"مستقبل إسرائيل ليس مضمونا بدون إعادة النظر بالمجالات الأساسية"

دعا الأكاديمي الإسرائيلي البارز، البروفيسور يحزقيل درور، قيادة إسرائيل إلى السعي للتوصل إلى اتفاق حول حل الدولتين، مؤكدا أنه لا يوجد مستقبل "لحلم أرض إسرائيل الكاملة"، وأن إقامة المستوطنات أشبه بنموذج "الدول المجنونة"

"الدول المجنونة" - مستوطنة "بيت إيل" (أرشيف - أ.ب.)

رأى الأكاديمي الإسرائيلي البارز، البروفيسور يحزقيل درور، أن مستقبل إسرائيل ليس مضمونا من دون إعادة النظر في مجالات أساسية، ودعا قيادة إسرائيل إلى السعي للتوصل إلى اتفاق حول حل الدولتين، مؤكدا أنه لا يوجد مستقبل "لحلم أرض إسرائيل الكاملة" أيضا.

ودرور هو محاضر متقاعد في قسم العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، وخبير في إدارة أنظمة الحكم، وكان أول رئيس لـ"المعهد لتخطيط سياسة الشعب اليهودي".

وفيما اعتبر درور، في مقال بصحيفة "هآرتس" اليوم الجمعة، أن "قانون القومية" هو "فقاعة على وجه الماء" رغم الضجة التي أثارها، إلا أنه "لن يؤثر بشكل فعلي على جوهر دولة إسرائيل". "وفي المقابل، فإنه سيكون لتطور إسرائيل الديمغرافي تأثير حاسم على مستقبلها، لكن المطلوب من أجل بلورة هذه السياسة وضع سياسة طويلة الأمد وحكيمة وتتعدى قدرة المؤسسة السياسية الإسرائيلية بوضعها الحالي"، كما كتب.

وأضاف أنه "أؤيد في المستوى الفكري حق الشعب اليهودي على كل الأرض الموعودة، رغم أن حدودها ليست واضحة. لكن ليس من شأن تساؤلات كهذه أن تُسند سياسة واقعية". وأشار إلى أن "جميع النشطين من أجل تحقيق حلم أرض إسرائيل الكاملة بواسطة إقامة مستوطنات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ينتهجون سياسة تتطابق مع نموذج ’دول مجنونة’ الذي طورته في العام 1973، أثناء تواجدي في مؤسسة راند في الولايات المتحدة، وهو مزيج من التمسك بقيم عميقة مع الادعاء بمعرفة أفكار الباري، ما يفقدهم صوابهم".

وشدد درور على أن "تحليل الواقع الإقليمي والعالمي ومستقبل إسرائيل الداخلي يقود إلى استنتاج واضح، وهو أنه يكاد لا يوجد مهرب من حل الدولتين. لماذا ’يكاد’؟ لأن الشرق الأوسط هو منطقة مفاجآت. على سبيل المثال، محاولة انقلاب في الأردن، تساعد إسرائيل في قمعها، قد تفتح بابا لصيغة جديد لاتفاق لندن من العام 1987 (كونفدرالية أردنية فلسطينية)، وتقود إلى تقاسم يهودا والسامرة بين الأردن وإسرائيل، وربما من خلال تغييرات ديمغرافية".

لكن درور أكد أن "احتمال تحقق إمكانية كهذه وشبيهات لها ضئيل جدا، ولذلك يحظر بناء سياسة عليها. وحتمية الواقع ورؤية المولود تستوجب التقدم السريع نحو حل الدولتين، ودمجه بتسوية إقليمية وتحثين أمني لإسرائيل... كذلك ينبغي عدم اليأس من دمج إيران في تسوية إقليمية، ولو في المستقبل البعيد، من خلال الحرص على أن يبقى الناشطون من أجل تحقيق حلم أرض إسرائيل الكاملة بعيدين عن التأثير".

واضاف درور أنه "في تقديري أن نتنياهو، وبالتأكيد رئيس الحكومة الأسبق ايهود باراك أيضا، يعلمان بأن لا مستقبل لحلم أرض إسرائيل الكاملة. غير أن النظام الإسرائيلي يضه مصاعب كبيرة أمام الحسم في قضايا مختلف حولها. وهو يدفع نحو عدم اتخاذ قرار، ومن خلال مس فعلي بمستقبل إسرائيل. من هنا نصيحتي، الحتمية للبقاء، بإقامة نظام شبه رئاسي، يستند إلى انتخاب مباشر لرئيس لخمس سنوات، مع صلاحيات إقرار مبدئي للسياسات وتعيين وعزل وزراء وإجراء استفتاءات والإعلان عن انتخابات للكنيست في حال الشلل المتبادل".

وتابع أنه "في نظام شبه رئاسي تكمن معظم الاحتمالات لدفع عملية سلام حقيقية، من خلال تعزيز أمن إسرائيل القومي وتحصين مكانتها الدولية. وسيعترض السياسيون بشدة على تغيير النظام الذي سيمس بمكانتهم وطريقة المساومة التي باتوا خبراء فيها. لذلك فإن تحقيق التغييرات مشروط بإنشاء كتلة سياسية تحظى بتأييد كبير من الناخبين، وربما بعد أزمة تقوض استبدادية الوضع الحالي. وإقامة دولة إسرائيل وبلورتها هي إنجاز بطولي. لكن مستقبل إسرائيل ليس مضمونا بغياب تقييمات جديدة في المجالات الأساسية".

التعليقات