تحليلات: روسيا تسعى لإخراج إيران من سورية وهجمات إسرائيل تعكس "إحباطا"

"التغيير الحاصل في الأشهر الأخير ليس في إيران أو في إسرائيل، وإنما في السياسة الروسية في سورية. وليس صدفة أن بوتين طلب رؤية بينيت في نهاية الأسبوع قبل الماضي. وهجمات الجانبين المتزامنة في سورية تعبر عن تنسيق"

تحليلات: روسيا تسعى لإخراج إيران من سورية وهجمات إسرائيل تعكس

خلال لقاء بوتين وبينيت في 22 تشرين الأول/أكتوبر الفائت (أ.ب.)

رأى محللون إسرائيليون في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الإثنين، أن روسيا تسعى إلى إخراج إيران من سورية بهدف تعزيز النظام فيها والإبقاء على سيطرتها على البلاد ووجودها في المنطقة، وأنه في موازاة ذلك تعبر الهجمات الإسرائيلية السيبرانية والصاروخية ضد إيران عن "إحباط" إسرائيلي من عدم نجاحها بالتأثير على الولايات المتحدة وعودتها إلى الاتفاق النووي.

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، إلى أنه في موازاة الهجوم الصاروخي الإسرائيلي في سورية، قبيل ظهر أول من أمس السبت، أطلقت طائرات مقاتلة روسية صواريخ باتجاه ناشطي المعارضة السورية في بلدة قرب مدينة حلب.

وكتب فيشمان أن "دولتين تهاجمان في الوقت نفسه أهدافا تهدد مصالحهما في أراضي دولة ثالثة. وكل هذا يحدث بعد نحو أسبوع من لقاء بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وإن لم يكن هذا تنسيقا وتعاونا إستراتيجيا، فماذا يكون؟".

وصعّدت إسرائيل هجماتها ضد أهداف في سورية خلال العام الحالي، الذي لم ينته بعد. وبحسب فيشمان، فإن إسرائيل أطلقت قرابة 400 صاروخ وقنبلة ذكية ضد أهداف في سورية، خلال العام الماضي، وارتفع هذا العدد بنسبة 25% منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن.

وأضاف أنه "في المقابل، حجم النشاط الإيراني في سورية لم يتغير بشكل دراماتيكي، الأمر الذي لم يستوجب، على ما يبدو، تصعيدا إسرائيليا. وعدد المستشارين الإيرانيين في سورية انخفض بصورة جوهرية منذ عام. والوجود الإيراني في سورية، وبضمنه الميليشيات الموالية لإيراني، تراجع إلى النصف تقريبا... لكن عندما يصعدون وتيرة الهجمات، فإن احتمال حدوث خطأ يتجاوز سقف الحرب يزداد، فلماذا تصعد إسرائيل؟".

واعتبر فيشمان أن "التغيير الحاصل في الأشهر الأخير ليس في إيران أو في إسرائيل، وإنما في السياسة الروسية في سورية. وليس صدفة أن بوتين طلب رؤية بينيت في نهاية الأسبوع قبل الماضي. فقد توصل الروس إلى استنتاج بأنه من أجل تعزيز النظام في دمشق، الأمر الذي يضمن استمرار سيطرتهم في المنطقة، عليهم أن يفتحوا سورية أمام العالم الواسع وتحريرها من العزلة التي تمنع بداية إعادة إعمارها".

وتابع فيشمان أن "الإستراتيجية الروسية حتى الآن كانت تحرير الأرض أولا ثم إعادة الإعمار. والآن، هم يسعون إلى جني الثمار السياسية والاقتصادية لوجودهم في سورية أولا. والشرط لتنفيذ ذلك هو تعزيز مكانة الرئيس الأسد وبدء إعادة الإعمار".

قصف إسرائيلي في سورية أول من أمس (أ.ب.)

