تحليلات: رسائل إسرائيل لإيران باغتيال القيادي بتنظيم القاعدة

نائب زعيم القاعدة، أبو محمد المصري، ليس على رأس اهتمامات إسرائيل، لكن تنفيذها الاغتيال يوجه رسائل إلى طهران، وخاصة حول مدى اختراقها للأجهزة الأمنية الإيرانية، إلى جانب رسائل إلى إدارة بايدن، وجميعها تتمحور حول البرنامج النووي

تحليلات: رسائل إسرائيل لإيران باغتيال القيادي بتنظيم القاعدة

أبو محمد المصري (تصوير شاشة - إعلان FBI لجائزة مالية لمن يدلي بمعلومات عنه)

اعتبر محللون أمنيون إسرائيليون في الصحف الصادرة اليوم، الأحد، أن اغتيال نائب زعيم تنظيم القاعدة، أبو محمد المصري، قبل ثلاثة أشهر، والكشف أمس عن أن عميلين إسرائيليين نفذا الاغتيال، يحمل رسائل موجهة إلى إيران، وأنه يصب في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل. وبين أهم رسائل هذا الاغتيال، أن الحرب الخفية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وبين إيران، على البرنامج النووي للأخيرة خصوصا، ما زالت متواصلة، وأن "القادم أعظم".

وأشار محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، وهو أحد الصحافيين الذي أعدوا التقرير حول اغتيال أبو محمد المصري، الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى عدة استنتاجات تتعالى من هذا الاغتيال:

الاستنتاج الأول، هو أن إيران تستضيف قياديين في تنظيم القاعدة رغم عداء طهران لهذا التنظيم "الجهادي السني"، وذلك لسببين: الأول، هو "الرغبة في التنسيق والتعاون في هجمات ضد أعداء مشتركين، بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل". والثاني، هو "التيقن من أن التنظيم لا ينفذ هجمات ضد إيران أو مصالحها".

وحسب بيرغمان، فإن مشكلة إيران بالكشف عن الاغتيال ليست تجاه الخارج، بتفسير سبب استضافتهم له وإنما تجاه الداخل "وماذا سيقولون للجمهور؟ وماذا سيقولون لجيران المصري الذين اكتشفوا فجأة أن المؤرخ اللبناني الشيعي اللطيف هو عمليا نائب زعيم القائدة؟".

الاستنتاج الثاني، هو أن "للموساد خصوصا والاستخبارات الإسرائيلية عموما يوجد اختراق عميق للغاية داخل أجهزة الاستخبارات، الجيش والأمن الإيراني. وهو النوع نفسه من الاختراق الذي سمح للموساد، وفقا لتقارير أجنبية (إذ لا تعترف إسرائيل رسميا بذلك)، بتفجير المنشأة النووية في نطنز، قبل عدة أشهر". وتابع بيرغمان أن "إمكانية العثور على المصري، وبعد ذلك اغتياله، تعبر عن القدرات الاستخباراتية العملانية غير المألوفة للموساد التي وُضعت في خدمة الولايات المتحدة".

الاستنتاج الثالث، هو أن العلاقات بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وتلك الأميركية "وثيقة أكثر من ذي قبل. فالمصري ليس ضمن قائمة أفضليات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، والعثور على المصري المتخفي بهوية مزيفة حدث بالصدفة، وخلال جمع معلومات استخباراتية عامة. كما أن استهدافه ليس (رغبة) إسرائيلية، رغم أن لإسرائيل حساب مفتوح معه".

وأضاف بيرغمان أن طلب الولايات المتحدة من إسرائيل تنفيذ الاغتيال، "هو إثبات على مدى الثقة والتقارب اللذين يشعر بهما جواسيس العم سام تجاه الموساد وباقي أجهزة الاستخبارات. وحقيقة أن الموساد هو الذي يغلق الحساب لصالح الدولة العظمى الأقوى في العالم، هي إثبات على قوته". وأشار إلى أن "إسرائيل لم تكن قادرة على تنفيذ قسم كبير من العمليات ضد إيران، في سورية ولبنان والعراق وإيران، من دون المظلة الكبيرة التي نشرها الولايات المتحدة".

دمار خلفه هجوم القاعدة ضد السفارة الأميركية في كينيا، عام 1998 (أرشيفية - أ.ف.ب.)

الاستنتاج الرابع، هو أن "ثمة احتمال أن عمليات الإثارة الكبرى قادمة. ورغم أهمية اغتيال المصري، لكن هذه معركة هامشية بالنسبة للقضية المركزية، المواجهة المتواصلة، وهي بمثابة حرب نشبت منذ مدة ومستمرة طوال الوقت، بين إيران من جهة وبين الولايات المتحدة وإسرائيل من الجهة الأخرة. وهناك لم يتم قول الكلمة الأخيرة بعد. بل ما زالت بعيدة".

ترامب لم يستخدم الاغتيال بحملته الانتخابية

رأى المراسل العسكري لـ"يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، أن السؤال المركزي بشأن توقيت النشر عن هذا الاغتيال هو لماذا لم يستخدم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، هذا الاغتيال خلال حملته الانتخابية. ومن الجهة الأخرة، اعتبر أن الاغتيال يبعث رسالة إلى الإدارة الأميركية للرئيس المنتخب، جو بايدن، "حول مدى أهمية إسرائيل للأنشطة في الشرق الأوسط".

وأضاف يهوشواع أن "الرسالة الأخرى هي بالطبع قدرة إسرائيل على العمل في إيران، التي ستلزم الأميركيين بأخذها في الحسبان قبل اتخاذ قرارات بشأن اتفاق نووي جديد".

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، أن الرسالة في النشر عن اغتيال المصري موجهة لعدة جهات، إلى القاعدة وإيران وأي جهة "راديكالية" في المنطقة. ويشار إلى أن "جهة راديكالية" بالمفاهيم الإسرائيلية لا تعني تنظيمات جهادية متطرفة فقط، وإنما حركات مثل حماس وحزب الله.

وأشار ليمور إلى أن التعاون بين الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وبين أجهزة الاستخبارات الأميركية ليس استثنائيا، وإنما هو عميق. "وهذا ينطبق على تبادل المعلومات الاستخباراتية، ومنذ 15 عاما ينطبق أيضا على قضايا عملانية مختلفة. والمثالان الأبرز، هما زرع الدودة الإلكترونية ’ستاكينت’ في منظومة أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، واغتيال القيادي العسكري في حزب الله، عماد مغنية، في دمشق عام 2008".

وأضاف أن "الموساد أثبت قدرة عملانية مثيرة للإعجاب في الأراضي الإيرانية، بدءا من اغتيال علماء نوويين، وحتى تفجير منشأة نطنز، في حزيران/يونيو الماضي" ونسب ذلك إلى "تقارير أجنبية".

واستبعد ليمور الادعاء الإسرائيلي بأن يكون المصري قد انشغل في الفترة الأخيرة قبل اغتياله بالإعداد لهجمات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في العالم. "فاحتمال ذلك ضئيل، إذا أخذنا بالحسبان حقيقة أن القاعدة، الذي يواجه مصاعب منذ سنوات طويلة لتنفيذ هجمات مدوية، يركز جهوده على محاربة الأميركيين والأنظمة السنية المعتدلة في المنطقة، وليس ضد إسرائيل".

التعليقات