استكمال الانقلاب في العليا الإسرائيلية وسلوان نموذجا

رغم أن المحكمة، التي يطلق عليها "محكمة العدل العليا"، ظلت بمكانة "محكمة عليا"، وكان بالإمكان من خلالها تحصيل فتات حقوق أحيانا، إلا أن توالي القرارات الأخيرة يؤكد أن شاكيد استكملت "الانقلاب"، وتحولت المحكمة، في أحسن الحالات، إلى ختم مطاطي

استكمال الانقلاب في العليا الإسرائيلية وسلوان نموذجا

أرشيفية (أ ب أ)

لا تؤكد جملة من القرارات التي صدرت في الأيام الأخيرة عن المحكمة العليا الإسرائيلية أن انقلابا حصل فيها، وإنما تؤكد أن وزيرة القضاء، أييليت شاكيد،  استكملت الانقلاب في المحكمة، وتحولها إلى ختم مطاطي يصادق تلقائيا على شرعنة الغبن والإجحاف، وخاصة عندما يتصل الأمر بالإنسان الفلسطيني والأرض الفلسطينية.

وضمن هذه القرارات الأخيرة، رفض قضاة المحكمة العليا، الخميس الماضي، استئناف فلسطينيين من حي الشيخ جراح في القدس ضد طردهم من منازلهم. والإثنين الماضي رفضت قضاة المحكمة استئناف امرأة سلبتها المحكمة الحاخامية بيتها بذريعة خيانتها لزوجها، والثلاثاء رفض القضاة طلب الاستئناف الذي تقدم به الشيخ صياح الطوري الذي حكم عليه بالسجن لعشرة شهور بتهمة تمسكه بأرضه، والأربعاء رفض قضاة العليا التماسات 104 فلسطينيين من سكان سلوان، وسمحوا لجمعية "عطيريت كوهانيم" الاستيطانية بمواصلة إجراءات تهجير 700 فلسطيني من بيوتهم.

ورغم أن المحكمة، التي يطلق عليها "محكمة العدل العليا"، راوحت مكانة "محكمة عليا" في الغالب وكان بالإمكان من خلالها تحصيل فتات حقوق، إلا أن توالي القرارات الأخيرة يؤكد أن شاكيد استكملت "الانقلاب"، وتحولت المحكمة العليا، في أحسن الحالات، إلى ختم مطاطي ذي مرونة قضائية وأخلاقية. وتحولت، بحسب مراسل صحيفة "هآرتس" لشؤون القدس، نير حسون، في أسوأ الحالات، إلى قيادة المحافظة والرجعية في الجهاز القضائي والمجتمع الإسرائيلي.

وفي القرار الذي كتبته قاضية العليا، دفنه براك إيريز، عن سلوان، والذي يمتد على 22 صفحة تلخص قضية قضائية وتاريخية تعود 120 عاما إلى الوراء، رفضت الالتماس ضد قرار "الوصي العام" (الوصي على أملاك الغائبين) من العام 2002، وهو القرار الذي ينص على تسليم ثلاثة من عناصر جمعية المستوطنين "عطيريت كوهانيم" أرضا بادعاء أنها كانت بملكية يهودية قبل العام 1948، والتي يعيش فلسطينيون عليها اليوم.

في البداية رفضت القاضية إيريز طلب المستوطنين رفض الالتماس، ولاحقا أتت بالتفصيل على مواطن الخلل والمصاعب في الطريقة التي عملت فيها دولة الاحتلال. وكتبت أن الوصي العام نقل الأرض إلى "عطيريت كوهانيم" دون المبادرة إلى إبلاغ السكان الذين يعيشون عليها لعشرات السنوات.

كما أكدت القاضية أن الوصي العام لم يفحص بتاتا ما إذا كان التصنيف القضائي للأرض بموجب القانون العثماني يسمح بنقلها، وأشارت إلى أن الدولة غيرت موقفها خلال المداولات. وقررت القاضية أنها فطنت في المراحل المتأخرة من الإجراءات القضائية لفحص هذه المسألة المعقدة التي لا تزال دون حل.

ورغم كل المشاكل والصعاب، قررت القاضية، في نهاية المطاف، أن المحكمة العليا ليست المكان المناسب لفحص هذه الادعاءات الوقائعية، وأن هذه المشاكل لا تتصل بطريقة عمل الوصي العام، وإنما بالتسوية القانونية، ولذلك فقد رفضت الالتماس. وبالنتيجة، فمن المتوقع أن يتم، في الأسابيع القريبة، تجديد عشرات دعاوى الإخلاء من قبل جميعة "عطيريت كوهانيم" ضد عائلات فلسطينية.

وفي هذا الإطار كتبت "هآرتس"، أنه حين تحاول القاضية، من باب الضريبة الكلامية، أن تبدو ملتفتة لـ"المصاعب الإنسانية" التي سيواجهها الذين سكنوا في المنطقة طيلة عشرات السنوات، وسيتم تهجيرهم، فإنها تتجاهل أن هذه العائلات التي تعيش في حي بطن الهوى في سلوان مطالبة، بعد تهجيرها، بدفع مئات آلاف الشواقل بذريعة تعويض المستوطنين عن الإجراءات القضائية وأجرة البيوت للسنوات التي خلت.

التعليقات