"الإصلاح القضائي": خيارات نتنياهو بين السيئ والأسوأ

تقارير: المفاوضات بين الحكومة والمعارضة حول "الإصلاح" تنطوي على أهمية بالغة بالنسبة لنتنياهو، والخلافات ما زال كما هي، وإذا قرر التراجع سيعتبر ذلك هزيمة لليمين، وإذا قرر المضي قدما سيفقد ناخبي اليمين المعتدلين

جلسة مفاوضات بين الحكومة والمعارضة في ديوان الرئيس الإسرائيلي (Getty Images)

يبدو رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كمن تراجع عن تشريع قوانين خطة "الإصلاح القضائي" لإضعاف جهاز القضاء بالشكل والوتيرة التي تم التخطيط لها. فمن جهة، ثمة أولوية لتمرير قانون ميزانية الدولة في الكنيست، قبل نهاية أيار/مايو المقبل. ومن الجهة الأخرى، أظهرت الاحتجاجات الواسعة وغير المسبوقة ضد "الإصلاح القضائي" أن شرخا كبيرا حاصلا في المجتمع الإسرائيلي، والذي برز خلال المراسم في المقابر العسكرية في يوم إحياء ذكرى الجنود الإسرائيليين القتلى وخلال احتفالات يوم استقلال إسرائيل، الأسبوع الحالي.

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الجمعة، إلى أن المفاوضات بين الحكومة والمعارضة في ديوان الرئيس الإسرائيلي "تجري بشكل موضوعي ومحترم"، بحسب جميع أطرافها. وأعلن نتنياهو أنه لا يوجد موعد نهائي للمفاوضات، رغم الخلافات بين الحكومة والمعارضة فغي هذه المفاوضات التي تتركز على تركيبة لجنة تعيين القضاة.

ليفين يتحدث خلال مظاهرة اليمين، أمس (Getty Images)

وبحسب الصحيفة، فإنه "تم إقصاء المتطرفين من المفاوضات في ديوان الرئيس"، في إشارة إلى وزير القضاء، ياريف ليفين، ورئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست، سيمحا روتمان. وأضافت الصحيفة أنه "من الخطأ القول إنه تم إقصاء ليفين وروتمان، لكنهما استُبعدا، وهما متهمان من جانب الحريديين وحتى مكتب رئيس الحكومة، بإهمال سياسي أدى إلى ضعف انتخابي" وفق ما تظهر استطلاعات الرأي.

رغم ذلك، فإن المفاوضات بين الحكومة والمعارضة يمكن أن تتفجر وتتوقف بسهولة. فلا يبدو، حاليا على الأقل، أن الحكومة ستتنازل عن خطة "الإصلاح القضائي"، والاحتجاجات ضدها توجه إلى أحزاب "الوسط - يسار" أيضا، وإلى قائمة "المعسكر الوطني" برئاسة بيني غانتس، بشكل خاص.

نتنياهو، الشهر الماضي (Getty Images)

في صفوف الحكومة، "نشأ عمليا اصطفاف قوى كالتالي: الأيديولوجيان والنشطان روتمان وليفين، ومقابلهما يقف مندوبو نتنياهو في غرفة المفاوضات في ديوان الرئيس، الذين يفترض بهم أن يتوصلا إلى اتفاق حقيقي وإنهاء الخلاف"، بحسب الصحيفة.

وتابعت الصحيفة أن روتمان وليفين قدما لنتنياهو "نصيحة كارثية" حول دفع قوانين "الإصلاح القضائي" قدما: البدء بدفعها بقوة، وقبيل التصويت عليها بالقراءتين الثانية والثالثة، التنازل عن أجزاء منها، بهدف "تحقيق سيطرة على لجنة تعيين القضاة. وتسببت هذه المحاولة بشرخ غير مسبوق في المجتمع الإسرائيلي، بضرر اقتصادي شديد، وبإلحاق ضرر بصورة إسرائيل دوليا".

ويدعم اليمين "الإصلاح القضائي" بقوة. لكن الصحيفة أشارت إلى أن "المسألة الأهم هي مدى قوة إصرار نتنياهو. ويبدو أن إصراره تقوض"، استنادا إلى أقواله في مقابلات أجرتها معه وسائل إعلام أميركية. وهذه المقابلات لم تتطرق إلى إيران وإنما إلى خطة "الانقلاب القضائي". وقال نتنياهو في هذه المقابلات إنه تجري مفاوضات مع المعارضة وأنه في اليمين أيضا "يدركون أن الاقتراح الأصلي لن يتحقق"، وأنه "لن يحدث" أن يحصل الكنيست على قدرة كبيرة من أجل إلغاء قرارات صادرة عن المحكمة العليا.

ونسبت الصحيفة مواقف نتنياهو هذه إلى ابتعاد مراكز قوة عنه. فقد قرر نتنياهو التنازل عن إلقاء خطاب أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة الذي عُقد في القدس. وهذا التنازل لم يكن بسبب الخشية من احتجاجات معارضي "الإصلاح" خارج قاعة المؤتمر، وإنما من احتجاجات داخل القاعة، إثر انتقادات المنظمات اليهودية الأميركية لـ"الانقلاب القضائي".

وأفادت الصحيفة بأن الانطباع في المؤسسة السياسية الإسرائيلية، في الائتلاف والمعارضة، هو أن "نتنياهو يريد مقترحا (للخطة القضائية) يتم طرحه بتوافق واسع، أو بموافقة المعسكر الوطني على الأقل. وسيسوق ذلك على أنه انتصار تاريخي لليمين. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإنه سينتظر حدوث أحد أمرين: إما أن تتراجع الاحتجاجات، أو أفول إصرار اليمين على إقرار الإصلاح".

مظاهرة ضد حكومة نتنياهو، منتصف الشهر الحالي (أ.ب.)

والسؤال الأهم في هذا الوضع هو ماذا سيقرر نتنياهو؟ فإذا قرر التراجع عن خطة "الإصلاح القضائي"، فإن ذلك سيعتبر هزيمة لليمين وتحميله مسؤوليتها. وفي حال إقرار "الإصلاح" في الكنيست بدون توافق، فإن "الدولة ستنتقل إلى حالة شرخ داخلي دائم، ويرجح أن ناخبي الليكود المعتدلين سيتخلون عن نتنياهو إلى الأبد. ولذلك، فإن التوصل إلى توافق ينطوي على أهمية بالغة بالنسبة لنتنياهو".

وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو سيتخذ القرار بهذا الخصوص عندما يكون ملزما باتخاذه، أي عندما تفشل المفاوضات. وعموما، من يعتقد أن نتنياهو قرر النزول عن الشجرة، أو أنه مصر على إطلاق الانقلاب القضائي، فإنه ينسى قاعدة أساسية بشأنه، وهي عدم وجود إستراتيجية. وأي شيء سيحصل في اللحظة الأخيرة. والآن، توضح الاستطلاعات له أن الانقلاب القضائي هو سمّ. وهو يبتعد حاليا عن منطقة الكارثة".

ولفتت صحيفة "هآرتس"، اليوم، إلى أن نتنياهو وليفين حاكا هذه الخطة معا، لكن "الآن، نتنياهو يسعى إلى وضع هذه المغامرة الكارثية من ورائه، وبحيث لا يظهر كمن مني بهزيمة ولا ينجر إلى انتخابات أخرى، ثمة شك إذا كان سيبقى بعدها".

التعليقات