04/10/2022 - 14:51

وثيقة: قادة الجيش الإسرائيلي بحالة يأس وكآبة بداية حرب 1973

قادة الجيش الإسرائيلي عبروا في الأيام الأولى للحرب عن يأس وحالة ذعر، واستخدموا عبارات، مثل "كارثة" و"هزيمة" و"حرب من أجل أرض إسرائيل" و"كآبة شديدة"، في وصف وضع الجيش في الجبهتين مع مصر وسورية

وثيقة: قادة الجيش الإسرائيلي بحالة يأس وكآبة بداية حرب 1973

(من اليمين) فايتسمان وإلعزار ورحبعام زئيفي في سيناء أثناء حرب 1973 (أرشيف الجيش الإسرائيلي)

عبر قادة الجيش الإسرائيلي في الأيام الأولى لحرب تشرين أول/أكتوبر 1973، عن يأس وحالة ذعر، واستخدموا عبارات، مثل "كارثة" و"هزيمة" و"حرب من أجل أرض إسرائيل" و"كآبة شديدة"، في وصف وضع الجيش في الجبهتين مع مصر وسورية.

وكشفت عن ذلك مذكرات مدير مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حينه، أفنير شاليف، التي سمح أرشيف الجيش الإسرائيلي بنشرها أمس، الإثنين، ونشرتها صحيفة "هآرتس" اليوم، الثلاثاء. ووثق شاليف في المذكرات أقوال رئيس أركان الجيش، دافيد إلعزار، ووزير الأمن، موشيه ديان، وضباط كبار آخرين.

وتحدث هؤلاء عن "حلول" للوضع الذي تواجد فيه الجيش الإسرائيلي، وبينها "كسر سورية" و"احتلال دمشق" و"ذبح المصريين" و"إزالة العرب من رأسنا".

ووصفت مذكرات شاليف الوضع في الجبهتين في الأيام الأولى بكلمات قاسية، مثل قول نائب رئيس أركان الجيش، يسرائيل طال، في اليوم الثاني للحرب، 7 تشرين الأول/أكتوبر، إن "الوضع في الجنوب بات سيئا وحتى سيئا جدا". وأضاف أن "الوضع سيئ في الجبهة الشمالية".

وقال ديّان إن "حَكّا يسقط عن قدميه" في إشارة إلى قائد المنطقة الشمالية، يتسحاق حوفي. وجاء في المذكرات أن "سلاح الجو هاجم الصواريخ في سورية، وخسر طائرات كثيرة... غالبيتها (من طراز) فانتوم. ولا يوجد مؤشر للنجاح. والثمن – بالغ". وقال طال إن "جميع المعاقل محاطة ومحاصرة ولا يمكن إخلاءها".

وطلب قائد المنطقة الجنوبية، شموئيل غونين الملقب بـ"غوروديش"، مساعدات جوية. وأجابه إلعزار أنه "حاول أن تصمد. وإذا كان هناك S.O.S، كارثة، ستحصل على ’كيلاع’"، التي تعني غارات جوية لقصف أهدافا منتشرة على الأرض.

غولدا مئير وديان في هضبة الجولان خلال حرب 1973 (مكتب الصحافة الحكومي)

وعبر وزير الأمن ديان عن خشيته من تحرير سورية لهضبة الجولان المحتلة. وقال إنه "أريد الذهاب إلى جبل كنعان (المقامة عليه مدينة صفد) كي أشاهد الوضع عن كثب، فهم يوشكون على فقدان هضبة الجولان".

وأضاف رئيس أركان الجيش إلعزار أنه "لا توجد لدينا صورة جيدة عن الوضع في هضبة الجولان. وتم إخلاء البلدات بشكل سلس بموجب أمر اللواء، من أجل منع سقوط". وجاء في ملاحظة في المذكرات أن "موشيه (ديان) أظهر كآبة شديدة".

وبدا أن التشاؤم وصل ذروته في اليوم الثالث للحرب، حيث قال إلعزار إن "الكثير من دباباتنا غاصت (في الرمال) بكل بساطة". وأشار ديان إلى أن "الشعب والحكومة لا يعلمون شيئا عن الوضع. ولن يكون هناك وقف إطلاق نار قبل موافقة العرب".

