باردو: ضم الضفة "كابوس أمني"

"هل اتخذ قرار بالانتقال من حلم صهيوني بدولة يهودية إلى حلم عربي بدولة واحدة فيها أقلية يهودية؟ وهل، كما تدعي الأقلية المؤيدة للضم، حصلت من مواطني إسرائيل في الانتخابات الأخيرة على تفويض بإنهاء حلم الأجيال؟"

باردو: ضم الضفة

(أ ب أ)

هاجم رئيس الموساد السابق، تمير باردو، الدعوات التي تتعالى في إسرائيل، ويشارك فيها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، ورأة أن خطوة كهذه ستقود إلى تدهور الوضع وتشكيل خطر على حياة الإسرائيليين. لكن انتقاد باردو لهذه الخطوة نابع من تخوفه على "الأغلبية اليهودية"، كما أنه ينطلق من اعتبارات أمنية.

وأشار باردو في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الأربعاء، إلى وجود نوعين من الزعماء في تاريخ إسرائيل، نوع مبادر وآخر ينجر وراء الأحداث. واعتبر أن رئيس الحكومة الأسبق، مناحيم بيغن، هو من النوع المبادر، عندما قرر توقيع اتفاقية سلام مع مصر. في حينه، وصف مسؤولون إسرائيليون الاتفاقية مع مصر بأنها "قطعة ورق" ستفقد إسرائيل بموجبها "عمقا إستراتيجيا"، بسبب انسحابها من سيناء. وفي المقابل، كانت تقديرات بيغن أن الاتفاقية "ستخرج مصر من دائرة الحرب وستؤدي إلى تغيير ميزان القوى بشكل يبرر المخاطر وآلام الإخلاء" للمستوطنات في سيناء. ووصف بيغن بأنه مثال "لزعيم مبادر وشجاع".

وتساءل باردو: "هل يوجد اليوم زعيم يملك رؤية وشجاعة ويتحمل مخاطرة كبيرة، ولكن محسوبة، من أجل تدعيم الحلم الصهيوني لأجيال قادمة؟". واضاف أن هذا السؤال يُطرح على خلفية القضية التي تتهرب منها القيادة الإسرائيلية منذ 50 عاما، وهي (رسم) الحدود الشرقية لدولة إسرائيل. وقد حان الوقت للقول: ليس بعد الآن".  

وتصف إسرائيل الضفة الغربية المحتلة بأنها "منطقة مُدارة". وادعى باردو أنه "لا شك في أن من حقنا وواجبنا الاستيلاء على هذه المناطق لأهداف أمنية وعدم إخلاء قواتنا منها إلى حين تستجيب ترتيبات أمنية في إطار اتفاق سياسي – ورغم أنه ليس متوقعا في المستقبل المنظور – لاحتياجاتنا".

ووفقا لباردو، فإن "أغلبية مطلقة من الشعب (الإسرائيلي) تعي أننا نتدهور إلى واقع يشكل خطرا على الأغلبية اليهودية في دولتنا الواحدة والوحيدة. والجميع يعرف المعطيات التي بموجبها يوجد بين النهر والبحر قرابة 15 مليون إنسان، نصفهم غير يهود. ولذلك لم يسعَ أحد إلى ضم يهودا والسامرة (أي الضفة). وهذا الواقع يوشك أن يتغير. ومن شأن قيود ائتلافية، لا توجد أي علاقة بينها وبين أمن إسرائيل، أن تشكل خطرا على المشروع الصهيوني، عندما يُتخذ قرار متسرع بضم مناطق في يهودا والسامرة ويحرك تطورات هدامة".

وتابع باردو أن "الأمر الأخطر هو أنه يوجد إجماع واسع في إسرائيل بأن الكتل الاستيطانية والأحياء اليهودية (المستوطنات) في شرقي القدس ستبقى بأيدينا إلى الأبد. إضافة إلى ذلك، فإن الفلسطينيين والجهات الإقليمية والدولية ذات العلاقة استوعبوا منذ مدة أنه في إطار الاتفاق سيتم ضمهم لإسرائيل. ولذلك، ما هو المبرر لتحمل مخاطر الخطوة الأحادية الجانب، غير الضرورية برأيي، بفرض القانون والتي ستشعل المناطق، وتشكل خطرا على حياة إسرائيليين وتبعد احتمال، مهما كان ضئيلا، تسوية مستقبلية؟".

وحذر باردو من ضم الضفة الغربية لإسرائيل. "خطوة كهذه هي كابوس أمني وسلطوي، لأن المستوطنات اليهودي المتوقع ضمها تطوّق قرابة 170 منطقة منفصلة عن بعضها وفيها 2.6 مليون فلسطيني. هل اتخذ قرار بالانتقال من حلم صهيوني بدولة يهودية إلى حلم عربي بدولة واحدة فيها أقلية يهودية؟ وهل، كما تدعي الأقلية المؤيدة للضم، حصلت من مواطني إسرائيل في الانتخابات الأخيرة على تفويض بإنهاء حلم الأجيال، الذي تحقق هنا قبل 71 عاما، ومن أجل حمايته حارب منذئذ مئات آلاف الإسرائيليين من كافة ألوان الطيف السياسي؟".

ولا يدعو باردو في مقاله إلى حل عادل للصراع، وإنما اعتبر أن "على حكومة إسرائيلية تتحلى بالمسؤولية أن تبادر تخليد وجودنا وسيطرتنا على الكتل الاستيطانية والمساهمة في تطويرها وازدهارها، ولكن في الوقت نفسه تضمن حلما صهيونيا لإسرائيل آمنة، ديمقراطية، مع أغلبية يهودية تصمد لأجيال من خلال الانفصال المدني عن ملايين الفلسطينيين. ليس انسحابا أحادي الجانب. ليس انسحابا أبدا. وإنما انفصال من خلال استمرار السيطرة الأمنية... واستمرار انتشار الجيش الإسرائيلي والشاباك وراء حدود شرقية (مع الضفة) إلى حين التوصل لاتفاق يضمن إزالة الخطر عن الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل، من دون مخاطر أمنية أكثر من تلك الموجودة اليوم".  

التعليقات