"بعد أنفاق الكرمل وقطار تل أبيب: الصين تسيطر على الموانئ"

"انكشاف الصين على القدرات العسكرية الإسرائيلية، وخاصة قاعدة سلاح البحرية في حيفا والتي يجثم فيها سرب الغواصات، إضافة إلى إمكانية حصولها على وسائل ضغط محتملة على إسرائيل عبر السنوات، دون إشراك سلاح البحرية والمجلس للأمن القومي"

الأسطول الأميركي يعتبر ميناء حيفا ميناءه البيتي (أ ب)

تناولت صحيفة "هآرتس"، اليوم الجمعة، ما اعتبرته سيطرة صينية على موانئ البلاد، حيث فازت شركة بمناقصة لتوسيع ميناء حيفا خلال السنوات القادمة، ثم تفعيله لمدة 25 عاما، إضافة إلى فوز شركة صينية أخرى بمناقصة لإقامة ميناء جديد في أسدود.

ينضاف إلى ذلك، الدور الصيني في مشاريع ضخمة أخرى في مجال البنى التحتية في إسرائيل، بينها أنفاق الكرمل في حيفا، والقطار الخفيف في تل أبيب.

وتعقيبا على ذلك، كتب المحلل العسكري للصحيفة، عاموس هرئيل، أنه إلى جانب انكشاف الصين على القدرات العسكرية الإسرائيلية، وخاصة قاعدة سلاح البحرية في حيفا والتي يجثم فيها سرب الغواصات، إضافة إلى إمكانية حصولها على وسائل ضغط محتملة على إسرائيل عبر السنوات، فإن هذه القرارات قد اتخذت دون إشراك ما يسمى "المجلس للأمن القومي"، أو سلاح البحرية.

وكتب أن رئيس "المركز لدراسات السياسات والإستراتيجية البحرية" في جامعة حيفا، البروفيسور شاؤول حوريف، وهو برتبة عميد (بريغادير جنرال) في جيش الاحتياط وأشغل في السابق منصب رئيس اللجنة للطاقة الذرية، قد حذر من سيطرة الصين على سواحل البلاد.

جاء ذلك في مؤتمر عقده المركز، نهاية الشهر الماضي، شارك فيها أميركيون بينهم مسؤولون سابقون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والأسطول الأميركي، وبحث مسائل أمنية تتصل بإسرائيل والبحر المتوسط.

وفي مقابلة مع القناة الإسرائيلية السابعة، قال حوريف إن المؤتمر أثار مسألة الاستثمارات الصينية في موانئ البحر المتوسط عامة، وإسرائيل بوجه خاص. وذكر أن شركة صينية على وشك أن تبدأ بتفعيل ميناء حيفا، مضيفا أنه "يجب على إسرائيل أن تضع آلية لدراسة الاستثمارات الصينية لضمان أنها لا تشكل خطرا على المصالح الأمنية الإسرائيلية".

ونقل عن حوريف قوله إنه عندما "تستولي الصين على موانئ، فإنها تفعل ذلك تحت غطاء الحفاظ على ممر تجاري من المحيط الهندي مرورا بقناة السويس وحتى أوروبا". وتساءل عما إذا سيكون لذلك تأثيرات أمنية، لافتا إلى أن إسرائيل لم تدرس ذلك بشكل كاف. على حد قوله.

وأشار المحلل العسكري إلى أن أحد المسؤولين الأميركيين، الذين شاركوا في المؤتمر، قد تساءل عما إذا كان بإمكان الأسطول السادس الأميركي أن يواصل اعتبار ميناء حيفا "ميناءه البيتي" في ظل السيطرة الصينية.

كما أشار حوريف إلى أن الأميركيين يوجهون، اليوم، جل اهتماماتهم إلى بحر الصين الجنوبي والخليج العربي على حساب شرقي البحر المتوسط، مضيفا أنه " في مثل هذه الفترة، كان من الصواب أن تعزز إسرائيل مكانتها كقاعدة إستراتيجية للأميركيين".