وقال إلعزار، في اليوم التاسع للحرب، إن الوضع في سيناء "سيئ جدا"، وأن يوجد "خسائر كثيرة ولا أحد يعرف عددها". وأضاف أن "المصريين يعبرون، وكل شيء سيئ، وضعنا صعب، ونحن في كارثة... بيران (اللواء أبراهام إيدن، قائد قوات المدرعات) لم ينجح. وضعنا سيئ. وتوازن القوات لم يعد في صالحنا بشكل خطير جدا. وسوف ينظمون أنفسهم ويفتكون بنا".

وأضاف ديان أن "بيران أبقى 50 دبابة – هذا هروب. وينقصنا ضباط جيدون لديهم خبرة"، وذكر في هذا السياق إسحاق رابين وعيزر فايتسمان.

وقال ديان إن "هذه الحرب من أجل أرض إسرائيل"، ودعا إلى استبدال ضباط واستدعاء جنود يهود من خارج البلاد. كما دعا إلى تأهيل "مسنين" و"أجيال صغيرة" وأيضا إلى "تسليح جميع اليهود في البلاد لنتمكن من الصمود أمام دبابات".

وتابع ديان حول إطلاع الحكومة على الوضع، وتطرق بشكل خاص إلى رئيسة الحكومة، غولدا مئير، "أنهم صُدموا لدرجة أنه كان هناك خوف على صحتهم". وقال الوزير يسرائيل غليلي إن "رئيس أركان الجيش أوضح أنه يوجد مد وجزر في الدفاع. ونحن في حضيض وربما لم نصل بعد إلى ذروته".

واقترحت مئير، في اليوم الرابع للحرب، أن تتوجه سرا إلى واشنطن من أجل لقاء الرئيس الأميركي، ريتشار نيكسون، وتطلب "عتادا كثيرا وسريعا". وأضافت أن "هذه البطاقة الأساسية التي بإمكاننا استخدامها ضد الأميركيين، كي لا يتخلوا عنا". وأضافت حول المساعدات الأميركية المحتملة أن "يعطونا مساعدات كأن هذه جبهتهم. أن يعطونا كل ما نحتاج إليه".

وحذر إلعزار، في اليوم الخامس للحرب، من "الخطر الأكبر"، وهو "إدراك العرب أننا نواجه مصيبة، والتخوف هو أن تزداد شهيتهم وتزداد قواتهم".

وأضاف: "لدي شكوك اليوم إذا كنا سننهي الحرب من دون خسارة أراضي... التقديرات سوداء. وإذا اقترحوا وقف إطلاق نار اليوم لقلت نعم. وبما أنه لا يقترحون عليّ بذل جهد كي يكون الوضع أفضل، فإني سأبذل جهدا كي لا يكون أسوأ. ولا يمكن أن يكون هناك وضع أفضل".

وتخوف ديان من فتح جبهة أخرى، شرقية: "يجب الأخذ بالحسبان انضمام العراق والأردن إلى الجبهة السورية. فالمغرب هناك وهكذا بإمكان الأردنيين الحصول على جبهة والمضي بدباباتهم. يمكن أن تنشأ جبهة شرقية".

وتعالت "أقوال إيجابية" في المذكرات، في اليوم السادس للحرب، مثل "نتائج رائعة" في الجبهة الجنوبية "ووضعنا في الشمال جيد إلى جيد جدا". إلا أنه في اليوم التالي، حذر رئيس أركان الجيش السابق، حاييم بار ليف، من أن "الوضع سيئ جدا. سيئ جدا. ولا يوجد أي سبب الآن لمصر من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار. وحتى لو صرخت سورية حتى السماء. وإذا كان بإمكاننا، علينا دفع الأمور بحيث يكون لدى (الرئيس المصري أنور) السادات سبب للتوصل إلى وقف إطلاق نار. وذلك بأن تكون قوة جيش السادات في وضع صعب... وبالإمكان تحقيق ذلك من أراضينا لأن المبادرة هناك هي لنا".

وحسب المذكرات، فإنه ساد تفاؤل في أوساط قيادة الجيش الإسرائيلي في اليوم التاسع للحرب، 14 تشرين الثاني/أكتوبر. ولم يتم نشر باقي المذكرات بعد، فيما أجزاء منها لا يزال يخضع للرقابة العسكرية.

التعليقات