تحليلات: "حزب الله أراد تحقيق صورة انتصار بواسطة الأنفاق"

بحسب الجيش الإسرائيلي، حزب الله حفر أنفاقا لتنفيذ خطة "احتلال الجليل"، أي احتلال بلدة إسرائيلية عند الحدود ولو لفترة قصيرة، وبحيث أن اجتياحا إسرائيليا واسعا للبنان لن ينجح بمحو صورة الانتصار والصدمة التي ستصيب الإسرائيليين

تحليلات:

جنود يونيفيل في كفركلا، الثلاثاء الماضي (أ.ب.)

تقول القيادة الإسرائيلية، السياسة والعسكرية، إنها "حصلت" على خطة الأنفاق التي وضعها حزب الله، وتأمل بأنه بعد كشف نفق في اليوم الأول من عملية "درع شمالي"، يوم الثلاثاء الماضي، فإنه سيتم الكشف عن باقي شبكة أنفاق حزب الله التي، بحسب وصفهم، تمتد من الجانب اللبناني من الحدود إلى الجانب الإسرائيلي. ويتحدثون الآن عن تحقيق إنجاز كبير، وأنه بكشف مخطط الأنفاق هذا، سيمنعون خطة "احتلال الجليل" على أيدي حزب الله.

وبعد التصريحات الأولى لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، حول "احتلال الجليل"، تعامل معها الإسرائيليون باستهزاء، حسبما ذكر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الجمعة. لكن بعد تكرار نصر الله لهذا "التهديد" بشكل علني، بدأوا في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يدرسون سبب إصراره على "تضخيم قدرة موضعية، وفيما منظمته قادرة في الحد الأقصى على إرسال عدة خلايا لاجتياز الجدار (الحدودي) فوق الأرض بشكل مفاجئ وتهديد بلدة (إسرائيلية) معينة. إذ أنه حتى حزب الله لا يمكنه أن يصنع من عدة كمائن واستخدام قذائف مضادة للمدرعات في الجبهة الداخلية الإسرائيلية صورة انتصار". 

الحدود مع جنوب لبنان (أ ب)

وأضاف هرئيل أن "الصورة اتضحت، تدريجيا، فقط بعد عملية الجرف الصامد (العدوان) في قطاع غزة في العام 2014. عندها أدركوا في إسرائيل أن حزب الله يستعد لنسخ نموذج حماس للهجوم عن طريق الأنفاق في الجنوب، بنسخة مختلفة قليلا. ويبدو أن الأنفاق التي حفرها (حزب الله) كان عددها أقل وطولها أقصر، وغايتها الاستجابة لاحتياجات عينية للجبهة الشمالية: نقل سريع وسري لمئات المقاتلين من مشارف القرى في جنوب لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية، والتمهيد بذلك لهجوم بري فوري وواسع فوق الأرض".

وتابع هرئيل أن "توازن القوى بين الجانبين واضح. وحزب الله، ليس لديه سلاح جو، ولن يتمكن من السيطرة لفترة طويلة على أحواز يحتلها في الجليل. لكن تكفي الصدمة التي سيثيرها هجوم مفاجئ كهذا لدى الجمهور في إسرائيل من أجل ترسيخ صورة انتصار لحزب الله، لدرجة أن كافة الغارات الجوية والاجتياحات البرية (الإسرائيلية) اللاحقة في الأراضي اللبنانية لن تنجح في محو هذا الانطباع".

ونقل هرئيل عن ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي قوله، أمس، إن "نصر الله يدرك بشكل ممتاز الـ’دي أن إيه’ للمجتمع الإسرائيلي. وخطة الأنفاق وُجهت بالضبط إلى ذلك (صورة الانتصار). وهذا كان حجر الأساس في مفهوم حزب الله الأمني، وهذه خطوة كان يفترض أن تفاجئنا من دون أن نعلم من أين جاءت إلينا". واعتبر الضابط أن عملية "درع شمالي" كانت ضرورية، وأنه "كان يحظر علينا أن نعيش مع هذا التهديد يوما واحدا آخر" على الرغم من الانتقادات في إسرائيل حول توقيتها وعلاقتها بالظروف السياسية والتحقيقات مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.  

