25/09/2016 - 22:02

ناهض حتر: اغتيال لا ينهي الجدل

وولد ناهض حتر وهو الديانة عام 1960، ودرس الفلسفة في الجامعة الأردنية، وحصل على درجة الماجستير فيها، وهو محسوب على التيار اليساري في الأردن، وكان أحد ناشطي الحزب الشيوعي الأردني، منذ جلوسه على مقاعد الدراسة الجامعية.

ناهض حتر: اغتيال لا ينهي الجدل

عُرف الكاتب الصحافي الأردني ناهض حتر، الذي قتل رميًا بالرصاص، صباح الأحد، بانتقاده اللاذع في كتاباته لما يسمى 'الإسلام السياسي'، والتي تعدت مرحلة النقد، حين أعاد نشر الرسم الكاريكاتيري، الذي اعتبره البعض يسيء للذات الإلهية، الأمر الذي أحدث ضجة في المجتمع انتهت بإيداعه السجن، بعد أن تكاثرت الدعوات لقتله عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي.

وانفرد حتر، بكتاباته المثيرة للجدل، في ما يخص قرار فك ارتباط الأردن بالضفة الغربية المحتلة عام 1967، وكان من دعاة 'دسترة' قرار فك الارتباط، وأثار في أكثر من مرة لغطا كبيرا حول المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني، ومدى 'قانونية' حملهم الجنسية الأردنية، الأمر الذي اعتبر 'مسا خطيرا بالوحدة الوطنية'، وجمع جراء هذا الموقف عددا كبيرا من المعارضين لمواقفه تلك.

>> بروفايل

ولد حتر عام 1960، ودرس الفلسفة في الجامعة الأردنية، وحصل على درجة الماجستير فيها، وهو محسوب على التيار اليساري في الأردن، وكان أحد ناشطي الحزب الشيوعي الأردني، منذ جلوسه على مقاعد الدراسة الجامعية.

وناهض حتر، الموقوف عن الكتابة في الصحافة الأردنية منذ أيلول/ سبتمبر 2008، يرتبط بعلاقة وطيدة مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ومع أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وقد كان من ضمن وفد أردني مؤيد التقى الأسد في أوقات سابقة.

وللكاتب العديد من المؤلفات التي تظهر توجهه الفكري والسياسي، منها دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني، والخاسرون: هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟، وفي نقد الليبرالية الجديدة: الليبرالية ضد الديمقراطية، ووقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التسعينيات، والملك حسين بقلم يساري أردني، والمقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ، والعراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأميركي.

وفي 13 آب/ أغسطس الماضي، قرر مدعي عام عمان الأول إسناد اتهام 'إثارة النعرات المذهبية والعنصرية' لحتر، على خلفية 'نشره رسمًا مسيئًا للذات الإلهية عبر صفحته على فيسبوك'.

وكان الكاريكاتير بعنوان 'رب الدواعش'، ما أثار جدلا واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن حتر حذف المنشور من صفحته، بعد أن أكد أن الرسم 'يسخر من الإرهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الارهابيون'.

وفي 8 أيلول/ سبتمبر الجاري، أفرجت السلطات الأردنية عن حتر بكفالة مالية بعد احتجازه لنحو أسبوعين، تحت ضغط الشارع الأردني، وناشطي شبكات التواصل الاجتماعي، وتدهور صحّته، إذ يعاني حتر من تبعات تعرضه للاغتيال في ثمانينيات القرن الماضي، سبّبت آلامًا مزمنة في جهازه الهضمي، بالإضافة إلى قصور في عمل الكلى.

واليوم، وأثناء توجهه لحضور جلسة في المحكمة، قتل حتر رميًا بالرصاص، أثناء تواجده أمام قصر العدل، وسط العاصمة عمان، ووفق بيان للأمن العام الأردني، فتم إلقاء القبض على القاتل.

>> تخطيط سابق

من جهته، قال مصدر قريب من التحقيق، إن 'القاتل الذي يعمل مهندسا بوزارة التربية والتعليم، أفاد خلال استجواب المدعي العام له، بأنه كان قد خطط لارتكاب الجريمة منذ فترة وأنه لم يكن يعرف أو يسمع بالكاتب حتر، وأنه قام بالبحث عن صورته على شبكة الإنترنت بعد إعادة نشره الكاريكاتير على صفحته على فيسبوك'.

