"الأزمة الحالية بالسلطة الفلسطينية أخطر من سابقاتها"

"نتنياهو سعى في الماضي من أجل مصلحة إسرائيلية إستراتيجية هامة، رأت ببقاء وأداء السلطة الفلسطينية حاجة أمنية واضحة، لكنه، الآن، أزاح هذه المصلحة جانبا، بسبب حاجة وجودية أقوى وهي بقاؤه السياسي – الشخصي، الذي قد يتحقق بفضل شركائه المتطرفين

القدس المحتلةتستعد لاستقبال شهر رمضان

يترقب الإسرائيليون بغالبيتهم ما ستؤول إليه سياستهم الجديدة، بتحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية منقوصة، بعد خصم مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء منها. وتسببت هذه السياسة الإسرائيلية بأزمة اقتصادية حادة في السلطة الفلسطينية، وعلى ما يبدو أن هذه ليست كالأزمات السابقة، وحتى أن هناك تقديرات بأنها يمكن أن تؤدي إلى انهيار السلطة، وهو ما يثير تخوفات في إسرائيل، ولكن ليس لدى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي يعكف بنيامين نتنياهو حاليا على تشكيلها.

وأشار المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، في مقال نشره موقع "ألمونيتور"، أمس الأربعاء، إلى أن "نتنياهو سعى في الماضي من أجل مصلحة إسرائيلية إستراتيجية هامة، رأت ببقاء وأداء السلطة الفلسطينية حاجة أمنية واضحة". لكن نتنياهو، وفقا لكسبيت، "أزاح هذه المصلحة من أمامه بسبب حاجة وجودية أقوى بكثير وهي بقاؤه السياسي – الشخصي. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه من دون شركائه المتطرفين من اليمين، الذين يمسكون مفاتيح خطة إنقاذ نتنياهو، أي تلك الخطة التي ستمكنه من الإفلات من المحاكمة. وبالنسبة لبتسلئيل سموتريتش، عضو الكنيست المركزي في اتحاد أحزاب اليمين، كلما انهارت السلطة الفلسطينية مبكرا أكثر، وكلما كانت الفوضى في أعقابها أسرع، يكون الوضع أفضل".  

وأضاف كسبيت أن "نتنياهو، في هذا الوضع، يرقص وفقا لأنغام ناي صقور اليمين الأخطر، وليس العكس"، كي يتمكن من البقاء في منصبه في حال تقديم لائحة اتهام ضده أو تأجيل تقديمها. ولذلك فإن الوضع الحالي، فيما يتعلق بسيطرة إسرائيل على الأزمة في السلطة الفلسطينية، مختلف جدا عن فترات الأزمات السابقة. "فالخصم من أموال الضرائب للفلسطينيين يتم بموجب القانون، الذي مرره الائتلاف الحكومي اليميني بتأييد واسع من المعارضة". ورغم تبرير كسبيت لهذا القانون، لكنه أضاف أن "المشكلة في الشرق الأوسط هي أنه ليس كل ما هو مبرر هو ذكي. العدالة نسبية، ومن يخصم من أموال السلطة الفلسطينية قد يجد نفسه في المرحلة المقبلة بين حطامها، ويتوق إلى النظام السابق".

وكرر كسبيت تقارير سابقة تحدثت عن قلق جهاز الأمن الإسرائيلي من الوضع الحاصل. لكنه أردف أنه "في الأجواء السياسية الراهنة، بعد انتصار مدوٍ آخر لليمين في الانتخابات، فإن كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، وشعبة الاستخبارات العسكرية، والشاباك والموساد لا يصدرون صوتا. وهم عاجزون عن إنقاذ الوضع. وهم يعرفون أنه لم يولد بعد، وثمة شك إذا كان سيولد، زعيم فلسطيني قادر على تغيير الرواية الفلسطينية القومية التي ترى بالمخربين أنهم ’شهداء’ حاربوا من أجل حرية شعبهم... وإسرائيل وافقت بصمت على هذا الوضع حتى الآن. ولكن ليس بعد الآن".

إلا أن كسبيت أشار إلى احتمال وجود "أمل"، يتمثل بطرح خطة "صفقة القرن"، التي يتوقع أن تطرح إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. "عندما تُطرح ’صفقة القرن’ ستكون السلطة الفلسطينية قد وصلت إلى عتبة انهيار اقتصادي حقيقي. مستوى المعيشة ينخفض، البطالة تتسع، وانعدام الهدوء في الشوارع يتصاعد. وأبو مازن جديّ في إصراره على عدم التنازل عن أموال الضرائب كاملة. وفي هذه اللحظة الدرامية، فيما كل شيء ينهار، ستطرح الخطة الأميركية، التي تشمل، حسب التقديرات، ما يشبه خطة مارشال دولية سخية من أجل تحسين أوضاع مناطق السلطة، واستثمارات كبيرة ومساعدات اقتصادية مكثفة. وحسب هذه النظرية، فإن توقيتها مثالي".

وتساءل كسبيت: "هل هكذا يخطط ترامب ونتنياهو محمد بن سلمان ’شراء’ الشعب الفلسطيني؟ هل هذه الصفقة هي عمليا ’اقتصاد مقابل دولة’؟ مليارات مقابل سيادة كاملة؟ أن يتوقفوا عن إنهاكنا بحق العودة وخذوا فرصة لحياة جيدة، مستوى معيشة أفضل؟ وبدل القدس الشرقية، خذوا اقتصادا غربيا؟".  

وخلص كسبيت إلى أن "المشكلة هي أن كل من يعرف الأشخاص الفاعلين في الساحة، يعلم أن احتمال نجاح هذه الخطة ضئيل جدا. وليس في الجيل الحالي يا محمد بن سلمان. وهو سيبقي لديه العشرة مليارات دولار التي سيلوح بها مقابل وجه أبو مازن. فثمة شك في احتمال شراء كرامة الفلسطيني بالمال في هذه المرحلة".

التعليقات