المحكمة العليا الاميركية تأمر بتحرير 30 مليون دولار تابعة لسلطة النقد الفلسطينية

المحكمة الفدرالية في رود ايلاند في الولايات المتحدة حجزت على الاموال الفلسطينية بناء على دعاوى قدمها اسرائيليون ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير

المحكمة العليا الاميركية تأمر بتحرير 30 مليون دولار تابعة لسلطة النقد الفلسطينية
اعتبرت سلطة النقد الفلسطينية قرار محكمة نيويورك بالإفراج الفوري عن أموال السلطة الفلسطينية المحجوزة في بنك نيويورك والتي تقدر بحوالي 30 مليون دولار كسباً مهماً ليس لسلطة النقد فقط ولكن أيضاً للجهاز المصرفي الفلسطيني ولمستقبل التنمية المالية والاقتصادية في فلسطين.

ونجحت سلطة النقد الفلسطينية في عرض قضيتها أمام محكمة نيويورك واثبتت أن المبالغ التي تقدر قيمتها بثلاثين مليون دولار أمريكي تم حجزها بشكل غير قانوني بطلب من بنك نيويورك. ففي تاريخ 14 تشرين أول 2005 أصدرت القاضية شيرلي ويرنير كورنرايش قاضي المحكمة العليا لولاية نيويورك قراراها بالإفراج الفوري عن الأموال المحجوزة والسماح لسلطة النقد الفلسطينية بممارسة دورها الفعلي كبنك مركزي في المناطق الفلسطينية دون أية معوقات.

وكان النزاع قد نشأ حول تجميد المبلغ المذكور في شهر أيار 2005 عندما لجأ المحامون الذين حصلوا على حكم قضائي صدر عن المحكمة الفدرالية في رود ايلاند في الولايات المتحدة إلى المحكمة في نيويورك لتنفيذ الحكم القاضي لهم بتعويضات ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وآخرين. غير أن محكمة نيويورك أقرّت أن سلطة النقد الفلسطينية لم تكن طرفاً في تلك القضية كما لم تكن أيضاً طرفاً في أي ادعاءات اخرى. علماً بأن الدائنين الحاصلين على حكم قضائي هم أقارب الضحايا الذين قتلوا في عمليات عسكرية في المناطق المحتلة.

وفي محاولة منهم لتنفيذ القرار القضائي، قام الدائنون بتقديم تبليغات قانونية لبنك نيويورك في مدينة مانهاتن يدعون فيها أن أموالاً لدى البنك تعود للسلطة الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية ولوكيلهما على حدّ زعمهم سلطة النقد الفلسطينية. وبموجب هذه التبليغات كان على بنك نيويورك أن يحجز أية مبالغ لمصلحة هذه الأطراف. وبموجب هذه التبليغات والتي تم تسجيلها لدى محكمة نيويورك قام بنك نيويورك بتجميد عدد من الحوالات المالية المصرفية الناتجة عن عمليات المقاصة في أواسط شهر أيار الماضي والتي تمت وفقاً لتعليمات سلطة النقد الفلسطينية بما قيمته (30) مليون دولار، علماً أن سلطة النقد الفلسطينية تقوم بتسوية جميع الحوالات بالعملة الأمريكية للمعاملات المصرفية في فلسطين وفقاً للنظم المعتمدة دولياً وذلك من خلال بنك يخضع حكماً لرقابة البنك المركزي الأمريكي وهو بنك نيويورك في مدينة مانهاتن.

وقامت سلطة النقد الفلسطينية برفع الموضوع إلى القاضية كورنرايش بتاريخ 30 حزيران 2005، موضحة أن الدائنين لم يكن لديهم أي حق قانوني في الأموال موضوع الدعوى، وأن سلطة النقد الفلسطينية كهيئة إعتبارية مستقلة لا تعتبر مسؤولة عن الحكم الصادر عن محكمة رود ايلاند الفدرالية.

وحكمت المحكمة لصالح سلطة النقد الفلسطينية في جميع المسائل الجوهرية التي تمت مناقشتها في هذه القضية وألغت المحكمة الأمر الاحترازي الذي يقضي بتجميد أموال سلطة النقد كما قررت إلزام بنك نيويورك بالإفراج عن هذه الأموال وأجبرته بأن "يحترم جميع المعاملات الحالية والمستقبلية لسلطة النقد الفلسطينية والتي تتم من خلال بنك فلسطين الدولي أو أي وكيل آخر يتم تعيينه من قبل سلطة النقد الفلسطينية".

وبشكل خاص فقد قررت المحكمة، وفقاً للقانون التجاري الموحد لنيويورك والذي يحكم الحوالات المصرفية، بأن الأموال المحجوزة لدى بنك نيويورك ليست ملكاً لسلطة النقد الفلسطينية، بل أن هذه الأموال تعود إلى بنوك خاصة تتخذ من المناطق الفلسطينية مركزاً لأعمالها. وقد ذهبت المحكمة إلى أبعد من ذلك وقررت أنه حتى وإن اعتبرت تلك الأموال ملكاً لسلطة النقد الفلسطينية وتم حجزها، فلا يملك الدائنون أي حق في هذه الأموال لأن سلطة النقد الفلسطينية ليست الوكيل المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية ولم تكن مدعىً عليها في قضية رود ايلاند الفيدرالية. وبناءً عليه، فقد قررت المحكمة أنه لا يمكن مطالبة سلطة النقد الفلسطينية بتسديد المستحقات المتعلقة بقضية رود ايلاند.

وبالاقتباس عن المحكمة العليا في الولايات المتحدة، فقد قررت القاضية كورنرايش أن سلطة النقد الفلسطينية أثبتت أنها مؤسسة مالية موثوق بها، وتمكنت بشكل ناجح خلال هذه المرحلة الحاسمة لهذه القضية من تقديم االأدّله المقنعة على استقلاليتها ومهنيتها في ممارسة نشاطاتها الرقابية والمصرفية. وقد أعلنت القاضية كورنرايش "أن سلطة النقد ينطبق عليها قرار محكمة العدل العليا في الولايات المتحدة كونها من بين الهيئات ذات شخصية إعتبارية تنطبق عليها جميع ميزات المؤسسات المستقلة وفقاً للأعراف الدولية.

ويعتبر هذا القرار بمثابة مكسب مهم لسلطة النقد الفلسطينية ويمكن اعتباره نقطة تحوّل مفصلية في تعزيز استقلالية سلطة النقد ومكانتها الدولية وفي تدعيم الأسس القانونية التي يمكن أن تنطلق منها سلطة النقد في تطوّرها نحو البنك المركزي الكامل الصلاحيات للدولة الفلسطينية المستقلة.

التعليقات