وأضاف المصدر، الذي لم يشأ كشف هويته، أن 'القاتل أبلغ المدعي العام أنه علم بموعد عقد جلسة محاكمة من خلال المواقع الإلكترونية، وأنه قام بشراء مسدس قبل أسبوع، وتوجه إلى قصر العدل صباح اليوم، وظل ينتظر الكاتب حتر لقرابة ساعة، وعند مشاهدته له توجه نحوه وفتح عليه النار'.

وتابع أن 'العمل الذي قام به القاتل هو عمل فردي ولا يرتبط باي تنظيم إرهابي، وليس لديه أي ارتباطات بأي جماعة سواء كانت داخل الأردن أو خارجه'.

وكان الإعلامي محمد الجغبير، وهو صديق لحتر رافقه لحضور جلسة المحاكمة مع عدد من الأصدقاء ونجل حتر، صرح في وقت سابق، 'كنا نهم بالدخول إلى المحكمة بقصر العدل، صباح الأحد، حيث حددت جلسة محاكمة حتر عند الساعة 09:30'.

وأضاف 'بينما كنا نصعد درجات مدخل الباب الرئيسي للمحكمة، اقترب منا شخص ملتح يلبس دشداشة، أخرج مسدسا من كيس كان يحمله، وأطلق الرصاص على رأس حتر من مسافة صفر، فسقط حتر قبل أن يطلق القاتل رصاصات أخرى، بينما كنا مصدومين ونحن نرى إطلاق النار'.

وبحسب الجغبير 'لم يكن هناك حماية لحتر رغم أنه كان تعرض للتهديد وطلب توفير حماية من الأمن منذ بدء محاكمته'.

وأصيب حتر (56 عاما)، بمنطقتي الرأس والرقبة، ونقل جثمانه أولا إلى مستشفى لوزميلا، ثم إلى مستشفى البشير في عمان، حيث الطب الشرعي.

وأعلن مصدر قريب من عائلة حتر، أن 'عائلته سترفض تسلم جثمانه لحين ظهور نتائج التحقيق'.

وأضاف أن 'حتر سبق أن تلقى تهديدات بالقتل، وأنه كان خائفا على حياته، وكان يغير مكان إقامته بين فترة وأخرى'.

كما أدانت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مقتل حتر، ومثلها مركز حماية وحرية الصحافيين الأردنيين.

>> الاغتيال والتواصل الاجتماعي

وكان ناشطون أردنيون قد تداولوا عبر موقعي التواصل الاجتماعي 'فيسبوك' و'تويتر'، مقطع فيديو صور قبل يومين من اغتيال حتر، بحسب قولهم، للكاتب ناهض حتر، يقول فيه إن الملك الأردني، الملك عبد الله الثاني، فقد شرعيته.

ويقول حتر، في مقطع الفيديو المتداول، إن 'الهاشميين في وقت من الأوقات كانت لهم علاقة قوية بالبعد الذي يتعلق بشرعية الإسلام وشرعية العلاقة ببيت الرسول'.

وأشعل اغتيال حتر شبكات التواصل الاجتماعي، ما بين مؤيد ومعارض، وأعاد بعض المغردين نشر الرسم الكاريكاتيري الذي نشره حتر، كنوع من 'التضامن' معه، ورفضا لقتله، وحذر مغردون من التعامل مع مقتل حتر باعتبارها قضية طائفية، في مجتمع يتميز بالتعايش التام بين المسلمين والمسيحيين، حيث لم تشهد البلاد أي نوع من الفتن الطائفية، التي شهدتها بلاد أخرى متعددة الأديان.

>> وقفة احتجاجية

وفي بلدة الفحيص غرب عمان والتي تنحدر منها عائلة حتر، نظم عشرات من أبناء عشيرته وأقاربه، وقفة احتجاجية للتنديد بمقتله.

وقال شقيق ناهض حتر، ماجد، 'أحمل رئيس الوزراء ووزير الداخلية والأجهزة الأمنية التي لم تحم شهيدنا البطل' المسؤولية.

وأضاف 'لقد قتل ناهض حتر بدم بارد بباب المحكمة، بباب أكبر مؤسسة للعدل في الأردن'.

التعليقات