وبحسب هرئيل، فإن المسؤولين الأميركيين، سابقا، الذين شاركوا في المؤتمر، يعتقدون أن "إسرائيل قد جن جنونها عندما سلمت مفاتيح ميناء حيفا للصين"، وقالوا إن سلاح البحرية الأميركية لا يستطيع أن يبني على مواصلة العلاقات مع الأسطول السادس عندما تكون الصين في الصورة.

وأشار إلى أن شركة "SIPG" الصينية قد فازت في مناقصة لتوسيع ميناء حيفا قبل ثلاث سنوات ونصف. ومن المقرر أن يفتتح الميناء عام 2021، ويتم تفعيله من قبل الشركة الصينية، التي تقوم بتفعيل ميناء شنغهاي أيضا، ولمدة 25 عاما، في حين فازت شركة صينية أخرى بمناقصة لإقامة ميناء جديد في أسدود.

وكتب أن وزارة المواصلات وسلطة الموانئ الإسرائيليتين قد اتخذتا هذه االقرارات، دون إشراك "المجلس للأمن القومي"، ودون أن يكون سلاح البحرية في صورة الوضع، مضيفا أن المشكلة لا تكمن فقط في تأثيرات العلاقة مع الصينيين على علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، التي تصعد من لهجتها، في ظل إدارة دونالد ترامب، ضد بيكين، بسبب الحرب التجارية والتوترات في بحر الصين.

وتابع أن الميناء المدني في حيفا ملاصق لممر الخروج من قاعدة سلاح البحرية المجاور، والتي هي أيضا مقر سرب الغواصات الإسرائيلي، لافتا أن إلى أن "تقارير أجنبية تحدثت عن غواصات ذات قدرة على تسديد ضربة ثانية، لإطلاق صواريخ نووية".

وينضاف إلى ذلك، الدور الصيني في مشاريع ضخمة أخرى في مجال البنى التحتية في إسرائيل، بينها أنفاق الكرمل والقطار الخفيف في تل أبيب.

وفي هذا السياق، كتب هرئيل أنه "يبدو أن أحدا في المستويين السياسي والأمني لم يطل التفكير في الدلالات الإستراتيجية لمثل هذه الخطوات"، حيث أن الصين تحصل بواسطتها على نفوذ كبير على البنى التحتية الحيوية في إسرائيل، وبشكل غير مباشر تطلع عن كثب على جزء من القدرات العسكرية الإسرائيلية، الأمر الذي من شأنه أن يوفر لها، بعد سنوات، وسائل ضغط محتملة على إسرائيل في حال شكلت الأخيرة خطرا على مصالح بكين في المنطقة.

كما كتب أنه "بنظر الصينيين، فإن إسرائيل تكاد تكون ومضة صغيرة على الخارطة العالمية الكبيرة، إلا أن الصين تنظر للمدى البعيد، وتبني مشاريع وتوسع علاقات ضمن إستراتيجية لتوسيع النفوذ الاقتصادي لبكين، وتحسين مكانتها العالمية"، مضيفا أن "الصين ليست بالضرورة معادية لإسرائيل، ولكن مصالحها معقدة ومركبة، وبالتأكيد فإنها لا تقيم وزنا للتحالف القوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل".

وبحسب مسؤول أميركي، اقتبسه حوريف، فإن "العلاقة الوثيقة بين الصين وإيران، على خلفية الحاجة للنفط الإيراني، هي خير مثال على ذلك، ويجب أن تكون بمثابة إشارة تحذير".

ويخلص إلى أنه "يجب على إسرائيل أن تطور البنى التحتية للمواصلات فيها، ولا ضير من تطوير العلاقات التجارية مع الصين، ولكن السؤال هو "هل تمت دراسة كل الاعتبارات ذات الصلة، وأخذت المخاطر بالحسبان لدى اتخاذ هذه القرارات".

التعليقات