ذكرى المحرقة والانتخابات الأميركية تحتضنان مخطط ضم غور الأردن

تحليل إسرائيلي: "المنتدى الدولي لذكرى المحرقة" منح فرصة لإعادة ضم غور الأردن إلى العناوين، وفي "سنة انتخابات الرئاسة الأميركية، آذان ترامب صاغية لطلبات إسرائيلية. فترومان اعترف بإسرائيل خلافا لموقف وزير الخارجية وكبار موظفي الإدارة"

ذكرى المحرقة والانتخابات الأميركية تحتضنان مخطط ضم غور الأردن

قادة دول مشاركون في "المنتدى الدولي لذكرى المحرقة" في القدس، أمس (أ.ب.)

يتجمع في إسرائيل عشرات المسؤولين الأميركيين والأوروبيين ومن مناطق أخرى في العالم،، للمشاركة في "المنتدى الدولي لذكرى المحرقة"، في الوقت الذي يصرح فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وكذلك منافسه على رئاسة الحكومة، رئيس كتلة "كاحول لافان"، بيني غانتس، بعزمهما على ضم غور الأردن، في حال فاز أي منهما بانتخابات الكنيست، وشكّل الحكومة.

ورأى رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بِن، اليوم الخميس، أن "المنتدى الدولي لذكرى المحرقة" منح فرصة لإعادة ضم غور الأردن إلى العناوين، لأن قادة إسرائيل يعلمون أن "القادة الكثيرين الذين حضروا من أجل إحياء ذكرى الملايين الستة لن يُفسدوا الحدث بتوجيه انتقادات إلى متعطشي الأراضي الإسرائيليين".

وقد تبنى غانتس أسلوب نتنياهو بالكذب وزرع الأوهام. فقد نقل رئيس تحرير صحيفة اليمين المتطرف "ماكور ريشون"، حغاي سيغال، عن غانتس قوله، إنه يريد موافقة أردنية وأوروبية، وليس أميركية فقط، على ضم الأغوار. لكن بِن أشار إلى أن غانتس يعلم أن ملك الأردن عبد الله الثاني، وكذلك الاتحاد الأوروبي، لن يعترفوا بخطوة كهذه، وأنه لا يمكنه الاختباء خلف ذلك إلى الأبد.

إلا أن بِن اعتبر أن "إسرائيل تسير نحو ضم الأغوار، وهذه منطقة خالية وقفراء بمعظمها، ويزورها إسرائيليون قلائل فقط، لكنها تعتبر ذات أهمية إستراتيجية". ولفت إلى أن توقيت التصريحات الإسرائيلية "شفاف"، وذلك لأن "سنة انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، ينافس فيها ترامب على ولاية رئاسية ثانية، وأذنيه صاغية لطلبات إسرائيلية. ولم يخترع نتنياهو أي شيء جديد. فإسرائيل استغلت دائما أوضاعا كهذه من أجل الحصول على مقابل سياسي من واشنطن. والرئيس هاري ترومان اعترف بدولة اليهود، بعد دقائق من الإعلان عنها، عام 1948، خلافا لموقف وزير الخارجية وكبار موظفي الإدارة، لأنه ترشح في الانتخابات الأميركية من موقع ضعف واحتاج إلى تأييد الناخبين والمتبرعين اليهود".

ووفقا لبِن، فإنه "توجد في الخريطة السياسية الإسرائيلية الحالية أغلبية كبيرة لضم الأغوار، وتشمل كتلة اليمين كلها (وبضمنها الحريديين)، والمستوطن أفيغدور ليبرمان، والآن كاحول لافان أيضا"، مشيرا إلى أن "نتنياهو عارض، قبل بضع سنوات، أي ضم في الضفة الغربية وتمسك بالحفاظ على الستاتيكو، معللا ذلك بأن خطوات أحادية الجانب ستلحق ضررا بإسرائيل".

إلا أن المستوطنين لم يتنازلوا عن مواصلة المطالبة بالضم، وجندوا أغلبية في صفوف حزب الليكود إلى جانبهم، "وانتظروا الوقت الذي يصبح فيه نتنياهو ضعيفا". والآن حان هذا الوقت، إثر توجيه اتهامات لنتنياهو بارتكاب مخالفات فساد خطيرة.

ورأى بِن أن "غانتس انتقل الآن من ’الوسط – يسار’ إلى اليمين الساعي للضم. وإذا تشكلت حكومة وحدة بعد الانتخابات، فإن ضم الأغوار سيكون على رأس أجندتها، وسيتم تمريره حتى لو مُنح الجناح اليساري في كاحول لافان حرية التصويت".

والوسط – يسار، تحالف "العمل – غيشر – ميرتس"، منقسم، لكن بِن أشار إلى أن فكرة ضم غور الأردن بادر إليها القيادي في حزب العمل في حينه، يغئال ألون، في إطار خطته الشهيرة لتقسيم الضفة الغربية، وطرحها في السنوات الأولى التي أعقبت الاحتلال، عام 1967. كذلك فإن "المستوطنات في غور الأردن أقامتها حكومات العمل، قبل الانقلاب عام 1977" عندما فاز الليكود بالحكم.

ووصف بِن تحفظ رئيس حزب العمل، عمير بيرتس، من تصريحات غانتس حول الضم، بأنه تحفظ ضعيف، إذ ذكر بيرتس "الترتيبات الأمنية الحيوية" لإسرائيل، فيما أعلنت القائمة المشتركة وحزب ميرتس معارضتهما للضم، "لكن معارضتهما ستساعد غانتس وحسب على الظهور كزعيم قومي وليس يساريا"، حسب بِن.

وأضاف بِن أن "ضم الأغوار يتلاءم مع الموقف الذي يعبر عنه نتنياهو منذ عشرات السنين، وبموجبه أن الضفة الغربية وهضبة الجولان هما ’الحائط الواقي" لإسرائيل، الذي يحظر التنازل عنه. وقبل الإعلان عن الضم، تحدث عن سيطرة أمنية في غور الأردن في أية تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين. وإذا فرض القانون الإسرائيلي هناك، أو أنه حرّك فقط خطوة سياسية ليكملها الذين سيخلفونه، فإنه سيسجل لنفسه الإنجاز الأكبر خلال ولايته، بعد أكثر من عقد بالسير في المكان نفسه والجمود السياسي".

وتوقع بِن أن تبرر إسرائيل الضم "باعتبارات أمنية وعدد السكان الفلسطينيين القليل في المنطقة التي ستُضم"، وأن إسرائيل سترد على انتقادات العالم لهذه الخطوة وأنها تدفن "عملية السلام" وحل الدولتين، بالادعاء أن "فرض القانون الإسرائيلي لا يمنع مفاوضات سلام مستقبلية، مثلما ضم شرقي القدس في العام 1967، والجولان في العام 1981، لم يمنعا المحادثات حول إعادة تقسيمهما مع الفلسطينيين والسوريين".

واعتبر بِن أنه "إذا أعطى ترامب ومدراء حملته ضوءا أخضر لنتنياهو، يصعب رؤية أحد يمنع إسرائيل من تمرير فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على غور الأردن بالقراءات الثلاث. والمتحفظ الوحيد سيكون الأردن، الذي يحظى بدعم جهاز الأمن الإسرائيلي. وهنا سيكون مطلوبا من منفذي الضم نعومة وابتكار، من أجل منع انهيار اتفاق السلام والهوامش الأمنية الواسعة التي يمنحها (اتفاق السلام) لإسرائيل".

التعليقات