باراك ينتقد بينيت بالموضوع الإيراني: "تهديدات جوفاء متغطرسة"

باراك: "هذه ليست سياسة وإنما وصفة لضعف إسرائيل وتقليص قدرتها على الردع وحرية العمل. ونحن نتوقع أكثر من ذلك من حكومة التغيير الجديدة"* مسؤولون إسرائيليون يعتبرون أن الأميركيين "مرتبكون" بعد المقترحات الإيرانية بالمفاوضات

باراك ينتقد بينيت بالموضوع الإيراني:

مندوبا إيران في فيينا، في أيلول/سبتمبر الماضي (أ.ب.)

وصف رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، التهديدات التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، ضد إيران بأنها "تهديدات جوفاء متغطرسة"، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة، فيما اعتبر مسؤولون إسرائيليون، بعد الأسبوع الأول من جولة المحادثات النووية في فيينا، أن الإدارة الأميركية "مرتبكة" ولم تتوقع حدوث تطرف في موقف إيران خلال المحادثات.

وحمّل باراك، في مقال نسره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الأحد، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مسؤولية "إخفاق في صلبه إهمال ووهم ذاتي خطير"، بتعمده الاصطدام بإدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، في العام 2015، وأنه بذلك "أهدر فرصة ذهبية بتعظيم قوة إسرائيل بشكل غير مسبوق وتسلحها بوسائل تمكنها من هجوم مستقل ضد النووي الإيراني". ووصف باراك حض نتنياهو للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، على الانسحاب من الاتفاق النووي، في العام 2018، بأنه "خطوة تنطوي على هوسٍ" وسمحت لإيران بالتقدم نحو "دولة عتبة نووية".

وأضاف باراك أن "خطورة الإخفاق تتضح عندما ندرك أنه من أجل إعداد خيار عسكري لإحداث تأخير حقيقي بالبرنامج النووي، ثمة حاجة إلى عدة سنوات ومساعدات أميركية مكثفة. إلا أن نتيجة ذلك هي أنه في غضون أشهر معدودة، بإمكان الإيرانيين أن يتحولوا إلى دولة عتبة نووية لن يكون بالإمكان إيقافها من الوصول إلى سلاح نووي في توقيت تختاره هي. وهذا واقع جديد يستوجب بتقييم رصين للوضع".

ويستخدم باراك مصطلح "دولة عتبة"، لأن "الإيرانيين في تقديري ليسوا معنيين بتجاوز هذه العتبة، التي تسمح لهم بالاستفادة من إنجازاتهم من دون أن يضطروا إلى الاعتراف باختراق ’معاهدة منع نشر سلاح نووي’ التي وقعوا عليها وإرغام الدول الكبرى من العمل ضدهم بواسطة عقوبات".

وأشار باراك، وهو وزير أمن سابق ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، إلى أنه "حتى لو تحول الإيرانيون إلى دولة عتبة، وذلك عندما يجمعون كمية مواد انشطارية كافية يمستوى 90% لصنع ما بين قنبلة وثلاثة قنابل، إلا أنهم سيحتاجون إلى حوالي سنتين من أجل إنتاج يورانيوم معدني وبناء السلاح... وبعد تجاوز هذه العتبة، لن تكون لدى مفتشي الأمم المتحدة قدرة على التأكد من أن إيران لا تتقدم سرا نحو قوة نووية حقيقية".


بلينكن وبينيت اثناء لقائهما في واشنطن، في آب/أغسطس الماضي (أ.ب.)

وأضاف أن "إيران لا تسعى إلى سلاح نووي من أجل إسقاطه قنبلة على الولايات المتحدة، إسرائيل أو دولة مجاورة أخرى، وإنما من أجل الحفاظ على بقاء النظام وحريته بالعمل. وآيات الله متعصبون ومتطرفون وليسوا أغبياء. وإذا وصلت إيران إلى ’دولة عتبة’، فستستفيد من مكانة إقليمية وعالمية افضل، ومن حصانة ضد تدخل عسكري خارجي لإسقاط النظام وبحرية عمل متزايدة في المنطقة. وستعتبر أنها حققت توازنا إستراتيجيا مقابل إسرائيل وستتمتع بصورة من تحدت وفرضت إرادتها على العالم".

ودعا باراك إلى عدم الاستخفاف بإيران "أو بصدق تطلعها إلى رؤية إسرائيل ضعيفة، مهزومة وفي نهاية الأمر تختفي عن الخارطة". لكنه أضاف أنه "في أي مستقبل منظور، نحن أقوى من إيران أو من أي تكتل لخصوم، ولدينا فرصة لشبك الأيدي مع قسم من الجيران السُنّة، وكلما تصرفنا بحكمة سيكون لدينا الدعم الشامل من الدولة العظمى – التي ما زالت - الأقوى في العالم".

