موفاز: علمنا أن الفلسطينيين يخططون للانتفاضة الثانية قبل اندلاعها بسنة

رغم ادعاء إسرائيل أنها علمت بالانتفاضة الثانية قبل سنة من اندلاعها، لم تمنع تغذيتها باقتحام شارون للأقصى واغتيالات خلال فترات هدنة، لكن قبل الانتفاضة بسنة دربت قواتها ووضعت خططا عسكرية لاجتياح الضفة

موفاز: علمنا أن الفلسطينيين يخططون للانتفاضة الثانية قبل اندلاعها بسنة

شارون أثناء اقتحام المسجد الأقصى، أيلول/سبتمبر عام 2000 (أ.ب.)

يحاول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، شاؤول موفاز، إعادة بلورة الرواية الإسرائيلية لاندلاع انتفاضة القدس والأقصى (الانتفاضة الثانية)، التي اندلعت في مطلع تشرين الأول/أكتوبر العام 2000، وكان يتولى حينها منصبه هذا، علما أن تقارير وكتبا إسرائيلية صدرت لاحقا، أكدت أن إسرائيل سعت إلى تغذية الانتفاضة واستمرارها، خاصة بعد التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار، مثلما حدث عندما اغتالت إسرائيل قائد "كتائب شهداء القدس" في طولكرم، الشهيد رائد الكرمي.

وقال موفاز في مقابلة لموقع "واينت" الإلكتروني اليوم، الجمعة، إن "تقديرات الجيش الإسرائيلي كانت دقيقة جدا. ووصلت المعلومات الاستخباراتية في العام 1999، وقيل لي في التقديرات الاستخباراتية السنوية إن مواجهة توشك على الاندلاع. وهذه لم تكن حجارة وزجاجات حارقة مثل الانتفاض في العام 1987، وإنما شيئا آخر وستكون هناك نيران ومتفجرات. وأعلنت عن إنذار إستراتيجي للجيش الإسرائيلي وبدأنا نخطط".

ولم يوضح موفاز كيف استنتج الجيش الإسرائيلي أن الفلسطينيين يخططون لمواجهة كهذه. وادعى أنه "كان واضحا أن نتجه إلى معركة توجد فيها نيران حرب، ورغم أنها محدودة، لكن هذه حرب. وخلال تحديثات المعلومات الاستخبارية، في العام 2000، كانوا دقيقين وقالوا إن ’هذا سيحدث في أيلول/سبتمبر، ولا نعرف في أي يوز منه".

إلا أنه بالرغم من هذه المعلومات الاستخباراتية، التي لا يمكن ألا يكون رئيس الحكومة حينها، إيهود باراك، خاصة أنه جنرال ورئيس أركان سابق للجيش، على علم بها. ورغم ذلك، صادق على اقتحام رئيس المعارضة، أريئيل شارون، للحرم القدسي والتجول في ساحات المسجد الأقصى، رغم التحذيرات في إسرائيل من أن ذلك سيؤدي إلى احتجاجات فلسطينية عارمة، بسبب قدسية المكان والمحاولات الإسرائيلية للسيطرة عليه. وكان هذا الاقتحام الشرارة التي أشعلت الانتفاضة.

عرفات محاصر في المقاطعة (أرشيفية)

وزعم موفاز أن اقتحام شارون الأقصى "لم يكن سبب اندلاع هذه المواجهة. وبحث الفلسطينيون عن ذريعة لإشعال الوضع. وهذا كان مخططا. وعرفات (الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات) أقام تنظيم فتح، جيشه الإرهابي. وعندما ندقق في العمليات الانتحارية، فإن معظمها نفذها التنظيم. ويعتقد الجميع أن هذه كانت حماس. لقد كان التنظيم وكذلك قوات الأمن الفلسطينية، التي انضمت في مرحلة معينة إلى العمليات، ولم يكن بالإمكان التمييز إذا كان منفذ العملية من حماس أو التنظيم أو القوة 17. وجميعهم أطلقوا النار، وجميعهم شاركوا في الخطوة التي خطط لها عرفات".

وقال موفاز إنه كانت هناك "معضلة كبيرة حول شن العملية العسكرية لأنه لم تكن هناك شرعية لها"، في إشارة إلى اجتياح الضفة الغربية، التي يطلق عليها الجيش الإسرائيلي تسمية "السور الواقي"، وانطلقت في بداية نيسان/أبريل عام 2002.