وأشار فيشمان إلى أن لقاء بين ممثلين عن النظام السوري وممثلين عن المعارضة السورية، قبل أسبوعين، والبحث في إصلاحات دستورية تحت رعاية الأمم المتحدة، "لم يعقد في فراغ. فقد حصل النظام مقابل ذلك على تحسين في علاقاته مع دول الخليج، الإمارات والبحرين وعمان، التي أعادت فتح سفاراتها في دمشق. والأردنيون فتحوا المعابر الحدودية مع سورية من دون أن يعارض ذلك الأميركيون، الذين يفرضون عقوبات على سورية".

وأضاف فيشمان أن "الروس يمارسون ضغوطا على الأسد كي يسمح أداؤه بفتح مزيد من الأبواب إلى العالم. وإضعاف التأثير الإيراني على نظامه هو أحد الشروط المطلوبة من أجل فتح هذه الأبواب. وهنا توجد لإسرائيل وروسيا مصلحة مشتركة. كذلك يشرح الروس لنا أن الأسد بدأ يتعب من التعلق بإيران، التي تضع صعوبات أمام إعادة إعمار سورية. ولذلك لن تمارس إسرائيل ضغوطا على إيران فقط وإنما على الأسد أيضا، بواسطة استهداف سيادته، كي تساعده على اتخاذ قرار بأنه ليس مجديا له الاستمرار بالتقرب للإيرانيين. وهكذا تجد إسرائيل وروسيا أنفسهما في خندق واحد، إلى حين يقرر الروس أمرا آخر".

إحباط إسرائيلي

من جانبه، تطرق المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى هجمات السايبر الإسرائيلية في إيران، مؤخرا، التي عطلت بشكل خطير تزويد الوقود في أنحاء البلاد، والقصف الصاروخي في سورية، أول من أمس. ورأى أنها شبيهة بعرقلة حركة السفن في ميناء بندر عباس الإيراني، في أيار/مايو الماضي.

وتساءل هرئيل "هل توجد لخطوات كهذه نتائج عملية وهل إسرائيل، رغم تفوقها البارز في المجال السيبراني، لا تعرض نفسها لهجمات مضادة، لانه لا توجد أي قدرة على نشر مظلة دفاعية على جميع المواقع الإلكترونية التي قد يهتم الإيرانيون باستهدافها؟ واللافت أن الهجمات في البحر تراجعت مؤخرا، بعد سلسلة عمليات انتقامية إيرانية".

ورأى أنه "سيكون لهذه الخطوات تأثير ضئيل في الحد الأقصى. فاستهداف جودة حياة المواطنين الإيرانيين لن يقوض سيطرة الحكم، الذي صمد تحت ضغوط العقوبات التي مارستها الولايات المتحدة لسنوات طويلة. ورغم أن المعركة بين حربين (الهجمات الإسرائيلية) في سورية قلصت حجم السلاح المهرب إلى حزب الله وتستهدف التموضع الإيراني في المنطقة، لكنها لا توقف هاتين الظاهرتين بأي شكل من الأشكال".

وأضاف هرئيل أن "النشاط الإسرائيلي يعكس بقدر كبير إحباطا. ويعترفون في القيادة الأمنية بأن التاثير الإسرائيلي على موقف الولايات المتحدة في المفاوضات حول النووي ضئيل وأن إدارة بايدن ستكون مسرورة على ما يبدو بالتوقيع على اتفاق جديد، شبيه بسابقه، إذا وافق الإيرانيون فقط على العودة إلى محادثات جدية. وتسبب إسرائيل أضرارا محلية، وتنفس عن نفسها، في السايبر والجو، لكنها لا تقود في هذه الاثناء إلى أي تغيير إستراتيجي في الواقع الإقليمي".

ووفقا لهرئيل، فإن استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية في سورية، بعد لقاء بوتين مع بينيت، "يدل مرة أخرى على أن موسكو ليست قلقة بشكل خاص من الاحتكاك الإسرائيلي – الإيراني في سورية. وطالما أن إسرائيل لا تستهدف مصالح عسكرية روسية هناك، لن يأبه بوتين على ما يبدو بهذه الغارات".

التعليقات