05/07/2020 - 12:35

النرجسية الطبيعية والمَرَضِيَّة ودور الأهل

كل الظواهر موجودة في عالمنا الأنانية والنرجسية والتعلق والإنكار وهي موجودة كفسيولوجية عادية المهم هنا الكم، فإذا زاد عن حده يكون الأمر مرضيا.

النرجسية الطبيعية والمَرَضِيَّة ودور الأهل

تعتبر النرجسية من الظواهر المعقدة المنتشرة بين شخصيات الكثيرين في كل المجتمعات، وهي بدون شك تؤثر على سلوك الإنسان وتصرفاته بين الناس، وهي مصحوبة بالكثير من المعاناة لتقبل الآخرين للشخصية النرجسية، وتسبب له المبالغة في تفضيله لذاته بكثير من الأنانية وإنكار الآخرين، وعادة تكون غير واقعية بالنسبة لتقييم الشخص الحقيقي لذاته.

عن هذه المشكلة والمعضلة النفسية التقينا بالدكتور نبيل جرايسي أخصائي نفسي، مدير قسم الصحة النفسية في مستشفى الإنكليزي  حدثنا فقال:     

ما هي النرجسية:

النرجسية هي صفة، موضوع، حالة وصف وتشبيه للإنسان، ويستعمل التعبير في الكثير من الحالات والمجالات، أحيانا بمكانه أو خارج مكانه، واحيانا يكون مناسبا أو مخطِئا، وهذه الصفة أو الحالة  تصف الأفراد المتعاليين على الآخرين.

الأصل من نرجس:

جاءت الكلمة وتداولت على أثر قصة في الميثولوجيا اليونانية القديمة التي تروي بأن أحد الأمراء كان قد رأى  انعكاس صورته على سطح الماء الصافي في أحد الأنهر أو البحيرات، فأعجب بنفسه كثيرا وتمعن في ذاته مليا وقرَّب للماء ووقع وغرق ومات، وفي مكان غرقه كانت قد نبتت زهرة النرجس، وسميت الحالات المشابهة لعشاق أنفسهم" النرجسيين".

السيكولوجية للإنسان تعرف النرجسية:  

د. نبيل جرايسي أخصائي نفسي

- النرجسية الفسيولوجية الطبيعية.

- النرجسية المرضية

ففي تكوين الإنسان النفسي الأول يمر بنرجسية فسيولوجية طبيعية يكون بحاجة لها حتى يتجاوز المرحلة التكوينية الأولى، وينطلق إلى المرحلة الأخرى. وهي مُستقاة من حب الأهل للأطفال.

ماذا يعني هذا:

حين يلمس الطفل ويشاهد ويرى كم المحبة في عيني أهله وخاصة الأم، ليس فقط المحبة إنما الانبهار والإعجاب الزائد والشديد والعميق، (نتذكر المثل الذي يقول القرد في عين أمه غزال) هذا البريق في عبون الأهل، يجعله لا يرى في الحياة إلا نفسه وذاته هو الأهم ومركز العالم،  هذه النرجسية الأولى التي تكون بعد جيل السنتين، هذه نرجسية فسيولوجية ضرورية وظبيعية. واحدة من الآليات الدفاعية النفسية التي نستعملها في حياتنا في مرحلة التنشئة الأولى النفسية والجسدية والجنسية وهي طبيعية وعادية.

النرجسية في الأطفال

النرجسية المرضية:

عندما يزيد الشيء عن حده، وهنا سؤال الكم، النرجسية الفسيولوجية تكون في حدود الكم العادي، وحين تفيض النرجسية خارج الحدود الفسيولوجية الطبيعية، فهي تعكس معاناة نفسية معينة عند الإنسان وتغطي على نواقص معينة في داخله، وتصبح النرجسية لا تعكس الواقع الحقيقي لحامل الصفة، فبدل استثمار المشاعر والحب للآخرين، نراه  يستثمر ذلك في حبه لنفسه، فالنرجسي من الصعب ان يحب الآخرين، ويستثمر كل الطاقة الشبقية لديه في ذاته فقط.، هذه حالة مرضية.

تصرفات النرجسي مع الآخرين: 

صعوبة في علاقاته مع الآخرين والعلاقات الثنائية أيضا، فهو لا يقبل الانتقاد والملاحظات والتعليمات، ولا يرى احدا إلى جانبه، ومساويا له وانما الكل أقل منه، وهذا يخلق صراعا دائما وصدامات مستمرة مع الآخرين.

الأنانية والنرجسية:

هما ظاهرتان مختلفتان ولكن النرجسية فيها الكثير من الأنانية.

 معروف ان النرجسي هو أناني أيضا، كل إنسان لديه صفة الأنا والأنانية لحد معين، ولكن النرجسي يرى أناه فقط.

 دور الأهل لتدارك النرجسية مستقبلا لدى الأولاد:

في مرحلة المراهقة نرى بناء علاقات اجتماعية مع بعض الأصحاب في المجتمع، الأولاد والبنات والزملاء وأصدقاء الشارع والنادي والحارة، والنرجسي دائما في صراع وصدام مع الأخرين، صعب عليه الاندماج، والأصعب أن هناك حالة دائمة من تحييده من قبل الأخرين وعدم قبولهم له، وعادة هذه النوعية من النرجسية مبتَعَدَة دائما عن الآخرين، هنالك صعوبات سلوكية ولا يبنوا علاقات سليمة، وهناك ملاحظة صعوبة في بناء علاقات ندية مع الآخرين وإنما هم بالمركز والمسيطرين وفي خدمة أناهم وليس في بناء العلاقة الثنائية.

- هذه مشكلة سلوكية، عادة نرجسية الأولاد تكون من نرجسية الأهل وهذه النرجسية تُبنى في السنوات التكوينية النفسية الأولى من تطور الطفل، عادة السنة الثانية والثالثة من عمر الإنسان، وحسب السيكولوجية ميلاني كلاين تبنى في السنة الأولى.

- النرجسية إذا حاول الأهل التعرف عليها ومعرفتها عن طريق مستشارين تربويين فسوف يخففون عن الأولاد معاناة نفسية كبيرة لاحقا من هذه الظاهرة.

- معادلة النرجسية بين الأولاد والأهل،

 في  مرحلة التكوين للأبناء، ممكن ان يكون البناء مشابها وموازيا للتكوين النفسي للأهل، فإما أن يكون الولد متماهٍ مع النرجسية للوالدين، أوغير متماهٍ بل بالعكس تماما، كردة فعل على نرجسية الأهل.

النرجسية كوسيلة دفاعية:

"ميلاني كلاين" تقول أن النرجسية هي آلية دفاعية نفسية، فخوفنا من التعلق بالآخر، وهذا يعني أن الآخر مهم اكثر مني، ممكن شخصية الأم أو الأب  وغيرهم، ولكي لا نشعر بأنهم أهم نخبئ هذا الشعور وراء النرجسية. 

مهم التنويه

كل الظواهر موجودة في عالمنا الأنانية والنرجسية والتعلق والإنكار وهي موجودة كفسيولوجية عادية المهم هنا الكم، فإذا زاد عن حده يكون الأمر مرضيا. 

أجرت اللقاء هاتفيا: سوسن غطاس موقع والدية برعاية عرب 48

 

التعليقات