إسرائيل تعزز تحالفها مع أنظمة البلطجة والطغيان

تعالت في الآونة الأخيرة، العديد من الأصوات الإسرائيلية التي تنتقد انحياز إسرائيل إلى جانب طغم وحكام لا يقيمون اعتبارا للقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ويتميز سلوكهم بالبلطجة والطغيان.

إسرائيل تعزز تحالفها مع أنظمة البلطجة والطغيان

(أرشيفية - أ ف ب)

تعالت في الآونة الأخيرة، العديد من الأصوات الإسرائيلية التي تنتقد انحياز إسرائيل إلى جانب طغم وحكام لا يقيمون اعتبارا للقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ويتميز سلوكهم بالبلطجة والطغيان. ويضع هؤلاء، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على رأس هذه القائمة، منتقدين العلاقة المتبادلة والدعم اللامحدود الذي يحظى به من حكومة نتنياهو، رغم مواقفه المتعالية تجاه الأجانب، التي تنم في كثير من الأحيان عن نزعة عنصرية وحتى لاسامية تجاه اليهود أنفسهم.

وفي هذا السياق، كتب المؤرخ الإسرائيلي المعروف شلومو أفنيري، مقالا نشرته "هآرتس" توقف فيه عند تصريحين لترامب، استنتج منهما أنه يهوي بمؤسسة الرئاسة بشكل خطير إلى ما وصفه بـ"حضيض الطغاة". التصريح الأول يتمثل بالهجوم المنفلت على المحكمة الفدرالية التي حكمت ضد أمر رئاسي متعلق بالهجرة، أما التصريح الثاني فيرتبط بعلاقة الولايات المتحدة مع السعودية، والذي أعرب فيه عن عدم رغبته باتخاذ إجراءات ضدها حتى لو ثبت تورط ولي العهد محمد بن سلمان بقتل الكاتب الصحافي جمال خاشقجي.

ويقول أفنيري عن ترامب، إن الحديث يجري عن إنسان بنى مجده على العدوانية والقسوة والالتفاف على القانون، كما أن مواقفه العنصرية والاندماجية معروفة، وأنها كانت سببا رئيسيا لانتخابه من قبل قطاع كبير من الناس. ويشير إلى حقيقة تهرب ترامب من نشر تقاريره الضريبية حتى اليوم، تشي بالغرض، وأن من يحاول فحص تفاصيل إعلانات إفلاس كازينوهاته لا يستطيع إلا أن يصل إلى استنتاج يفيد بأن هدفه كان التهرب من تسديد قروض شكلت على مدى سنوات مصدر غنى له ولعائلته، وأنه لو عمل جهاز القضاء كما يجب لكان ترامب ما زال يمضي بقية أيامه في السجن مثل برنارد مايدوف.

ويرى المؤرخ الإسرائيلي أن ترامب حدد الإسلام والمسلمين كعدو، ولذلك رأى بكل من يحمل موقفا أكثر تركيبا (مثل الديمقراطيين) عدو أيضا، فأطلق على منافسيه من حزبه أوصافا مسيئة ومهينة، وأعلن عن الصحافة كعدوة للشعب، وهدد بإدخال هيلاري كلينتون إلى السجن.

ويشير أفنيري إلى المظاهر التي شابت تصوير جورج سوروس كعدو يتآمر على الولايات المتحدة ترافق مع مظاهر لاسامية، ناهيك عن تصوير المهاجرين من المكسيك كقتلة ومغتصبين، والدعوة إلى نشر وحدات الجيش أمام قوافل المهاجرين.   

 وهو يرى أن ظاهرة ترامب هي ليست مسألة أيديولوجية فقط، بل هي تترافق مع صعود زعماء آخرين يتميزون بالبلطجة والعربدة التي تهدد الأطر الديمقراطية التي كانت بين إنجازات المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وسقوط الشيوعية.

ويقول أفنيري إن "مكان دولة اليهود ليس في حلف البلطجية"، في إشارة إلى العلاقات التي تنسجها حكومة نتنياهو مع من هم على هذه الشاكلة مثل الرئيس البرازيلي الجديد بولوسونارو والرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، وأنظمة اليمين في هنغاريا وبولندا، الذين تمنحهم إسرائيل، على حد وصفه، شهادة شرعية يهودية (كشروت)، منوها إلى ضرورة الحفاظ على مسافة أيضا من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي لا يعرف حدودًا.

في السياق ذاته، كتبت وزيرة التعليم السابقة، بروفيسور يولي تمير، مقالا عالجت فيه ما اسمته بالحنين إلى الإمبراطوريات وأيام القيصر، وهو حنين نابع من غضب النخب من كون العالم لا يدار وفق المسار الذي يفضلونه، ما يدفعهم إلى الاستهتار بالشعب والهرب من العمليات الديمقراطية، على طريقة، ما لنا وللديمقراطية إذا كانت ستجلب في النهاية دونالد ترامب أو فيكتور أوربان.

 ترى تمير أن خيبة أمل النخب من الناخبين الذين لا يقومون بما هو متوقع  منهم، تولد الرغبة بجهاز سياسي يتجاوز المواطن البسيط ويضع القرار السياسي بأيدي زعيم متعدد القدرات، وهي تشير إلى أن الشوق إلى نظام حكم فردي وقوي كان عادة ما يراود اليمين السياسي، لأن اللبراليين تخوفوا دائما من الدمج الخطير بين الكاريزما والقوة الزائدة، ولكن يبدو أنهم صاروا مستعدين للمساومة على هذا المبدأ، ولسان حالهم يقول: أعيدوا لنا القيصر.

 

التعليقات