معظم الأنفاق ليست جاهزة

انتقد المحلل العسكري في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، في مقاله الأسبوعي في صحيفة "معاريف"، اليوم، "أنماط التفكير وأداء الجيش" في ما يتعلق بعملية "درع شمالي". وكتب أنه "إذا كان الجيش الإسرائيلي قد نجح حقا، مثلما صرح رئيس أركان الجيش (غادي آيزنكوت)، بوضع يده على خطة الأنفاق لحزب الله، فإن الحديث عن نجاح دراميّ. لكن كل ما جاء في أعقاب ذلك يضع أسئلة حول أنماط التفكير وأداء الجيش: هل الجمود والرغبة في الامتناع عن التصعيد بأي ثمن احتل مكان الابتكار والخطط الهجومية؟".

قوّات يونيفيل في كفر كلا يوم الثلاثاء (أ ب)

ويبدو أن صورة وطبيعة وخطورة أنفاق حزب الله ليست بالشكل الذي يروج له الإسرائيليون في إعلامهم. ووفقا لبن دافيد، فإن "معظم الأنفاق ليست جاهزة للاستخدام"، لكنه اعتبر أنه "من الواضح أنه ينبغي إزالة هذا التهديد، وليس بعد فترة طويلة"، وأن حفر الأنفاق يشكل خرقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وللسيادة الإسرائيلية.

لكن بن دافيد أشار إلى أنه "بالإمكان التفكير بطرق إبداعية عديدة لمعالجة الأنفاق، بصورة سرية وبالخديعة بشكل يربك حزب الله ولا يمكنهم من إدراك مدى معرفة إسرائيل بهذا المشروع. بدأ من تفخيخ فتحات الأنفاق في الجانب اللبناني وانتهاء بتهديد صامت على لبنان بأنه إذا لم ينشر جيشه عند فتحات الأنفاق، فإن إسرائيل ستدمرها بالقوة، حتى لو ألحق ذلك أضرارا في الجانب الآخر".  

وتابع أنه "بدلا من ذلك اختار الجيش الإسرائيلي بالعمل من خلال قوالب وصراخ. وبنشر الحفارات عند حدود الشمال، أعلن الجيش الإسرائيلي عن ’عملية’ ومنحها اسما لا يعيب عملية تحرير الجليل في حرب الاستقلال (1948). وتشارك في هذه ’العملية’ حفارات وجرافات ووضع إلى جانب كل واحد منها متحدث عسكري. والفكرة، حسب الجيش الإسرائيلي، هي رفع الكشف إلى حملة على الوعي في الجانب اللبناني، لكن يبدو أن جمهور الهدف الحقيقي لهذا الإعلام هو الجمهور الإسرائيلي".

وانتقد بن دافيد انضمام آيزنكوت إلى "هذه الحملة المنمقة"، مشيرا إلى أنه فضّل دائما العمل بدون ضجة. ورأى أن "حزب الله يدرك الآن أن الجيش الإسرائيلي يوشك على كشف نفق تلو الآخر، ولديه الوقت الكافي كي يجهز مفاجآت للقوات التي ستكشف الأنفاق القادمة".

وتحفظ بن دافيد من أن "المتحدثين العسكريين بذلوا جهدا من أجل تهدئة حزب الله وأوضحوا أن إسرائيل لن تعمل في أراضيه، وأنه لا نية لها بتحييد الأنفاق في الجانب اللبناني أيضا". واعتبر أنه يصعب فهم هذه التصريحات الإسرائيلية، "فحزب الله، بعملية فظة وعدوانية، يحفر أنفاقا تصل حتى بيوت مواطنين إسرائيليين، ونحن مستمرون في تقديس السيادة اللبنانية؟ وأجابني مجموعة ضباط كبار أن عملية في الجانب الآخر لن تمر من دون رد فعل من حزب الله وسيقود إلى حرب".   

وتابع بن دافيد أنه "على الأرجح أنهم محقون وحزب الله كان سيرد على توغل إلى الأراضي اللبنانية، رغم أنه ثمة شك في ما إذا كان سيخاطر برد فعل يقود إلى حرب". لكنه اعتبر أن الأمر المثير للقلق في إجابات الضباط الإسرائيليين هو أن "الأجواء التي سيطرت على قادة الجيش الإسرائيلي هي الامتناع عن التصعيد بأي ثمن. وفي الشمال أيضا، كما في غزة، تطورت في الجيش رؤية مفادها إما كل شيء أو لا شيء، وأي عملية قد تقود إلى حرب، ولذلك يفضل عدم العمل. لكن دائما توجد درجات وسطى، ونعم، يوجد خطر فيها، لكن يفترض بجيش مقاتل أن يدفع بعمليات، وأن يرد على عدوانية العدو وإبقاء حسابات المخاطر للمستوى (السياسي) المقرر من فوقه". 

التعليقات