فند أستاذ التربية المقارنة الدكتور محمد عيسى فهيم مسوغات المخاوف التي تهدد التربية الأخلاقية في زمن العولمة التي وجه لها نقدا قويا واصفا إياها بقوله: العولمة التي تمثل نقلة نوعية في التطور الرأس مالي قد سعت إلى كسر الحدود والحواجز بين الدول لإقامة سوق كونية اقتصادية حرة تعتمد على معايير وأسس موحدة تسهل تدفق وانتقال رؤوس الأموال والاستثمارات والقوى العاملة والسلع والثقافة والمعلومات والرموز والصور عبر الدول بسلاسة ودون قيود أو عوائق.
وأضاف: الحديث عن ظاهرة العولمة كمرحلة تاريخية ونقلة نوعية في حياة البشرية أصبح القضية الكبرى التي تشغل أكثر المعنيين بالمسائل الفكرية والمجال الاجتماعي والاقتصادي والتربوي قد نشر المئات بل الآلاف من النشرات والكتب والأبحاث التي تناقش وتعالج هذا المفهوم المخاتل والملتبس والتي تحاول أن ترصد تأثيره على كل جوانب وأوجه الحياة.
وحذر من خلال دراسة علمية مطولة من سيطرة قيم السوق والاستهلاك والكسب السريع كواحدة من أبرز إفرازات قوى العولمة وآلياتها التي تهيمن بشكل كبير على الثقافة والمعلومات والمنتجات الفكرية ووسائل الإعلام وتسخرها لخدمة مصالحها وزيادة مكاسبها المتفاقمة، فلم تصل فوائد الثقافة وتكنولوجيا المعلومات إلا إلى القلة من شعوب العالم وأكثرهم من الدول الصناعية الغنية، فاستخدام الإنترنت مازال مقصورا على 5% من سكان العالم و88% منهم يعيشون في الدول الرأسمالية الكبرى.
كما وقف على أن العولمة لم تقدم حلولا للمشكلات الملحة التي تقلق البشرية كالفقر والبطالة والفساد والانحدار الأخلاقي والتلوث البيئي بل ساهمت في تفاقمها وازديادها نتيجة احتفائها بالجسد والمتع الغرائزية وبالخيار الفردي الاستهلاكي المنفلت من أي قيد اجتماعي وتهميشها وتخريبها للقيم الاجتماعية والأخلاقية والفنية والجمالية الإنسانية الراقية، فالثقافة الاستهلاكية التي تروج لها العولمة من خلال الإعلام وكل قنوات الاتصال تعمل رغم الممانعة والرفض من قبل كثير من المنتمين إلى الثقافات المختلفة على تفريغ هذه الثقافات من مضمونها الإنساني والجمالي وجعلها تحت خدمة السلعة، أي تسليع الثقافة.
ويشرح ذلك مشيرا إلى أن الفرد في مجتمع العولمة يخضع باستمرار لقيم وقوى السوق التي تسعى إلى تدجينه وإخضاعه لعالمها، عالمها الوهمي الافتراضي الذي يتخطى الحدود الوطنية والقومية بالاعتماد على الصور الرمزية والمعلومات والإعلانات التي تحاصر هذا الفرد ليل نهار، ولا تعطي له الفرصة للتفكير فيما هو إنساني وراق وجوهري.
وركزت الدراسة على احتياج المجتمع البشري الآن إلى التكاتف والتعاون من أجل بناء مجتمعات إنسانية أكثر عدلا ورحمة ومساواة واحتراما. وتثمينا للإنسان والحياة الإنسانية. مبينة أن العولمة المفروضة من قبل الرأسمالية الكبرى لا تعطي اهتماما يذكر للمسألة الأخلاقية والمبادئ الإنسانية العليا، بل إن مشروعها الرأسمالي المادي التوسعي يتم على حساب الإنسان وقيمه ومستقبله.
31/10/2010 - 11:02
دراسة علمية: الكسب السريع واحدة من أبرز إفرازات العولمة وآلياتها
-

التعليقات