باحث إسرائيلي: المطلوب ملاءمة محاربة إيران مع أفق روسيا بسورية

"اختيار الروس إحداث أزمة حادة ذات تبعات سياسية وإستراتيجية، ومواصلة دحرجتها أيضا، ليس مفهوما. ويصعب معرفة ما إذا كان الروس يحاولون الضغط على إسرائيل من أجل جعل الأميركيين يتحدثون معهم، لكن من الواضح أن الهدف هو الأميركيون"

باحث إسرائيلي: المطلوب ملاءمة محاربة إيران مع أفق روسيا بسورية

وزير الدفاع الروسي برفقة عسكريين روس في قاعدة حميميم (أرشيف - أ.ب.)

تواصل إسرائيل طرح روايتها للأزمة بينها وبين روسيا الناجمة عن إسقاط طائرة "إيل 20" في سورية ومقتل 15 ضابطا وجنديا روسيا كانوا على متنها، في 16 أيلول/سبتمبر الماضي. وحملت روسيا إسرائيل المسؤولية عن إسقاط الطائرة، رغم أن صواريخ "إس 200" أطلقتها قوات الدفاع الجوي لقوات النظام السوري وأصابت الطائرة الروسية. لكن روسيا حملت إسرائيل المسؤولية لأن طائراتها الحربية، التي كانت عائدة من غارة على موقع قرب مدينة اللاذقية، وتقول إسرائيل إنه موقع إيران وتتواجد فيه أسلحة، هي سبب إطلاق الصواريخ المضادة التي أسقطت الطائرة الروسية. وبعد الحادثة مباشرة، تحدث المسؤولون الروس، وبينهم وزير الدفاع، سيرغي شويغو، عن أن الطائرة الإسرائيلية، التي استهدفتها صواريخ الدفاعات السورية، اختبأت خلف الطائرة الروسية وتسببت بإصابتها ومن ثم إسقاطها. وفي المقابل، تحمل إسرائيل مسؤولية إسقاط الطائرة على سورية وإيران وحزب الله، بادعاء أن الجهتين الأخيرتين، بنقلهما أسلحة إلى سورية ولبنان، تدفعان إسرائيل إلى شن غارات واستهداف مواقعهما في سورية.

واعتبر الباحث في "مركز بيغن – السادات للدراسات الإستراتيجية" في جامعة بار إيلان والضابط برتبة لواء في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، غرشون هكوهين، أن "الخلاف بين إسرائيل وروسيا بشأن المسؤولية عن إسقاط الطائرة الروسية لا يتمحور كما يبدو حول الحقائق وإنما حول مسألة الإطار: أين وتحت مسؤولية من بدأت العملية التي أدت إلى نقطة الفشل (أي إسقاط الطائرة)". وأضاف أن "بذور الأزمة الإستراتيجية الموضوعة أمام القيادة الإسرائيلية" هي اختلاف الروايتين الروسية والإسرائيلية.

وأضاف أن التحقيق في إسقاط الطائرة لا ينبغي أن يكون شبيها بتحقيق في إخفاق تقني، بينما "التحقيق في حدث إستراتيجي، فإن الهدف والغايات الجوهرية التي أرادت إسرائيل تحقيقها من مهمة الهجوم في اللاذقية والحرب الشاملة التي تخوضها في سورية، هو المطلوب الآن كسؤال حول الخلفية وضروري لبحث استمرار هذه الحرب".

وتابع هكوهين أن "لبذل جهد للمصالحة مع الروس يوجد دور هام. لكن باستثنائه، ينبغي القيام باستيضاح أساس داخل جهاز الأمن الإسرائيلي، بتوجيه من القيادة السياسية". وأشار إلى أن "الحكومة الروسية تتطلع إلى استغلال الأزمة لمصلحتها، واستيضاح صادق لتسلسل الحقائق التي سببتها الأزمة يجب أن يبقى خارج هذه العملية".

ورأى هكوهين أنه "في هذه الظروف، يتوجب على القيادة الإسرائيلية أن تعيد النظر في الظروف الجديدة. وبداية، المطلوب من قيادة جهاز الأمن إعادة دراسة الاستمرار في شكل الحرب نفسها التي تخوضها في السنوات الأخيرة بواسطة سلسلة هجمات سلاح الجو في سورية. والصراع من أجل منع تموضع قوات إيرانية في سورية وتسلح حزب الله بسلاح ’كاسر للتوازن’ يجب أن يستمر، لكن توجد مرحلة في شكل الحرب التي تستنفذ فيها نفسها. وعلى ما يبدو أنه مطلوب وضع فكرة حرب جديدة تلائم نفسها مع أفق جديد تفرضه موسكو في هذه الأيام".

"ضغط على إسرائيل"

قال السفير الإسرائيلي السابق في روسيا والباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، تسفي ماغين، لصحيفة "ماكور ريشون"، إن "اختيار الروس إحداث أزمة حادة ذات تبعات سياسية وإستراتيجية، ومواصلة دحرجتها أيضا، ليس مفهوما. وليس واضحا حتى الآن ما إذا كان هذا نابع من صراع قوى داخل في القيادة (الروسية)، أم أنه تعبير عن صعوبة الاستمرار في أن يشرحوا للجمهور الروسي سفك الدماء وتبذير الأموال المتواصل في سورية".

وأضاف ماغين أن "توجد لروسيا مشكلة متواصلة. فمنذ أربع سنوات هم يحاولون جعل الأميركيين يتحدثون معهم دون أن ينجحوا في ذلك". وتابع أنه يصعب معرفة ما إذا كان الروس يحاولون الآن الضغط على إسرائيل من أجل جعل الأميركيين يتحدثون معهم، "لكن من الواضح أن الهدف هو الأميركيون. والقضية هي أنه توجد للإميركيين قدرات استخبارية بالغة وهي الأفضل في هذا المجال. وإذا امتنعوا منذ أربع سنوات عن التحدث مع الروس، فإنه يوجد لذلك سببا جيدا".

التعليقات