أسواق الخليج المالية تتعرض لانتكاسة كُبرى وسط "حرب أسعار" نفطية

استمرت خسائر أسواق المال في السعودية ودول خليجية أخرى، اليوم الإثنين، لليوم الثاني على التوالي، في أسوأ ضربة تعهدها منذ عام 1991، جرّاء الهبوط الحاد بأسعار النفط

أسواق الخليج المالية تتعرض لانتكاسة كُبرى وسط

(أ ب)

استمرت خسائر أسواق المال في السعودية ودول خليجية أخرى، اليوم الإثنين، لليوم الثاني على التوالي، في أسوأ ضربة تعهدها منذ عام 1991، جرّاء الهبوط الحاد بأسعار النفط.

وجاء انهيار أسعار النفط في خضم "حرب أسعار" بدأتها السعودية بعد إخفاق الدول النفطية في التوصل إلى اتفاق لمواصلة خفض الإنتاج.

وتعرضّت سوق المال السعودية "تداول"، الأكبر في المنطقة، لخسائر قاسية حيث هبط المؤشر العام بأكثر من 9 بالمئة عند الافتتاح قبل أن يستقر عند تراجع بنسبة 6.1 بالمئة في منتصف النهار.

وتراجعت في بداية التعاملات قيمة سهم شركة أرامكو، عملاق النفط، بنسبة 10 بالمئة وهو مستوى قياسي، لتبلغ 27 ريالا.

(أ ب)

وخسرت أرامكو الأحد والاثنين أكثر من 270 مليار دولار من قيمتها التي باتت تتراوح عند 1.49 تريليون دولار، بعيدا عن مستوى تريليوني دولار الذي أصرّ عليه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل إدراج الشركة في السوق في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وكان سهم أرامكو هبط الاثنين إلى ما دون سعر الطرح الرئيسي وهو 32 ريالا (8.5 دولار)، لأول مرة منذ إدراج الشركة في البورصة في 11 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في أكبر عملية اكتتاب في التاريخ بقيمة 25 مليار دولار.

وتراجعت بورصة الكويت بنسبة 10 بالمئة ما اضطر السلطات المالية إلى وقف التعاملات فيها لليوم الثاني على التوالي، بينما سجّل مؤشر سوق دبي انخفاضا بنحو 8.3 بالمئة ومؤشر سوق أبوظبي تراجعا بنسبة 8.3 بالمئة.

كما تراجع مؤشّر سوق قطر بنسبة 9.7 بالمئة، وفي عمان والبحرين بأكثر من 5 بالمئة.

وجاءت الخسائر على وقع انهيار أسعار النفط التي تراجعت بأكثر من 20 بالمئة الاثنين، ما يشكّل ضربة موجعة لاقتصادات الخليج التي تعتمد على الخام كمصدر رئيسي لإيراداتها.

وتشهد موازنات دول المنطقة منذ 2014 عجزا متواصلا بسبب تراجع الأسعار.

وبلغ سعر برميل خام غرب تكساس 32 دولار منتصف النهار، وبرميل برنت 36 دولار. وبحسب وكالة "بلومبرغ"، فإنّ انهيار الأسعار هو الأكبر على مستوى العالم في يوم واحد منذ سنة 1991.

وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا، شريكتها الرئيسية ضمن تحالف "أوبك+"، أخفقت في التوصل الجمعة إلى تفاهم بشأن خفض إضافي في إنتاج الخام بغية وضع حد لتراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد.

واقترحت أوبك على موسكو وشركائها التسعة الآخرين خفضا جماعيا إضافيا بـ1.5 مليون برميل يوميا حتى لا يؤدي انتشار الفيروس إلى تقويض ما تمّ التوصل إليه العام 2017 للحفاظ على أسعار مستقرّة في سوق تشهد فائضا في الإنتاج، لكن روسيا رفضت ذلك.

وردّا على الموقف الروسي، أطلقت السعودية "حرب أسعار" السبت، فخفّضت أسعار النفط المطروح للبيع لديها إلى أدنى مستوياته خلال 20 عاما، في محاولة لتأمين حصّة كبيرة في السوق.

وخفّضت المملكة سعر بيع النفط الخام لشهر نيسان/ أبريل لزبائن آسيا بنحو 6 دولارات للبرميل مقارنة بآذار/ مارس، و7 دولارات للولايات المتحدة، وبين 6 إلى 8 دولارات لأوروبا الغربية ومنطقة البحر المتوسط حيث تبيع روسيا جزءا كبيرا من إنتاجها النفطي.

وقال الخبير في شؤون النفط في الخليج والمقيم في تكساس، أنس الحجي، إنّ "الرسالة التي يريدون توجيهها (السعودية) هي: مهما كلّف الأمر"، لكنه أشار إلى أن التعاون بين الدول النفطية قد يستعيد عافيته قبل اجتماعات أوبك المقرّرة في تموز/ يوليو.

ومنذ مطلع 2017 تعهّدت دول "أوبك+" بأن تخفّض الإمدادات في السوق بمعدّل 1.2 مليون برميل يوميا بهدف رفع الأسعار. وفي كانون الأول/ديسمبر، زاد الكارتل العدد 500 ألف برميل يوميا.

لكن تدابير جديدة أكثر صرامة باتت ضرورية إذ تعاني الإيرادات النفطية خصوصا من تباطؤ سريع فرضه وباء "كوفيد-19" على الاقتصاد الصيني، أول مستورد عالمي للنفط.

والاثنين، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة أن الاستهلاك العالمي للنفط سيتراجع هذا العام، للمرة الأولى منذ عام 2009، على خلفية الانتشار الواسع لفيروس كورونا المستجد.

وفي تقريرها الأخير الذي لم تحتسب فيه حرب الأسعار، خفضت الوكالة توقعاتها للطلب الحالي على النفط ب 1.1 مليون برميل يوميا، في سيناريو أول، فيما يواصل الفيروس الانتشار في أنحاء العالم، ما يعني انخفاضاً سنوياً طفيفا بنحو 90 ألف برميل في اليوم، للمرة الأولى منذ 11 سنة.

وتستند هذه التوقعات على افتراض أن الصين ستتمكن من السيطرة على تفشي الفيروس بحلول نهاية الشهر، لا سيما وأن إجراءات العزل في أماكن أخرى في العالم لها أثر أقل على الطلب.

التعليقات