27/06/2015 - 21:00

سيف الرزقي: مشجّع الريال الذي أصبح .... مجرمًا!

حياته تشبه كلّ منّا، لم يترعرع في المِغار والوديان، يتلفّح لهيب الشمس، بل نشأ فردًا في أسرة عاديّة سخت عليه ليصبح طالبَ هندسة كهرباء والكترونيكا في جامعة القيروان، وتخرّج منها العام الماضي مع شهادة بكالوريوس، وهو الآن، أو قل، حتّى أمس الأ

سيف الرزقي: مشجّع الريال الذي أصبح .... مجرمًا!

حياته تشبه كلّ منّا، لم يترعرع في المِغار والوديان، يتلفّح لهيب الشمس، بل نشأ فردًا في أسرة عاديّة سخت عليه ليصبح طالبَ هندسة كهرباء والكترونيكا في جامعة القيروان، وتخرّج منها العام الماضي مع شهادة بكالوريوس، وهو الآن، أو قل، حتّى أمس الأول، طالب ماجستير في الجامعة عينها، يدرس الهايتك ليلاحق عصر التطوّر.

لا يعترف سيف الدين الرزقي بكل ذلك، إذ يُصرّ على أنه درس العلوم الشرعيّة في معهد الإمام مالك للعلوم الشرعيّة في تونس العاصمة، التي تعرّف نفسها على أن من جملة أهدافها: ' لمساهمة في نشر وتأصيل مبادئ الإسلام وقيمه السمحة في المجتمع، ونشر الأخلاق الفاضلة'.

والسؤال الذي يبرز الآن، كيف تحوّل هذا الشاب 'البسيط'، لمرتكب لواحدة من أفظع الجرائم في تاريخ تونس الحديث، إذ أسقط هجومه الدامّي، أمس الجمعة، 37 ضحيّةً، في حدث هزّ الرأي العام العالمي.

وفي حياته الشخصيّة، أيضًا، لا يضع سيف الدين صورةً شخصيّة في حسابه على الفيسبوك، بل صورة سيفٍ أرادها رمزًا لاسمه، أما صورة الغلاف، فقد وضع فيها شعار: ' إذا كان حب الجهاد جريمة، فليشهد العالم أني مجرم'؛ إضافةً لنشره أفلام قصيرة من صنع تنظيم الدولة، أو مؤسستي الفرقان والملاحم.

في عامي 2011 و2012، كان سيف إنسانًا آخر، كان يعشق الابتسامة، ومن مشجّعي الفريق الملكي ريال مدريد، يستمع لموسيقى تامر حسني، فضل شاكر، نجاة الصغيرة وصولًا للأميركي إيمينيم، وكان بين الفينة والأخرى وفي المناسبات الدينيّة العامّة كالأعياد، ينشر فيديوهات تحثّ على عد ترك الصلاة والصوم، وطلب المغفرة من الله.

استمر في ذلك حتّى العام 2013، إذ كان ينشر مقتطفات موسيقيّة وكوميديّة على صفحته الافتراضيّة، إضافةً لمقاطعَ ومقتطفات لأقوال مؤثّرة... حتّى جاء العام 2014، وبدأ سيف الدين، الذي غيّر اسمه لـ 'سيف'، يمجّد بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، حتّى قبل إعلانه 'الخلافة'، وبدأ ينشر تقاريرَ عنه، وعن الحياة تحت حكمه، حتّى أنه نشر تقرير لمراسل 'سي أن أن' إبّان زيارته لمناطق تخضع لسيطرة التنظيم.

سيف الرزقي، الذي حاول فرض خصوصيّةً شديدة على حسابه، حيث لا صورَ له، وعدد أصدقائه لا يتجاوز الـ150 صديقا؛ لم يُعرف في تونس على أنه ناشط سياسيّ، أو منتمٍ لأحد الأحزاب، إنه شاب مغمور، أدار معركته في صفحات الويب، من وراء المحيطات، تلّقى إيهابًا بهدايته لطريق الجنّة، وكان ما كان...

سيف وقصّته الغريبة، تثير أسئلةً حول نجاعة مراقبة المواقع التابعة لتنظيم الدولة في تونس، وفي العالم العربي، خصوصًا، مع التمعّن في حياته الخاصّة، لا يبدو شخصًا هيّنًا، فكيف يختار داعش مريديه وناشطيه، هل كل ذلك ابن صدفة محضة؟

التعليقات