وشدد باراك على أنه "لا يوجد أي احتمال لجعل الولايات المتحدة تغير سلم أولوياتها"، الذي في مقدمته التركيز على نزاعها مع الصين وتقليص وجودها في الشرق الأوسط، "أو بإقناعها بأن تشن قريبا هجوما ضد النووي الإيراني من أجل عرقلته لعدة سنوات. كما أنه ليس واضحا أبدا إذا كان بحوزة الولايات المتحدة أو إسرائيل حاليا خطة قابلة لتنفيذ هذا الهدف. وهذا موجز إخفاق نتنياهو التاريخي".

ورأى أن "الحاجة الملحة لإسرائيل هو تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة من أجل تحديد غايات مشتركة وسبل لتحقيقها في وضع تكون فيه إيران ’دولة عتبة’، وليس خلافا علنيا وتبادل اتهامات مع الإدارة الأميركية، لا فائدة فعلية منها، وتعتبر في العالم أنها جوفاء وتعكس حرجا وليس سياسة رصينة مدعومة بقدرة على العمل".

واعتبر باراك أن "إيران نووية، أو حتى كـ"دولة عتبة’، هو تغيير أساسي يسيء وضعنا الإستراتيجي، لكنه لا يحتوي في المستقبل المنظور على تهديد وجودي لإسرائيل. ولا يعفينا أي تطور من مسؤولية الاستمرار في البحث عن طرق من أجل إحباط تحقيق الغايات الإيرانية هذه، لكن لا ينبغي أبدا فقدان القدرة على الحكم على الواقع".

وخلص باراك إلى أن "غطرسة جوفاء ليست الطريق الصحيحة. وهذه ليست سياسة وإنما وصفة لضعف إسرائيل وتقليص قدرتها على الردع وحرية العمل. ونحن نتوقع أكثر من ذلك من حكومة التغيير الجديدة".

"الإدارة الأميركية مرتبكة"

اعتبر مسؤولون إسرائيليون مطلعون على فحوى المفاوضات النووية في فيينا بين إيران والدول العظمى، بانتهاء الأسبوع الأول لهذه المفاوضات، أن الإدارة الأميركية "مرتبكة"، وأنها لم تتوقع أن يتزايد تطرف إيران حيال العودة إلى الاتفاق النووي من العام 2015.

ونقلت صحيفة "هآرتس"، اليوم، عن مسؤول إسرائيلي قوله إن مسؤولين أميركيين فوجئوا من قرار المندوب الإيراني طرح ورقتي موقف تشملان مطالب حازمة حول رفع العقوبات ضدها وقائمة شروط من أجل العودة إلى الاتفاق النووي.

وأضافت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين حذروا، في نهاية الأسبوع الماضي، من أن منح إيران ضمانات بشأن رفع عقوبات متواصل "سيعقّر" أحد الوسائل الهامة التي بحوزة المجتمع الدولي "كسوط ضد برنامجها النووي". واعتبر مسؤول سياسي إسرائيلي أن إيران لم تأت إلى المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق وإنما بحثا عن تسهيلات. "وسنرى الدول العظمى في الأيام القريبة تتجه نحو أزمة مقابل إيران أو نحو ليونة".


الجلسة الأولى للجولة السابعة من مفاوضات فيينا حول النووي الإيراني (تصوير: المندوب الروسي)

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أول من أمس، إن "ما لا تستطيع إيران فعله هو الإبقاء على الوضع الراهن الذي يتيح لها تطوير برنامجها النووي وفي الوقت نفسه التسويف" على طاولة المفاوضات. وحذّر من أنّ استمرار "هذا الأمر لن يكون ممكنًا"، مشدّدًا على أنّ الأوروبيين يوافقونه هذا الرأي.

إلا أن التقديرات الإسرائيلية، بحسب الصحيفة، هي أن تصريحات بلينكن نابعة من "تشديد مواقف شركائه الأوروبيين". وأضافت الصحيفة أنه "بعد أيام معدودة من جولة اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، عبر مندوبي الدولتين بشكل واضح عن مواقف تدفعها إسرائيل".

وتابعت الصحيفة أنه في إسرائيل رصدوا "الحرج" الأميركي حيال استمرار المفاوضات، وأن الإسرائيليين يرون في الوضع الحالي نافذة فرص من أجل التأثير على اتخاذ القرارات في فيينا وأن يقود ذلك إلى ترك المحادثات. ويذكر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، طالب بلينكن، خلال محادثة هاتفية بينهما يوم الخميس الماضي، بإيقاف المفاوضات في فيينا.

وادعى مسؤولون إسرائيليون، بحسب الصحيفة، أن "إيران وضعت مسدسا محشوا على طاولة المفاوضات عندما قررت قبل وقت قصير قبل ذلك تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة فوردو". واعتبروا أن الولايات المتحدة، التي تشارك في المفاوضات بشكل مباشر، قد توافق على رفع العقوبات مقابل اتفاق مرحلي جزئي، بتخفيف العقوبات مقابل تقليص البقرنامج النووي. وقال مسؤول إسرائيلي إنه "يوجد استعداد أميركي لم يتم نفيه لدفع اتفاق جزئي".

التعليقات