اتفاق أميركي – إيراني قريب: إسرائيل لا تؤثر على مفاوضات فيينا

"إسرائيل، رغم قدراتها العسكرية، لا تلعب في ملعب فارغ وليس بمقدورها إملاء سير الأحداث لوحدها. وليس فقط أن لإيران إستراتيجية خاصة بها وقدرة على التمسك بعناد بأهدافها، وإنما الدول العظمى أيضا لا تُخضع اعتباراتها أمام أجندة نتنياهو"

 اتفاق أميركي – إيراني قريب: إسرائيل لا تؤثر على مفاوضات فيينا

منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، الشهر الحالي (أ.ب.)

لم تؤثر الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية، بينها ناقلات نفط والسفينة العسكرية "سافيز" ومنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، على المفاوضات الجارية حول الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ولم تمنع تقدم هذه المفاوضات أيضا.

وقدر مندوبو شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) والموساد، خلال اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، أمس، أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، في إطار المفاوضات الجارية حاليا بوساطة أوروبية في فيينا، بات قريبا وقد يتبلور خلال أسابيع.

ونقلت "هآرتس" عن مصادر مطلعة على مداولات الكابينيت، قولها إنه على الرغم من أن هذه المداولات لم تتناول الاتصالات بين إيران والولايات المتحدة حول استئناف الاتفاق النووي، فإن الموضوع طُرح بصورة هامشية.

وافادت الصحيفة بأنه يوجد في الحكومة الإسرائيلية اليوم توجهان حيال طبيعة رد الفعل الإسرائيلي على المفاوضات، وفيما نتنياهو يعارض بشدة استئناف الاتفاق، فإن وزير الأمن، بيني غانتس يقود خطا بديلا يدعو إلى دعم اتفاق يكون جيدا للمصلحة الإسرائيلية.

وأشار المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الإثنين، إلى أنه "إذا كانت غاية هذه الهجمات إزاحة الإيرانيين عن طريقهم وفرض تنازلات عليهم في المفاوضات المتجددة حول اتفاق نووي، فإنه يصعب حتى الآن العثور على دليل أن هذه الطريقة ناجحة".

وأضاف "بل أنه يبدو أن الدول العظمى ليست مقتنعة بذلك أيضا. كما أن أعضاء وفد المفاوضات الإيراني وكذلك مندوبي الولايات المتحدة يتحدثون في الأيام الأخيرة عن تقدم في الاتصالات في فيينا، الهادفة إلى عودة الأميركيين إلى الاتفاق".

ولفت هرئيل إلى تقرير نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية حول اتفاق روسي – إيراني لحراسة حركة السفن الإيرانية في البحر المتوسط. وكتب أنه "إذا اتضح أن هذا التقرير موثوق، فمن الجائز أن تواجه إسرائيل صعوبة في مواصلة الهجمات، التي قد تشكل خطرا على قواتها خلال احتكاك محتمل مع سفن روسية".

ورأى هرئيل أن "من شأن هذين التطورين أن يدلا على أن إسرائيل، بالرغم من القدرات العسكرية المثيرة للإعجاب التي تستعرضها، لا تلعب في ملعب فارغ وليس بمقدورها إملاء سير الأحداث لوحدها. وليس فقط أن لإيران إستراتيجية خاصة بها وقدرة على التمسك بعناد بأهدافها، وإنما الدول العظمى أيضا لا تُخضع اعتباراتها أمام أجندة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو".

وحذر هرئيل من تراكم هجمات إسرائيلية قد تلزم إيران برد عليها الآن أو في مرحلة لاحقة. وأضاف أنه "في الوقت نفسه، يوجد هدف إستراتيجي تصر القيادة الإيرانية على تحقيقه، وهو عودة أميركية إلى الاتفاق النووي، رفع العقوبات المفروضة على إيران وضمان اتفاق لا يضع قيودا صارمة للغاية على البرنامج النووي".

وتابع أن هذه الاعتبارات قد تكون في أفضلية أعلى من الرد على الهجمات الإسرائيلية. "وفي هذه الأثناء، الانسحاب الأميركي من الاتفاق، في العام 2018، والذي أسهمت فيه ضغوط إسرائيلية على إدارة ترامب، أدى إلى اقتراب إيران بقدر معين من النووي".

ووفقا لهرئيل، فإن "الولايات المتحدة، بموجب كافة المؤشرات، عازمة على الاستمرار في القناة الدبلوماسية بهدف توقيع اتفاق جديد. وهذه هو الهدف الذي وضعه جو بايدن، لدى توليه منصبه في كانون الثاني/يناير الماضي".

السفينة "سافيز" (تويتر)

ووصفت صحيفة "واشنطن بوست" العلاقات بين بايدن ونتنياهو بأنها "أقل حميمية" من تلك التي سادت بين نتنياهو والرئيس السابق، دونالد ترامب، وأشارت إلى أن الهجوم في نطنز حوّل الخلافات بين نتنياهو وبايدن إلى مشكلة شديدة. فقد اعتبر الهجوم الإسرائيلي أنه تخريب هدفه المس بالمفاوضات بين إيران والدول العظمى.

ورأى هرئيل أن هذه الأمور تجعل بايدن ينظر إلى العلاقة مع إسرائيل بمنظور شخصي، وأن كرامته موضوعة في كفة الميزان، لأنه تعهد بالعودة إلى الاتفاق النووي خلال حملته الانتخابية.

وأشار هرئيل إلى أنه "تظهر تصدعات في التحالف ضد إيران"، خاصة من جانب السعودية، التي أفادت صحيفة "فايننشال تايمز"، أمس، بأن مسؤولين سعوديين وإيرانيين التقوا بوساطة عراقية، على خلفية تغير الإدارة في واشنطن واستئناف المحادثات النووية.

وتطرق هرئيل إلى عقد اجتماع للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، أمس، لأول مرة منذ بضعة أشهر. "لقد حدث هذا فقط في أعقاب ضغوط ثقيلة مارسها وزير الأمن، بيني غانتس، والمستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت. وربما هما يشتبهان أيضا، مثيل كثيرين آخرين، بأن إسرائيل تنجر إلى تغيير دراماتيكي في السياسة تجاه إيران من دون توضيح الأمور بشكل كاف".

وقال رئيس لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية السابق، غدعون فرانك، للإذاعة العامة الإسرائيلية "كان"، أمس، إنه لا يرى حاليا وجود تفكير إستراتيجي في إسرائيل بما يتعلق بإيران، وإنما تفكير تكتيكي فقط. واعتبر أن على إسرائيل أن تركز على التأثير على موقف الولايات المتحدة في المفاوضات وليس بفرض وقائع على الأرض. وقال فرانك إنه "قلق جدا" من الأداء الإسرائيلي في هذه القضية.

التعليقات