العملات الرقمية والجريمة.. "بيتكوين" أكثر شفافية من غيرها

ضٌبطت في الأعوام الأخيرة، عدّة عصابات حول العالم، بناء على نشاطاتها في عملة الـ"بيتكوين" الرقمية، كان آخرها تفكيك شبكة دولية مخصصة للاعتدا على الأطفال جنسيا، ما لفت إلى احتمال تزايد المخاطر في عالم العملات الرقمية

العملات الرقمية والجريمة..

توضيحية (pixabay)

ضٌبطت في الأعوام الأخيرة، عدّة عصابات حول العالم، بناء على نشاطاتها في عملة الـ"بيتكوين" الرقمية، كان آخرها تفكيك شبكة دولية مخصصة للاعتدا على الأطفال جنسيا، ما لفت إلى احتمال تزايد المخاطر في عالم العملات الرقمية.

وذلك يأتي في ظل محاولات مجموعة التواصل الاجتماعي العملاقة "فيسبوك" دخول ساحة العملات المشفّرة عبر إطلاق عملتها الرقمية "ليبرا"، مواجهة اعتراضات شديدة، خصوصا من قبل وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشن، الذي حذر من مخاوف تبييض الأموال عبرها.

وقالت مادلين كينيدي من شركة "تشين أناليسيس" للأبحاث، إنه على الرغم من تشديد القواعد وتيقّظ السلطات، لا تزال الأنشطة غير القانونية المرتبطة بالعملات الافتراضية "ملحوظة".

وجاء في تقرير لـ"تشين أناليسيس" نُشر في كانون الثاني/ يناير الماضي، أن نسبة 1 بالمئة من التعاملات المالية التي جرت في 2018 باستخدام "بيتكوين"، وهي العملة المشفّرة الأكثر تداولا، كانت على ارتباط بأنشطة غير قانونية.

وتم إنفاق ما يعادل 600 مليون دولار باستخدام عملة "بيتكوين" عبر الإنترنت المظلم أو ما يعرف بالـ"دارك ويب"، الذي يضم مجموعة من الشبكات الخفية حيث تتم المتاجرة بمنتجات ممنوعة بينها الأسلحة والمخدرات.

وبالمقارنة، تقدّر العائدات العالمية جرّاء تهريب المخدرات بعدة مئات مليارات الدولارات.

وتعتقد كينيدي أن استخدام عملة "بيتكوين" لأغراض مخالفة للقانون مبني جزئيًا على "سوء فهم".

ولا يمكن مضاهاة سمعة العملة المشفّرة الأشهر في ما يتعلّق بالسرّية، إذ يتم تسجيل جميع التعاملات في قاعدة بيانات عامة لا يمكن تنقيحها يطلق عليها "بلوك تشين" أو "سلسلة الكتل".

لكنها تعد "أكثر شفافية من بعض المنظومات المالية التقليدية وخصوصًا النقدية"، بحسب كينيدي.

طرق استخدام العملاق الرقمية في عالم الجريمة

أعلنت السلطات البريطانية والأميركية الأسبوع الماضي عن أكثر من 300 عملية توقيف تمّت في 38 دولة في إطار تحقيق أدى إلى تفكيك شبكة غير مسبوقة لاستغلال الأطفال جنسيًا.

وأشار رئيس التحقيقات الجنائية في هيئة الضرائب الأميركية رون فورت، إلى أن المحققين حللوا البيانات المسجّلة على "سلسلة الكتل" ونجحوا في التعرّف على هوية الجهات التي أجرت التعاملات المالية باستخدام "بيتكوين".

لكن إذا كانت "بيتكوين" لا تزال العملة المفضّلة لدى المجرمين، إلا أنهم يلجؤون حاليًا إلى بدائل أقل شفافية على غرار "مونيرو" التي انطلقت عام 2014، بحسب الوكالة الأوروبية للتعاون بين أقسام الشرطة الجنائية في الدول الأوروبية (يوروبول).

وبإمكان مستخدمي "مونيرو" إخفاء هوياتهم إلى حين حاجتهم للتفاعل مع منصة تسويق مشفّر أو وضع أموالهم في "محفظة" تعد بمثابة حساب مصرفي للعملات الافتراضية.

وتثير الظاهرة قلق وزارة المالية الألمانية التي نشرت مؤخرا وثيقة حذّرت فيها من أن العملات المشفّرة التي تتيح إخفاء الهويات قد تتحول إلى "بديل حقيقي لـ'بيتكوين'".

وتستخدم مونيرو التي لا يزال رأس مالها أقل بـ160 مرّة من "بيتكوين" نظامًا معقّداً يجعل من تتبع التعاملات المالية "أمراً أكثر صعوبة".

وقال المحامي لدى "سيمونز آند سيمونز" والمتخصص بأسواق المال إمليين برنارد-ألزياس، إن مراقبتها مع ذلك ليست أصعب من تتبع الكثير من "الشركات الوهمية في الملاذات الضريبية العديدة".

وقال إنه "لطالما شهدنا ترتيبات قانونية وتقنية لإخفاء التحويلات المالية عن المحاكم"، مضيفًا أن الأموال النقدية وحدها هي التي "لا يمكن تعقبها إطلاقًا".

وبما أن "مونيرو" لا تسمح بالحصول على كميات كبيرة من الأموال، يشجّع ذلك المجرمين على تحويل أموالهم وبالتالي استخدام مزودي خدمات خاضعين لقواعد تكافح غسل الأموال.

وبخلاف العملات التي جعلت من إخفاء الهوية أبرز مميّزاتها لدى تسويقها، أعلنت "فيسبوك" مرارا خلال الأشهر الأخيرة بأن "ليبرا" ستبقى شفافة وستمتثل لقواعد السلطات.

وأفاد برنارد-ألزياس "من الواضح أن 'ليبرا' لن تكون مناسبة لغسل الأموال" رغم أنها ستحتاج على الأرجح بحسب كينيدي لاستخدام محللين في "سلسلة الكتل، لإرضاء الجهات التنظيمية".

التعليقات