تحليلات: التصريحات الإسرائيلية ضد الاتفاق النووي للاستهلاك المحلي

في إسرائيل يدركون أن محاولات التأثير على الموقف الأميركي ضئيلة، وتصريحات لبيد دوافعها انتخابية، بينما تصريحات رئيس الموساد المنفلتة ضد الولايات المتحدة لا تعكس موقف جهاز الأمن وخاصة "أمان" الذي يصفها بـ"الهستيرية"

تحليلات: التصريحات الإسرائيلية ضد الاتفاق النووي للاستهلاك المحلي

لبيد ينتقد بايدن خلال لقاء مع مراسلين أجانب، أول من أمس (أ.ب.)

يتضح من تحليلات نُشرت اليوم، الجمعة، أن الصورة التي حاولت إسرائيل بثها حول الاتفاق النووي ومحاولات إسرائيل بالتأثير على الموقف الأميركي في المفاوضات مع إيران حول الاتفاق، وكذلك التصريحات المنفلتة لرئيس الحكومة، يائير لبيد، أول من أمس، وتصريحات رئيس الموساد، دافيد برنياع، أمس، والتقارير حول زيارة وزير الأمن، بيني غانتس، ومستشار الأمن القومي، إيال حولاتا، إلى واشنطن الأسبوع الحالي وأنها تأتي في إطار ضغوط إسرائيلية على واشنطن، لم تكن تعكس الحقيقة الكاملة.

والحقيقة الأولى في هذا السياق هي أن تصريحات لبيد نابعة من دوافع سياسية داخلية عشية انتخابات الكنيست، مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، أي أنها للاستهلاك المحلي. وهو يخشى أن يستغل خصمه ورئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، توقيع الدول العظمى وبضمنها الولايات المتحدة على اتفاق نووي جديد مع إيران، وأن يصفه كمن تخلى عن أمن إسرائيل.

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، اليوم، إلى أن مكتب رئيس الحكومة لبيد، المسؤول المباشر عن الموساد ورئيسه برنياع، لم يفاجأ بتصريحات الأخير ولهجتها المرتفعة ضد الإدارة الأميركية، أمس، بالرغم من أن لبيد لا يسعى إلى الدخول في صدام مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، مثلما فعل نتنياهو عندما دخل إلى صدام مع الرئيس الأسبق، باراك أوباما، عشية توقيع الاتفاق النووي عام 2015.

رئيس الموساد برنياع (في الوسط) لدى تسلمه منصبه (Getty Images)

وأضاف يهوشواع أن "غاية انتقادات رئيس الموساد الشديدة هي آذان الإسرائيليين، من أجل الإقناع أن معارضة المستوى السياسي مدعومة من جانب الجهات المهنية. لكنها بالطبع موجهة أيضا إلى آذان الأميركيين، بالرغم من أنه في إطار العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين، تقال أمور كهذه في الغرف المغلقة. وربما أقوال برنياع جاءت لأن الأميركيين لا يجيبون على اتصالات لبيد".

وأفاد يهوشواع بأن موقف الموساد (الذي وصف رئيسه الاتفاق النووي بـ"الكارثة الإستراتيجية") ليس الموقف الوحيد في المؤسسة الأمنية. وهو ليس الموقف المقرر في إسرائيل. وتعتبر تقييمات شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان") أنها الأهم في إسرائيل، وهي مختلفة عن موقف الموساد، وبموجبها فإن "هذا الاتفاق سيئ ولكن من دونه سيكون وضع إسرائيل أسوأ".

وأضاف يهوشواع أن الاعتقاد في "أمان" هو أنه "ليس صائبا الدخول في حالة هستيريا كالتي انعكست برسائل رئيس الموساد، ومن الجهة الأخرى ينبغي عدم التأثر من حقن التهدئة التي يقدمها مستشار الأمن القومي حولاتا، حول صورة وضع متفائلة. وعموما، يعتقدون في قيادة الجيش الإسرائيلي، أنه ينبغي التحدث أقل والعمل أكثر من خلف الكواليس وبعد ذلك الاستعداد بما يتلاءم مع الوضع من الناحية العسكرية لليوم التالي".

رزمة مساعدات أمنية أميركية

وحول زيارة غانتس الحالية إلى واشنطن، شدد يهوشواع على أن احتمالات تأثيره على الموقف الأميركي بخصوص الاتفاق النووي ضئيلة. "ومهمة غانتس الأساسية يفترض أن تحقق نتائج مغايرة تماما: الحصول على رزمة مساعدات أمنية دراماتيكية، تمنح إسرائيل ردا على مواجهة التحدي المتوقع في السنوات القريبة. ومن أجل وضع خيار عسكري موثوق وليس لفظيا، يحتاج الجيش إلى وسائل متطورة: من قنابل وحتى طائرات وقدرات دفاعية متطورة".

من جانبه، رأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن الرسائل الصادرة عن إسرائيل، الأسبوع الحالي، تكاد تكون متطابقة بالمطلق مع مواقف حكومة نتنياهو في هذه القضية. "والحقيقة هي أن التصريحات الرسمية لا تعكس الآراء المتنوعة كلها في المستويين الأمني والسياسي. ويدور نقاش موضوعي طويل في الحكومة وكذلك في جهاز الأمن. ولا أحد منفعل من الاتفاق الجديد المليء بالعيوب والثغرات. والإجماع يقول إنه إذا تم التوقيع فإنه سيضع إسرائيل أمام واقع جيد أقل من العام 2015، وحينها أيضا لم يكون الواقع جيدا".

وأشار هرئيل إلى تصريحات أدلى بها الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد، الذي يعتبر أحد أهم الخبراء الأمنيين الإسرائيليين. ووفقا لغلعاد، فإن نتنياهو كرئيس للحكومة ارتكب خطأ ذريعا عندما أصر على الدخول في صدام مباشر مع أوباما، في العام 2015، عندما حاول تحريض الكونغرس ضده ومنع التوقيع على الاتفاق الأول، وأن نتنياهو أخطأ مرة أخرى بعدها بثلاث سنوات، عندما أقنع ترامب بالانسحاب من الاتفاق.

ووفقا لهرئيل، فإنه يوجد في إسرائيل معسكران. ويعتبر المعسكر الأول أن الاتفاق سيئ لإسرائيل، وينبغي محاولة إقناع الأميركيين بتشديده أو تأخير التوقيع عليه على الأقل. "ويرى المعسكر الثاني بالتوقيع على الاتفاق أنه الأقل سوءا، وأنه يفضل توقيعه في الظروف الناشئة، من أجل وقف تقدم الإيرانيين نحو القنبلة، وعندها انتظار ارتكاب طهران خطأ، وفي هذه الأثناء استئناف إعداد قدرة الهجوم الإسرائيلية".

التعليقات