD. والمؤخلات المتدنية في إسرائيل هي موضوع جدي لا ينبغي تجاهله".

وقال جارت لصحيفة "ذي ماركر"، في مقابلة نُشرت اليوم، الاثنين، إن "الاقتصاد الإسرائيلي ينمو بوتيرة مستقرة، لكن النمو لا يتغلغل إلى كافة الفئات السكانية وهذه الحقيقة تخلق توترا متصاعدا. وتحاول الحكومة الإسرائيلية، في السنوات الأخيرة، دمج الحريديين والعرب في سوق العمل، بنجاح معين. إذ أنها تدرك أن نسبتهم بين السكان سترتفع كثيرا في المستقبل. ونحن نقدر أن الحريديين والعرب سيشكلون نصف سكان إسرائيل حتى العام 2060، ولذلك من المفيد جدا دمجهم في قوة العمل ومنحم الأدوات والمؤهلات التي تمكنهم من القيام بذلك. ومن دون مؤهلات مناسبة، يبكون معظمهم فقراء ولن يتخلصوا من حياة الفقر".

ودعا جارت السلطات الإسرائيلية إلى زيادة المحفزات لدخول سوق العمل، مثل ضريبة الدخل السبية، لكنه شدد على أنه "حتى هذا لن ينفع في الأمد البعيد إذا لم تستثمروا بشكل كبير في التعليم وتطبقوا إصلاحا يسمح لهذه الشرائح السكانية باقتناء المؤهلات الملائمة للاندماج بالعمل".

وشدد جارت على أنه "ينبغي على إسرائيل مواصلة رفع ميزانية التعليم. ونحن نرى أن ثمة مكان لاستثمار إضافي. وإذا خططتم وطبقتم إصلاح مناسب في التعليم فإنه سيثمر ويساعد على دمج عدد أكبر من الحريديين والعرب المؤهلين في سوق العمل. وعليمن إجراء تغييرات في برنامج التدريس في المدارس الحريدية، لكي تتأكدوا من أن السكان في إسرائيل يقتنون المؤهلات المطلوبة لسوق العمل في القرن الـ21".

لكن الصحيفة انتقدت وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، الذي يمثل التيار الصهيوني – الديني اليميني المتطرف والعنصري، وقالت إنه ليس مهتما بفرض تغييرات كبيرة على جهاز التعليم الحريدي. ويرفض الحريديون تدريس المواضيع الأساسية، مثل الرياضيات واللغة الانجليزية والعلوم في مدارسهم.

وعلق جارت على ذلك قائلا إن "هذه إستراتيجية خطيرة. أنتم في سباق مع الزمن. (إذ أنه) واضح للجميع أن المردود الذي يمنحه جهاز تعليم نوعي للمجتمع ليس فوريا. وحتى لو نجحتم في توفير تعليم نوعي للشرائح السكانية التي تحتاج إلى ذلك، فإن الفائدة التي ستجنيها هذه الشرائح والمجتمع عموما جراء ذلك ستأتي بعد عشر سنوات على الأقل. حتى متى ستنتظرون؟ حتى يكتشفوا أفضليات التعليم؟ هذا يمكن أن يحدث بعد عشر سنوات، وفي هذه الأثناء ستفقدون الكثير من الشبان الذي سيبقون بنفس مستوى حياة آبائهم، في فقر ونقص بالموارد المادية، حتى لو كان الكثيرون منهم سعداء ومستعدون لمواصلة العيش على هذا النحو".

وتطرق جارت إلى مقولة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أنه "من دون العرب والحريديين، وضعنا جيد". ورأى جارت أنه "أعتقد أنه محق من الناحية الإحصائية، لكن هذا ليس شيئا يقال ويفاخر به على الملأ. فهذا غباء. ونحن لا نقدس النمو الاقتصادي فقط، وإنما النمو الشامل والدائم. والنمو الذي لا يصل إلى جميع السكان وليس دائما سيسمح لكم بالنجاح خلال الأمد القصير فقط".

وحذر جارت من أن "الدول التي لا توجد فيها ظروف نمو نوعي تتدهور إلى تطرف سياسي. وقد استولت قوى سياسية متطرفة على الحكم في عدة دول في OECD. وفي حالة نمو بنوعية سيئة في دولة نظامها ليس ديمقراطيا حقيقيا (مثل إسرائيل)، ثمة خطر بأن يتحول إلى نظام استبدادي. وبالإمكان رؤية مؤشرات على ذلك في بولندا وهنغاريا وتركيا. وأنتم ملزمون بالاهتمام بهذه المجتمعات والأوساط في إسرائيل" في إشارة إلى الحريديين والعرب.

ولفت جارت إلى أنه "على الرغم من أن قرابة نصف العرب والحريديين في إسرائيل فقراء، إلا أن نسبة الفقر مرتفعة بين شرائح سكانية أخرى في الدولة أيضا. والفقر هو مشكلة عامة في إسرائيل ويوجد إسرائيليون كثيرون يعيشون في فقر".

وأضاف أنه "إذا أردتم الحفاظ على فوائد صناعة الهايتك، فإنكم بحاجة إلى أن يكون رأس مالكم البشري متعلم، لكن الوضع ليس كذلك في إسرائيل".

وشدد جارت على أنه "سيكون لاتفاق سياسي مع الفلسطينيين تأثير هائل على الاقتصاد الإسرائيلي. واتفاق كهذا سيسرع الاقتصاد الإسرائيلي وفي نهاية الأمر سيرفع متوسط الدخل. وسيسمح لكم بتحقيق قدرة الدولة كموقع جاذب للسياحة لجميع الديانات، والأعمال في هذا المجال ستشهد ارتفاعا كبيرا في الطلب عليها. وستتعزز عملتكم وسيكون بإمكانكم شراء واستيراد بضائع بتكلفة أقل. وأعتقد أن اتفاقا كهذا سيزيد الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل أيضا وسيجعل الإسرائيليين في أعلى مستويات الحياة والدخل للفرد بين دول OECD".

التعليقات