تدخل عسكري أميركي؟ "يعتمد على قدرة إسرائيل على التعامل مع هجوم محتمل لحزب الله"

واشنطن تتخوف من انضمام حزب الله إلى المعركة بكامل قوته العسكرية؛ البيت الأبيض يبحث سيناريوهات وتطورات محتملة في المنطقة؛ مسؤولون أميركيون يقولون إن حاملات الطائرات ليست للاستعراض فقط، بايدن يحذر نتنياهو من "سوء في التقدير" يؤدي لتصعيد شامل.

تدخل عسكري أميركي؟

حاملة الطائرات الأميركية "آيزنهاور" (Getty Images)

قال تقرير إسرائيلي، إن الرئيس الأميركي، جو بايدن، حذّر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من "حسابات خاطئة" و"سوء في التقدير" على الحدود الشمالية قد يؤدي إلى تصعيد شامل مع حزب الله ويحول الحرب على غزة إلى حرب إقليمية، ونقل التقرير عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى أن البيت الأبيض "يريد أن يفعل كل شيء لمنع حزب الله من الانضمام إلى الحرب، لكنه يستعد أيضًا للسيناريو المعاكس".

جاء ذلك في تقرير أورده موقع "واللا" الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، وأشار فيه إلى إمكانية تدخل واشنطن عسكريا لصالح إسرائيل إذا ما فتح حزب الله جبهة ضدها، ونقل عن مسؤولين أميركيين قولهم إن حاملات الطائرات التي حركتها واشنطن إلى المنطقة "ليست للاستعراض فقط"، وسط تصاعد المخاوف من حرب إقليمية شاملة تكبد إسرائيل "خسائر فادحة".

وذكر التقرير أن "انضمام حزب الله إلى الحرب ضد إسرائيل باستخدام كل قوته العسكرية، سيكون تطورًا دراماتيكيًا من شأنه أن يحول ‘الأزمة‘ في غزة (على حد تعبيره) إلى حرب إقليمية يتكبد فيها الجانبان الإسرائيلي واللبناني خسائر فادحة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى إن "الرد العسكري الأميركي ضد حزب الله سوف يؤدي إلى تعميق التدخل الأميركي في الأزمة بشكل كبير".

وأضاف التقرير أن "هجومًا واسع النطاق لحزب الله على الحدود الشمالية سيصعب الأمور على الجيش الإسرائيلي، الذي سيتعين عليه التعامل مع ساحتين قتاليتين ومع آلاف الصواريخ التي سيتم إطلاقها من لبنان باتجاه قواعد القوات الجوية" التابعة للجيش الإسرائيلي.

وقال إنه "منذ بداية الحرب على غزة، تصاعدت التوترات بين إسرائيل وحزب الله بشكل ملحوظ في ظل التبادل اليومي لإطلاق النار بين الجانبين، قُتل خلاله أكثر من 10 عناصر حزب الله والعديد من الجنود الإسرائيليين". مستدركا: "ومع ذلك، نجح الجانبان حتى الآن في إبقاء القتال تحت عتبة التصعيد التام، وامتنع حزب الله في هذه المرحلة عن إرسال عناصره لهجوم بري على الحدود أو عن إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية".

وأشار التقرير إلى أن الإدارة الأميركية حرصت على بث رسائل إلى إيران و"حزب الله" منذ بداية الحرب على غزة، عبر تصريحات علنية صدرت عن كبار المسؤولين في البيت الأبيض وكذلك بواسطة "قنوات هادئة" عبر وسطاء دوليين، وحذّرت الجانبين من "التورط في الحرب".

وقال مسؤولون أميركيون كبار إن الرد الذي تلقته إدارة بايدن من إيران وحزب الله عبر الوسطاء هو أنهم غير معنيين بالتصعيد، ولكن إذا استمر سلوك الجيش الإسرائيلي في حربه الانتقامية على قطاع غزة، "فقد لا يكون أمامهم خيار سوى التدخل".

وإلى جانب الرسائل الدبلوماسية، أرسلت إدارة بايدن حاملتي طائرات ترافقها عدد من السفن الحربية إلى المنطقة، ووضعت آلاف الجنود على أهبة الاستعداد استعدادا للانتشار في الشرق الأوسط. ويتبين من التقرير أن جولة وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة لم تكن دبلوماسية بحتة، بل جاءت في سياق مساعي واشنطن لردع إيران وحزب الله.

ونقل "واللا" عن مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة بايدن أن بلينكن أبلغ الزعماء العرب الذين التقى بهم في المنطقة في الأيام الأخيرة أن "الولايات المتحدة لا تمارس الألاعيب" عندما ترسل حاملات الطائرات إلى المنطقة.

وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن سيناريو استخدام القوة العسكرية من جانب الولايات المتحدة في حالة انضمام حزب الله إلى الحرب "طرح في عدة مداولات عقدت في البيت الأبيض في الأيام الأخيرة"؛ ووفقا للمسؤولين، فإن "قرار استخدام القوة العسكرية سيتم اتخاذه اعتمادا على نطاق الهجوم المحتمل لحزب الله وقدرة إسرائيل على التعامل معه".

وأكد كبار المسؤولين الأميركيين أن "الإدارة تفعل كل ما في وسعها لتجنب تحقيق مثل هذا السيناريو وتريد إبقاء حزب الله خارج المعركة، لكنها مستعدة أيضًا للاحتمال المعاكس". وقال مسؤول أميركي: "في نهاية المطاف، حاملات الطائرات هذه ليست موجودة فقط لتقديم عرض".

وبحسب التقرير، فإنه خلال المحادثة الهاتفية بين نتنياهو والرئيس بايدن، يوم السبت الماضي، أعرب الأخير عن قلقه من أن تتوسع الحرب إلى الجبهة اللبنانية أيضًا، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين كبار.

وشددت المصادر على أن بايدن طلب من نتنياهو "الحفاظ على أقصى درجات ضبط النفس" عندما يتعلق الأمر بأنشطة الجيش الإسرائيلي في لبنان، وحذر من أن "رد الفعل ورد الفعل المضاد يمكن أن يؤدي إلى سوء تقدير" من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد شامل ضد حزب الله.

وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون رفيعو المستوى إن قلق البيت الأبيض العميق بشأن فتح جبهة ثانية بين إسرائيل وحزب الله هو أحد الأسباب التي دفعت الرئيس بايدن إلى اتخاذ قرار بالقدوم إلى إسرائيل والتعبير عن دعم الولايات المتحدة الكامل لها.

وفي هذه الأثناء، دعا حزب الله إلى "يوم غضب لا سابق له"، الأربعاء، مطالبًا الشعوب العربية التحرك الفوري إلى الساحات، تنديدًا بمجزرة الاحتلال بقصف مستشفى الأهلي المعمداني في غزة، في وقت تجمّع المئات من المتظاهرين في محيط السفارتين الأميركية والفرنسية ليلا احتجاجًا على مواقف بلديهما "الداعمة" لإسرائيل.

وحضّت قوى غربية عدة في الأيام الأخيرة على ضبط النفس وحذّرت من توسع الحرب في حال فتح جبهات أخرى مع إسرائيل، خصوصَا من جنوب لبنان. فيما اكتفى حزب الله، حتى اللحظة، بقصف مواقع إسرائيلية حدودية، لكن محللين يرون أنه قد يضطر إلى فتح جبهة جديدة في حال شنّت إسرائيل هجومًا بريًا على غزة.

التعليقات