الاقتصاد اللبناني أمام خيارين لا ثالث لهما: الإصلاح أو الانهيار

بالتزامن مع الاحتفال بمرور 75 عاما على الاستقلال بتنظيم عرض عسكري في بيروت، يعتقد الكثير من اللبنانيين القلقين أن هناك سببا للاحتفال؛ فالبلاد التي تعاني من الفساد تقترب من الانهيار بشكل خطير، ويؤدي التشاحن السياسي لتهديد الحصول على 11 مليار

الاقتصاد اللبناني أمام خيارين لا ثالث لهما: الإصلاح أو الانهيار

(أ ب)

بالتزامن مع الاحتفال بمرور 75 عاما على الاستقلال بتنظيم عرض عسكري في بيروت، يعتقد الكثير من اللبنانيين القلقين أن هناك سببا للاحتفال؛ فالبلاد التي تعاني من الفساد تقترب من الانهيار بشكل خطير، ويؤدي التشاحن السياسي حول الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة إلى تهديد الحصول على 11 مليار دولار من مانحين دوليين.

وأصدر البنك الدولي تحذيرا شديد اللهجة الأسبوع الماضي، حيث قال أحد مسؤوليه "ما لم يتم تشكيل حكومة في وقت قريب لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، فإن لبنان الذي نعرفه سيتلاشى".

ومضت أكثر من ستة أشهر على إجراء أول انتخابات وطنية لبنانية منذ تسع سنوات، لكن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، لم يشكل بعد حكومة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية للحصول على أموال المانحين.

ولم يفعل التصويت، الذي حقق فيه "حزب الله" وحلفاؤها مكاسب كبيرة، شيئا يذكر لإخراج لبنان من المأزق السياسي.

ويتراكم غضب اللبنانيين من حالة اللامبالاة الواضحة لدى السياسيين، وتفاقم سوء الخدمات العامة، والضائقة بشأن التدهور المالي المتصاعد والتنبؤات القاتمة.

وتسببت الأمطار الغزيرة، يوم الجمعة الماضي، في اجتياح مياه شبكة الصرف الصحي لبيروت، ما حول الطريق الساحلي الشهير على البحر المتوسط في المدينة إلى نهر من المياه السوداء القذرة ذات الرائحة الكريهة.

وفي نفس اليوم، أغلق الجيش طريقا رئيسيا قبل العرض العسكري في عيد الاستقلال، ما أدى لشل حركة المرور لساعات.

لم يستطع كثير من المسافرين اللحاق بطائراتهم في مطار بيروت الدولي، وحوصرت امرأة حامل شعرت بآلام الولادة وسط زحمة السير ولم تتمكن من الوصول إلى المستشفى. قدم الجيش اعتذارا فيما بعد.

رغم أن عدد سكان البلاد يصل إلى أكثر من 4.5 مليون نسمة بينهم النسبة الأكثر تعليما في المنطقة، فإن لبنان لا يزال يمتلك بنية تحتية بدائية وتنقطع الكهرباء وإمدادات المياه بشكل متكرر، بالإضافة لأزمة تراكم النفايات في الشوارع.

وفي هذا السياق، يقول صاحب متجر في منطقة الحمرا ببيروت، محمد الريس، إن "الأجواء غير مناسبة للاحتفال بعيد الاستقلال لأن الفساد يأكلنا. الأيام القادمة ستكون صعبة للغاية".

واجهت الدولة العربية الصغيرة العديد من الأزمات السياسية والأمنية على مدى العقود الماضية، كما عانت من أهوال الحرب في جارتها سورية المستمرة منذ سبع سنوات، وهو نزاع امتد من حين لآخر عبر الحدود وجلب أكثر من مليون لاجئ سوري إلى لبنان، ما شكل المزيد من الضغط على البنية التحتية المختلة.

ويثير دين متنامي قدره 84 مليار دولار ومعدل بطالة يعتقد أنه حوالي 36% المخاوف من أن تتراجع البلاد.

بدوره، قال نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، خلال اجتماعه مع مجموعة من الصحافيين الأسبوع الماضي، "إنه مؤسف لأن الكثير من الوقت يضيع".

وأضاف أنه على مدار سنوات، كان المسؤولون اللبنانيون يعدون بالعمل على حل أزمة الكهرباء، التي تكلف البلاد نحو ملياري دولار سنويا، كما أنها العنصر الرئيسي في تراكم الدين اللبناني.

ومن المخاوف الملحة، مستقبل 11 مليار دولار من القروض والمنح تعهد بها المانحون الدوليون في اجتماع في باريس في نيسان/ أبريل الماضي، والتي يمكن أن يخاطر لبنان بفقدانها إذا لم تشكل حكومة قريبا للسماح بالتمويل والموافقة على الإصلاحات التي وضعها المانحون كشروط، والتي تأجلت لسنوات. وفي نيسان/ أبريل الماضي، تعهد الحريري بخفض عجز الموازنة بنسبة 5 بالمائة على مدار السنوات الخمس المقبلة.

ودفعت الأزمة بعض اللبنانيين لتغيير مدخراتهم من العملة المحلية، التي تنخفض أمام الدولار الأميركي بصورة متواصلة منذ 1997، إلى الدولار الأميركي خشية انهيار العملة اللبنانية. ولطالما حاول محافظ البنك المركزي، رياض سلامة، تطمين الأسواق، قائلا إن العملة المحلية مستقرة.

في حين صرّح رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة، محمد شقير، لقناة "إم تي في" المحلية، إن 2200 شركة أغلقت أبوابها حتى الآن هذا العام.

ويقول الخبير الاقتصادي، كامل وزنة، "مستوى الدين لدينا في لبنان يتطلب منا التحرك بسرعة جدا. أي تأجيل سيعرضنا لانهيار مالي".

من جانبه أوضح بلحاج، من البنك الدولي، أن الإصلاحات ستمثل عازلا أمام الأزمة. لكن في غيابها، "ستكون الأزمة قبيحة للغاية، إذا لم ننفذ هذه الإصلاحات سريعا، فسيختفي لبنان لذي نعرفه."

التعليقات