"عملية عسكرية تنتهي بأزمة دبلوماسية هي فاشلة ولها ثمن"

"أي عملية عسكرية، مهما كانت محكمة، لا يمكن اعتبارها نجاحا إذا انتهت بأزمة دبلوماسية مع دولة عظمى، وحتى لو تحققت الأهداف العسكرية فهي فاشلة لأن إسرائيل ستدفع ثمن خسارة الروس طائرة تجسس إلكتروني كان على متنها 15 ضابطا"

الطائرة "IL-20" (أب )

اعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن أي عملية عسكرية، مهما كانت محكمة، لا يمكن اعتبارها نجاحا إذا انتهت بأزمة دبلوماسية مع دولة عظمى، وأنه حتى لو تم تحقيق الأهداف العسكرية فإن ذلك سيكون فشلا، لأن إسرائيل ستدفع ثمن حقيقة أن الروس خسروا طائرة تجسس إلكتروني كان على متنها 15 ضابطا من الخبراء في التجسس وطاقم سلاح الجو.

وبحسبه، فإن الروس لن ينفذوا في الغد عملية رد ضد قواعد سلاح الجو الإسرائيلي، ولن يتم إسقاط طائرات إسرائيلية بنيران المضادات الروسية في سورية، ولكن إسرائيل ستضطر، وبدرجة أكبر، إلى ملاءمة عملياتها ضد أهداف على الأراضي السورية مع المصالح الروسية.

وضمن النتائج الفورية لتبعات إسقاط الطائرة الروسية قبالة السواحل السورية، لفت المحلل العسكري إلى أن سلطات اليونان أعلنت، يوم أمس، أن الروس قد أوضحوا أنهم ينوون تنفيذ مناورات جوية مفاجئة تستمر ستة أيام، في أجواء المنطقة الواقعة بين نيقوسيا والمنطقة التي انتشلت منها أجزاء الطائرة الروسية قبالة اللاذقية، ما يعني أن كل أجواء هذه المنطقة الشاسعة ستكون مغلقة أمام كل الرحلات الجوية، الأمر الذي يقيد النشاط الجوي الإسرائيلي في هذه المنطقة.

كما لفت إلى حالة الإرباك التي أصابت القيادة الإسرائيلية، بدءا من مكتب رئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت، ومكتب وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، ووزارة الخارجية وحتى مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. كما من المتوقع أن يتوجه قائد سلاح الجو، عميكام نوركين، إلى موسكو، في الأيام القريبة، لتقديم تبريرات.

وكان سلاح الجو الإسرائيلي قد رفض بيان وزارة الدفاع الروسية التي اتهمت إسرائيل باستخدام انتهازي لمسار طيران الطائرة الروسية لتنفيذ الهجوم. وبحسب فيشمان، فإنه "لا يوجد قائد سلاح جو على استعداد للمصادقة على خطة عملانية تعرض للخطر مصلحة روسية واضحة أو حياة جنود روس، فكم بالحري إذا كان الحديث عن عملية تهدف لتدمير مخازن أسلحة. ليس لأن ذلك غير ممكن، بل لأنه لا داع لذلك، حيث أن هجمات، مثل تلك التي حصلت الإثنين الماضي، يمكن تنفيذها من داخل إسرائيل، بعيدا عن مسارات الطيران في شمالي سورية".

ويضيف أن الروس يدركون أن إسرائيل تتابع حركة الطائرات في المنطقة، وخاصة طائرات التجسس. ولذلك، فإن إسرائيل، بحسب الروس، التي أبلغتهم قبل بدء الهجوم بدقيقة واحدة فقط، كانت تعلم بالضبط أين توجد الطائرة الروسية، وتعرف أنها دخلت إلى منطقة خطيرة، وأن دقيقة واحدة فقط هي فترة زمنية قصيرة جدا لا تكفي لتحويل مسار الطائرة، ما يعني أن إسرائيل، بالنسبة للروس، لم تبذل الجهد المطلوب بناء على التفاهمات لتجنيب الطائرة الروسية الخطر.

وبالنتيجة، فإن الروس أدركوا أنهم يستطيعون تحقيق إنجازات سياسية من هذه الحادثة، ولذلك لم يستنفروا، ولم يسارعوا لكيل الاتهامات فورا، بل انتظروا 12 ساعة درسوا وحللوا فيها ما حصل، وعندها جاء البيان الحاد الذي خلق أجواء أزمة سياسية – عسكرية بين إسرائيل وروسيا، وصلت أوجها في المحادثة التي أجراها وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، مع وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، حمل فيها إسرائيل المسؤولية عن سقوط الطائرة.

وبحسب فيشمان، فإن كل ما جاء في رد الفعل الروسي لم يكن عفويا، فقد كان يهدف أولا إلى تقليص نطاق وحرية النشاط العملاني الإسرائيلي في سورية. وبحسب تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الروسية، فإن الكرملين خشي أن تكون إسرائيل، مدفوعة من الولايات المتحدة، تحاول أن تفسد "الإنجاز" الذي تحقق قبل الهجوم بيوم، وهو اتفاق إدلب مع تركيا.

ينضاف إلى ذلك، بحسب المحلل العسكري، أن الروس يدركون الإحباط الإسرائيلي من مثل هذه الاتفاقيات، حيث أن روسيا منحت الأتراك إنجازات حقيقية، بينما اكتفت بتقديم تعهدات لإسرائيل بإبعاد الإيرانيين مسافة 100 كيلومتر من الحدود، لا تشمل دمشق، والآن يتضح أن الإيرانيين أقاموا مصانع لإنتاج أسلحة دقيقة تحت المظلة الجوية الروسية في منطقة اللاذقية في تجاهل تام للمصالح الإسرائيلية، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى مواصلة الهجمات المكثفة على سورية، في كل مكان وزمان، وبأدنى درجة من الأخذ بالحسبان المصالح الروسية.

وكتب أيضا أن الروس لا يزالون بحاجة إلى التعاون الإسرائيلي في سورية، ولذلك، وبعد ساعات طويلة، قرر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تلطيف الأجواء، وأعلن أن الحديث عن "خطأ مأساوي"، رغم أن إسرائيل خرقت التفاهمات.

التعليقات