حيازة الاستخبارات الأميركية لـ"بيغاسوس" يدل على صراع للسيطرة عليه

تحليل: صراع أميركي - إسرائيلي حول من يسيطر "بيغاسوس"، ومن يملك الصلاحية بأن يقرر لمن يبيعونه ولمن لا يبيعونه. ومقاطعة NSO واقتراحات شركات أميركية لشرائها، مرتبط بذلك الصراع على السيطرة على البرنامج.

حيازة الاستخبارات الأميركية لـ

شعار NSO على حائط في بلدة في جنوب إسرائيل (أ ب)

كشف تقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، أول من أمس، حول استخدام سلاح "بيغاسوس"، البرنامج الذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO للتجسس من خلال اختراق الهواتف الذكية، عن صراع أميركي – إسرائيلي على السيطرة على هذا السلاح، حسبما أشار محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، اليوم الأحد.

ولفت بيرغمان، وهو أحد معدي التقرير في الصحيفة الأميركية، إلى أنه "بكل ما يتعلق بالحكومتين الأميركية والإسرائيلية، فإن الحديث هنا يدور عن صراع حول من يسيطر على هذا السلاح، بيغاسوس، وهو سلاح السايبر الأقوى والأفضل في العالم، وعن الجهة التي تستحوذ عليه، وليس أقل أهمية: من يملك الصلاحية بأن يقرر لمن يبيعونه ولمن لا يبيعونه".

ووفقا لتقرير الصحيفة الأميركية، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، أوعز بتجديد رخصة استخدام نسخة "بيغاسوس" للسعودية بعد أن انتهت صلاحيتها، وذلك في أعقاب اتصال هاتفي مباشر أجراه ولي عهدها، محمد بن سلمان، مع نتنياهو، إثر معارضة وزارة الأمن الإسرائيلية. كذلك تبين أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (FBI) اشترى نسخة من "بيغاسوس"، وأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) اشترت نسخة من هذا السلاح للنظام في جيبوتي.

وأضاف بيرغمان أن "طمع أجهزة الاستخبارات الأميركية بأن تشتري بنفسها بيغاسوس أو ’فانتوم’، وهو توأمه الذي بمقدوره مهاجمة أرقام هواتف أميركية، أو تقديمه هدية لأجهزة استخبارات يريدون، يثبت خصوصية هذا السلاح، وأنه في في قسم من أجهزة الاستخبارات والإنفاذ على الأقل في الولايات المتحدة ليس لديهم برنامجا موازيا بمقدور التوغل إلى وسيلتي الاتصال اللتين تستخدمهما معظم البشرية، أندرويد أو آيفون، وهم يريدون جدا أن يكون ("بيغاسوس") بحوزتهم". وشدد على أن "مقاطعة NSO (بإدخالها إلى القائمة السوداء الأميركية) واقتراحات شركات أميركية لشرائها، مرتبطة بذلك الصراع على السيطرة" على البرنامج.

واعتبر بيرغمان أن الأمر الأهم في تقرير الصحيفة الأميركية هو شراء CIA برنامج "بيغاسوس" لصالح مخابرات النظام في جيبوتي. " وهذه دولة أفريقية ربطت أجهزة الاستخبارات وجهاز الأمن في الولايات المتحدة مصيرهم بمصيرها بعد أحداث أيلول/سبتمبر العام 2001، وأقاموا فيها قاعدة كبيرة وأداروا منها قسما كبيرا من العمليات ضد الجهاد العالمي في القارة الأفريقية".

وأضاف أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تجاهلت بذلك أن "عددا لا نهائي من الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان في العالم، وبضمنها بالأساس وزارة الخارجية الأميركية نفسها، تنظر إلى الحكم في جيبوتي أنه أحد أكثر الأنظمة في القارة التي تدوس حقوق الإنسان – تعذيب، قتل، ملاحقة صحافيين، انتهاك سافر للحقوق بالخصوصية لناشطين سياسيين ومعارضي النظام وغير ذلك".

وأشار إلى أن "الذين يمنحون نظاما كهذا برنامجا مثل بيغاسوس، أي CIA إلى جانب وزارة الأمن الإسرائيلية التي صادقت على البيع، وشركة NSO التي أنتجت بيغاسوس ووضعه تقنيوها في مقر القيادة في أفريقيا، مثلما تم وضع بيغاسوس في عدد كبير من الدول الأخرى التي لديها ماض مشابه، ويدعون لاحقا أنهم لم يعلموا أو فوجئوا أو ذهلوا، من أن هذا البرنامج استخدمه ذلك النظام الاستبدادي المتغول من أجل ارتكاب أعمال رهيبة ضد المجتمع المدني في الدولة نفسها، هم أشبه بمدير حديقة حيوانات الذي حرر الأسد الجائع، وعندما افرس أحد الزوار، قال إن الأسد هو المتهم الوحيد بما حدث. وهذا تساذج من جانب جميع الضالعين في الأمر".

وأفاد بيرغمان بأنه عمل مع الصحافي مارك مازتي على إعداد التقرير للصحيفة الأميركية على مدار العام الماضي، وأجريا محادثات مع عشرات المصادر، وبينها رؤساء أجهزة تجسس، زعماء سياسيين، ناشطي حقوق إنسان، منظمات الدفاع عن الخصوصية، خبراء تكنولوجيين وضباط شرطة كبار من 12 دولة.

وأضاف أن من بين جميع الاكتشافات والقضايا التي اطلعا عليها، "كان هناك موضوع واحد، يبدو لي أنه أوضح أكثر من أي شيء آخر ما هو الأمر الحقيقي الذي حدث هنا من خلاف الكواليس. لا شك في أن هناك قلق حقيقي لدى مسؤولين مختلفين في العالم من الانتشار الأوسع مما ينبغي لوسائل تجسس سايبر تسمح بتخليد الحكم الاستبدادي لأنظمة ظلامية".

التعليقات