واعتبر أن "عرفات اعتقد أن إسرائيل لن توافق على حق العودة وتقسيم القدس ولذلك أعد خيارا أخرجه إلى حيّز التنفيذ في أيلول/سبتبمر عام 2000". وتابع أنه "قبل ذلك بسنة قدّرنا في الجيش الإسرائيلي أنه ستندلع هذه المواجهة، واستعدينا لها، لكن لأسفي المستوى السياسي لم يوافق على التقديرات. فحينها كانت تجري المفاوضات مع الفلسطينيين، وكذلك مع السوريين واللبنانيين حول الانسحاب (الإسرائيلي) من لبنان"، الذي نفذته إسرائيل في أيار/مايو العام 2000.

وأضاف موفاز أن "خططنا العسكرية كانت جاهزة، وأعددنا الجيش من ناحية التدريبات والعتاد، لكن الأهم من أي شيء هو أنه بين أيلول/سبتمبر 2000 وآذار/مارس 2022، طوال سنة ونصف السنة، كان الجيش الإسرائيلي يدخل ويخرج من مناطق السلطة الفلسطينية من أجل الاعتقال والإحباط، لكن هذا لم يكن كافيا. وكانت هناك حاجة إلى السيطرة مجددا على مناطق A وB كماطق بإمكاننا البقاء فيها".

موفاز خلال اجتياح الضفة (الجيش الإسرائيلي)

ولم يتطرق موفاز إلى الإعدامات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في هذه الفترة. ووفقا لكتاب "سهم مرتد"، من تأليف عوفر شيلح ورافيف دروكر، فإن موفاز جمع قادة الجيش في الضفة، المقسمة إلى سبع مناطق عسكرية، وأمرهم بقتل عشرة فلسطينيين يوميا في كل واحدة من هذه المناطق. وبمعزل عن ذلك، سقط مئات الشهداء الفلسطينيين خلال هذه الفترة، في مواجهات واقتحامات الجيش الإسرائيلي للمدن والقرى الفلسطينية.

وقال موفاز إنه طالب باجتياح الضفة والسيطرة عليها بالكامل طوال الوقت، وأن المستوى السياسي رفض ذلك. ووافق شارون ووزير الأمن حينها، بنيامين بن إليعزر، على الاجتياع بعد العملية التفجيرية في فندق "بارك" في نتانيا عشية عيد الفصح اليهودي، في 28 آذار/مارس 2002. واستدعى الجيش حينها ما بين 30 – 40 ألف جندي في قوات الاحتياط، لزجهم في الضفة إضافة إلى القوات النظامية.

وتابع موفاز أن الهدف الأول للاجتياح كان محاصرة عرفات في المقاطعة في رام الله. "وأنا أوصيت بطرده، وفي نهاية الأمر تعهد شارون للأميركيين الذين طلبوا ألا نستهدف عرفات. وألا نستهدف المقاطعة ولا نطرده من رام الله، وهذا أمر كنت أريد جدا حدوثه".

وأشار موفاز إلى المعركة في مخيم جنين. "كانت لدينا مشكلة أخرى في جنين. لم تتوفر لدينا معلومات استخباراتية، لأننا لم نسيطر على هذا المكان، والشاباك وكذلك الاستخبارات العسكرية واجها صعوبة في استخراج مهلومات استخباراتية حول ما يحدث في المدن الفلسطينية، وخاصة في مخيمات اللاجئين وأماكن أخرى. وجزء من السيطرة كان من أجل جمع معلومات. وقبل السور الواقي، كانت نسب الإحباط ضد انتحاريين 30%، وبعد السور الواقي وصلت إلى 80% و90% إحباط".

واعتبر موفاز أنه "ربما علينا تنفيذ عملية مشابهة في قطاع غزة في أحد الأيام، لكن ليس في الواقع الحالي. وقرار كهذا صعب للغاية، ولا أنصح بنسخ ما جرى في السور الواقي إلى قطاع غزة. ويوجد لدى الجيش الإسرائيلي اليوم قدرات أخرى بالإمكان بواسطتها مواجهة الإرهاب".

التعليقات