خبراء: التنافس الصيني الأميركي قد يقسم العالم لقسمين

يسود التوتر والتنافس الحاد على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في عهد دونالد ترامب، الأمر الذي يناقض المقاربة الهادئة التي اعتمدها الغرب حتى الآن مع الصين، ويهدد بإحداث شروخ في العالم لا يمكن التنبؤ بها بعد، وفق خبراء.

خبراء: التنافس الصيني الأميركي قد يقسم العالم لقسمين

توضيحية (أ ب)

يسود التوتر والتنافس الحاد على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في عهد دونالد ترامب، الأمر الذي يناقض المقاربة الهادئة التي اعتمدها الغرب حتى الآن مع الصين، ويهدد بإحداث شروخ في العالم لا يمكن التنبؤ بها بعد، وفق خبراء.

وقالت المسؤولة عن شؤون الصين في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "إيفري" أليس إيكمان، إنه من الحرب التجارية إلى التوترات في بحر الصين "دخلنا في فترة من التنافس القوي والطويل الأمد بين الصين والولايات المتحدة".

ومن جانبه، يرى الأستاذ في مركز أبحاث السياسات الهندي براهما تشيلاني أن "هناك تحولاً في السياسة الأميركية ستكون له انعكاسات كبيرة على أهم علاقات ثنائية في العالم، وأبعد من ذلك، على الأمن العالمي".

وأضاف "من ريتشارد نيكسون إلى باراك أوباما، ساعد الرؤساء الأميركيون المتعاقبون في ظهور الصين كقوة اقتصادية".

لكن العلاقات آخذة بالتغير مع دونالد ترامب. إذ بعد تقويض النظام المتعدد الأطراف الذي يهيمن عليه الغرب منذ فترة ما بعد الحرب، أطلق الرئيس الأميركي المرحلة الثانية من صاروخه الجيوسياسي، ألا وهو مواجهة الصين التي يزداد نفوذها قوة، بما في ذلك شن حرب تجارية شرسة عليها عبر فرض رسوم جمركية مرتفعة، اعتقادًا منه بأن سياسة التوفيق التي اتبعها الرؤساء السابقون ألحقت الضرر ببلاده.

وتابع تشيلاني قائلا إن التغيير الأميركي عميق و"سيستمر إلى ما بعد" رئاسة دونالد ترامب لأن هناك "إجماعاً في واشنطن على أن السياسة السابقة المتمثلة في "التعامل البناء" (مثلما أطلق على سياسة الرئيس كلينتون) مع الصين فشلت ويجب استبدالها" باعتماد نهج أكثر تشددا.

وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز آسيا الفرنسي جان فرانسوا دي ميغليو إن ترامب يعتبر أن انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 كان "خطأ مميتاً".

وأضاف "في السنوات التي سبقت عام 2001، كان لدينا إدارة صينية تلعب لعبة التمثل بالغرب، ما حدا بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى القول: دعونا نفترض حسن النية لديهم، دعونا نفتح لهم الأبواب ونمنحهم وضع الاقتصاد الناشئ" في منظمة التجارة العالمية.

وتابع أن "الصين تعتبر هذا انتصارا هائلا، فمنذ عام 2001، سجلت فوائض تجارية مفرطة وراكمت احتياطيات العملة".

ولا يتوقع أن لسياسة دونالد ترامب عواقب سلبية هائلة بالنسبة للولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنها لا تخلو من المخاطر نظرا لقوة الصين الاقتصادية والتوسع الكبير لنفوذها الجيوسياسي العالمي.

وعلّق دي ميغليو قائلا أن "إذلال الصينيين يعني وضع خلفاء (دونالد ترامب) أمام مشكلة كبيرة مع الصين، وهي ليست كوريا الشمالية واليابان وكندا وأوروبا أو المكسيك"، وكلها أطراف جيوسياسة أقل ثقلاً، إذ يسيء ترامب معاملتها دون مشكلة.

وفي تحليلات نقلتها "فرانس برس"، يتضح أنه حتى وإن لم تتسع الحرب التجارية، فإن بذور الشقاق تبدو عديدة، وإن كان الخبراء لم يبدوا حماساً لفكرة الاتجاه نحو "فخ ثوسيديدس" الذي نظَّر له الأميركي غراهام أليسون والذي يعني أن أي قوة ناشئة جديدة (الصين) لا بد أن تدخل في نزاع في وقت ما مع القوة المهيمنة (أميركا).

وقالت إيكمان إنه "على المدى الطويل، نتوقع ظهور قطبين متنافسين وشكلين مختلفين من العولمة"، يتبع كل منهما لزعيمه ويسيران في مسارين متوازيين.

وأضافت أن "الاستقطاب في العلاقات الدولية قد يولد شكلاً جديداً من المنافسة بين شبكات البنية التحتية والأحكام والمؤسسات الدولية، وما إلى ذلك".

وقال دي ميغليو حول هذا الموضوع "إذا صنعت قمراً صناعياً في أوروبا للصين، فأنت مضطر لاستبدال كافة المكونات التي يمكن أن يستخدمها الأميركيون. تخيل الشيء نفسه في الاتصالات الهاتفية والسيارات وفي كثير من القطاعات، مع انقسام العالم على امتداد خطوط لا يمكن لنا رسمها".

ويتساءل "هل ستمر عبر ألمانيا؟ عبر أوروبا الوسطى؟ عبر آسيا الوسطى؟".

ومن جانبها، قالت إيكمان "لدى الدول الأخرى خيارات في العروض، مسترشدة بميولها السياسية وقربها الجغرافي ونقاط ضعفها الاقتصادية إزاء أحد البلدين".

التعليقات