إسرائيل تسعى لاستغلال ملف إعادة إعمار غزة

ما زالت الهدنة الهشة صامدة بينما تنتظم المساعدات الإنسانية الطارئة والمناقشات الدبلوماسية الأولى حول إعادة إعمار القطاع الفلسطيني الذي دمره 11 يومًا من القصف الإسرائيلي المتواصل.

إسرائيل تسعى لاستغلال ملف إعادة إعمار غزة

(أ ب)

ما زالت الهدنة صامدة، صباح اليوم، السبت، بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بينما تنتظم المساعدات الإنسانية الطارئة والمناقشات الدبلوماسية الأولى حول إعادة إعمار القطاع الفلسطيني الذي دمره 11 يومًا من القصف الإسرائيلي المتواصل.

ويشكل موضوع إعادة الإعمار في القطاع، محورًا رئيسيا في الجهود الدبلوماسية التي تبذلها واشنطن وبروكسل والأطراف الإقليمية الفاعلة، وسط تقارير عن تزايد الاتصالات في هذا الشأن، فيما ينظر إلى إمكانية التوصل إلى تسوية طويلة الأمد بين إسرائيل وحركة حماس، على أنها ضعيفة، ولن تتجاوز تفاهمات محدودة.

وفيما ذكرت وسائل إعلام مصرية رسمية أن وفدين مصريين وصلا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 "لمراقبة" احترام وقف إطلاق النار، يبقى وقف إطلاق النار الذي أعلن مساء يوم الخميس الماضي، هشا في ظل صعوبة مهمة التوصل إلى اتفاق تهدئة يضمن تثبيت وقف إطلاق النار.

وأشار"يديعوت أحرونوت" إلى أن الهدف من وراء المباحثات التي سيعقدها الوفدين المصريين هو أولاً إرساء وقف إطلاق النار والتأكد من الحفاظ عليه والتزام الأطراف المعنية به، ثم مناقشة أي تفاهمات أو اتفاقية طويلة الأمد تضمن تثبيت وقف إطلاق النار وتمنع التصعيد في غزة.

وبينما تمكنت قوافل من المساعدات الإنسانية الطارئة من دخول غزة، أمس الجمعة، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إنه تلقى اتصالا من نظيره الإسرائيلي، غابي أشكنازي، تباحثا خلاله الإجراءات الكفيلة بتسهيل عملية إعادة إعمار غزة.

(أ ب)

وأشار الجانب المصري إلى أن شكري وأشكنازي شددا على أهمية عمل البلدين بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والشركاء على الساحة الدولية - فيما يتعلق بضمان الاستقرار أو تجديد قنوات المفاوضات، بينما تعتزم إسرائيل إلى استغلال ملف إعادة إعمار القطاع وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وتسعى إسرائيل إلى وضع شروط تعجيزية لتسهيل عملية إعادة الإعمار في غزة، وبحسب "يديعوت أحرونوت" فإن الشروط قد تتضمن وقف مشاريع حركة حماس لرفع مستوى قدراتها العسكرية وصولا إلى نزع سلاح الحركة، علما بأن هذه الشروط كانت إسرائيل قد طرحتها في جولات مباحثات سابقة غير أن حركة حماس أكدت أنها غير مستعدة للالتزام بها.

كما تضع إسرائيل عقبة أخرى أمام جهود إعمار غزة، في محاولة للحصول على "صورة نصر" لم تحصل عليها من خلال الحرب على القطاع، وهي إعادة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين لدى حركة حماس في قطاع غزة، وفي هذا الشأن، شدد وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، في تصريحات صدرت عنه أمس، على أن "إعادة إعمار قطاع غزة مرهون بتسوية قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى في القطاع"، معتبرا أن "هناك فرصة أفضل للدفع بهذه القضية في ظل ما فعلته تل أبيب في غزة".

وذكرت "يديعوت أحرونوت" إلى أن مسألة إعادة الإعمار في غزة، تشمل العديد من اللاعبين الدوليين والإقليميين، فبالإضافة إلى الولايات المتحدة التي أكدت أن تقديم المساعدة والتمويل سيتم من خلال الأمم المتحدة وبالشراكة مع السلطة الفلسطينية، ستلعب كل من مصر وقطر دورا هاما في هذا الملف، إضافة إلى المبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند، والاتحاد الأوروبي.

(أ ب)

كما تنخرط السلطة الفلسطينية في ملف إعادة الإعمار في غزة، وفي هذا السياق، أجرى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مباحثات مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، الذي أكد أن بلاده ستساهم في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الفلسطيني، وإعادة إعمار القطاع.

وأكد بلينكين أن "الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الإدارة الفلسطينية والأمم المتحدة في جهودها لتقديم دعم إنساني عاجل لغزة وحشد الدعم الدولي وإعادة إعمار القطاع"، علما بأن وزير الخارجية الأميركي يعتزم زيارة المنطقة خلال الأيام القليلة المقبلة؛ لمراقبة هذه الجهود عن كثب وإجراء محادثات مع عدة أطراف.

كما تشارك الرباعية في المباحثات حول إعادة إعمار غزة، إلى جانب وزراء خارجية الدول الأوروبية. من المفترض أن يقدك الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية، رغم إعراب وزراء خارجية دول أوروبية عن استيائهم مما يعتقدون أنه تحرك غير عقلاني نظارا لأن جولة التصعيد المقبلة قد تحدث في أي وقت.

وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أن المجتمع الدولي معني بانخراط السلطة الفلسطينية بملف إعادة إعمار غزة، بما في ذلك التواجد إلى قطاع غزة، وتحييد حركة حماس كليا عن هذا الملف، لكن الصحيفة لفتت إلى أن مثل هذا التوجه طُرح في مباحثات إعادة إعمار القطاع التي أعقبت العدوان الإسرائيلي عام 2014، غير أنها لم تنجح.

(أ ب)

وفيما تشير صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إلى أنه من المتوقع أن تصل تكاليف إعادة الإعمار في غزة إلى مليارات الدولارات، لا تتوافر حاليا إحصاءات أو تقديرات دقيقة حول حجم الخسائر التي لحقت بالقطاع، لكن وزارة الإسكان في غزة قالت إن 16,800 وحدة سكنية لحقت بها أضرار. من بينها أصبحت 1800 وحدة غير صالحة للعيش فيها بينما دُمرت ألف وحدة بالكامل.

22.5 مليون دولار مساعدات إنسانية أممية لغزة

وفي هذا السياق، أعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، فجر السبت، عن تخصيص 22.5 مليون دولار أميركي للاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة في قطاع غزة.

وقال في بيان إن "المبلغ يشمل مخصصات بقيمة 4.5 مليون دولار من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ وما يصل إلى 18 مليون دولار من الصندوق الإنساني للأراضي الفلسطينية المحتلة".

وأضاف "حتى 21 أيار/ مايو، أدى تصعيد الأعمال العدائية في غزة إلى مقتل ما لا يقل عن 242 فلسطينيًا (حصيلة الشهداء إلى 248)، من بينهم 66 طفلاً و38 امرأة، وإصابة أكثر من 1900 شخص".

وتابع "أدى العنف إلى نزوح أكثر من 77 ألف فلسطيني كانوا يسعون للحصول على الحماية في 58 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أنروا) ولا يزال هناك حوالي ألف شخص دمرت منازلهم أو تضررت بشدة".

وأعرب المسؤول الأممي عن "القلق بشأن انتقال العدوي بفيروس كورونا بين الأشخاص المستضعفين الذين يتجمعون في ملاجئ مزدحمة وعدم قدرة نظام الرعاية الصحية على التكيف".

وأوضح لوكوك أن "الأعمال العدائية تسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية المدنية الحيوية في غزة، ما أثر على خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة لمئات الآلاف من الأشخاص".

وحذر من أن "نقص الطاقة الكهربائية والأضرار التي لحقت بالمختبر المركزي التابع لوزارة الصحة في غزة، والذي يعالج اختبارات كورونا، يعيقان تقديم الرعاية الصحية في عشرات المراكز في جميع أنحاء القطاع".

وأضاف "تم تدمير مئات المباني والمنازل أو إتلافها أو جعلها غير صالحة للسكنى، وسوف يساعد المبلغ الذي تم الإفراج عنه في تزويد المتضررين بالخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية والتخلص من الذخائر المتفجرة".

وأوضح أن "الأعمال العدائية أدت إلى تفاقم احتياجات مليوني شخص أضعفهم بالفعل 13 عامًا من العزلة القسرية ووباء كورونا".

مشروع بيان في مجلس الأمن يطالب بعدم إعاقة مساعدات غزة

وفي هذه الأثناء، وزعت الصين وتونس والنرويج، فجر اليوم، على أعضاء مجلس الأمن الدولي، مشروع بيان، يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، ويطالب بعدم إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وقالت مصادر دبلوماسية إن وفود الدول الثلاث طلبت من الأعضاء في المجلس تقديم تعليقاتهم على مشروع البيان حتى الساعة الرابعة عصر اليوم، السبت.

ويدين مشروع البيان "كل أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب والاستفزاز والتحريض". كما يعرب "عن القلق إزاء التوترات والعنف في القدس الشرقية، ولاسيما في الأماكن المقدسة وحولها ويحث على احترام الوضع الراهن للمقدسات".

ويؤكد على دعم مجلس الأمن لـ"استئناف المفاوضات القائمة على مبدأ حل الدولتين حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان جنبا إلى جنب في سلام وأمن وحدود معترف بها".

ويتطلب صدور بيانات مجلس الأمن موافقة من جميع أعضائه البالغ عددهم 15 دولة.

التعليقات